السعودية “راجعة”… هل أخذ قطار عودة العلاقات اللبنانية الخليجية مساره الصحيح؟
كتب طوني عطية لـ “هنا لبنان” :
منذ انتكاسة العلاقات اللبنانية الخليجية مطلع العام الفائت، وسحب المملكة العربية السعودية سفيرها وليد البخاري من لبنان، أواخر تشرين الأول 2021 على أثر تصريحات وزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي، واستمرار المواقف العدائية لحزب الله، ظهرت مطلع الأسبوع الحالي، بوادر إيجابية في جدار الأزمة التي انعكست سلبياتها على لبنان، حيث رحّبت السعودية والكويت، بما تضمّنه بيان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بضرورة “وقف جميع الأنشطة اللبنانية التي تمس أمن واستقرار المملكة ودول الخليج العربية الأخرى والتزام حكومته بتعزيز التعاون مع الرياض”، التي أعربت بدورها عبر حساب خارجيتها على “تويتر” عن “أملها في أن يسهم ذلك في استعادة لبنان دوره ومكانته عربياً ودولياً، وأن يحظى الشعب اللبناني الشقيق بالإستقرار والأمان في وطنه والإنماء والإزدهار”.
فهل أخذ قطار عودة العلاقات اللبنانية الخليجية العربية مساره الصحيح، أم أن تعقيدات المشهد اللبناني الداخلي وانقساماته بين المحاور واختلال موازين القوى لصالح إيران، قد تعرقل جهود الرئيس ميقاتي وتمنيّات معظم اللبنانيين بأن ينعموا بحياة طبيعية في وطنهم، وفي علاقاتهم التاريخية مع المملكة السعودية؟
في اتصال مع “هنا لبنان”، يرى النائب السابق د. مصطفى علّوش أن “المشكلة الأساسية التي قطعت علاقات لبنان الرسمية مع السعودية لا تزال قائمة، ألا وهي الإحتلال الإيراني عبر ميليشيا حزب الله، متسائلاً “كيف يمكن للحكومة اللبنانية، ألا تسمح بمسّ أمن واستقرار الدول الخليجية، فيما أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في مواقفه الأخيرة، عدم تراجعه عن مهاجمة المملكة في حال استمرّت باعتداءاتها على اليمن؟”
واعتبر أن الحديث الذي أدلى به رئيس الجمهورية ميشال عون لصحيفة La Repubblica الإيطالية ودفاعه عن حزب الله، هو “في غير عالم، ولا يصبّ في مصلحة لبنان ولا يوحي بأن ذهنيّة التعاطي مع الخليج قد تغيّرت”.
بالعودة إلى تصريح الخارجية السعودية، التي أشادت فيه لأول مرّة، بكلام الرئيس ميقاتي، وما سيتبعه من خطوات عملية لتعبيد طريق العلاقات، أشار علّوش إلى أن “الترجمة السعودية حتى الآن، هي مساعدات مادية للجمعيات الأهلية الخيرية، والتي تبلغ نحو 36 مليون دولار، أما على المستوى السياسي، فلا تزال العقبات كبيرة طالما أن صاعق الإنفجار لا يزال بيد حزب الله وحلفائه القابضين على مصير الدولة والحكومة”.
وعن ربط الإنفتاح السعودي، بزيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإمارات العربية المتحدة، يرى “أن الصورة الأكبر مرتبطة بملف المفاوضات النووية في فيينا، حيث يبدو أن هناك محاولة خليجية للقول إنه إذا ذهب الغربيون (الولايات المتحدة الأميركية والأوروبيون) في تفاوضهم مع إيران، بمعزلٍ عن مصالح الدول الخليجية وأمنها، وعدم إيجاد حلّ لمسألة الميليشيات المسلحّة المرتبطة بها، فإنّهم (أي الخليج) سيوطدون علاقاتهم أكثر مع روسيا والمناطق الواقعة تحت سيطرتها وبالأخص دمشق، وأن هذه المحاولة قد جُرّبت في السابق من خلال معادلة (السين- سين) بين السعودية وسوريا”.
في الإطار ذاته، سأل علّوش “ماذا لو حصلت إيران نتيجة مفاوضاتها على 180 مليار دولار من أصولها المجمّدة، وعملت على تنشيط ميليشياتها وخلاياها النائمة في المنطقة، هل سيعزّز ذلك، فرص الحوار بينها وبين المملكة العربية السعودية حول اليمن الذي يشكّل شوكة في خاصرتها وخنجراً في ظهرها، والمناطق الساخنة في العراق وسوريا وصولاً إلى لبنان؟”
وفي سياق “الرجعة” الخليجية، يختم علّوش بالقول إنّ “المملكة ربما قامت بمراجعة ذاتية، واكتشفت أن ترك الفراغ سيؤدي حكماً، إلى سيطرة إيران على ما تبقى من مؤسسات الدولة اللبنانية وشرعيتها، خصوصاً أننا على عتبة الإنتخابات النيابية”. وعما إذا كانت السعودية ستدخل على خط المواجهة في لبنان من خلال دعم المرشحين السياديين، لم تتوفر لدى علوّش أي معطيات أو مؤشرات بانتظار عودة السفير البخاري إلى بيروت.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“ما في دولارات للقمح”… الأمن الغذائي أمام كارثة حقيقية وهذه هي الحلول! | في عيد مار مارون.. أين هم الموارنة اليوم؟! | العونيّون… من الفنيقيين إلى البعثيين؟ |