في يوم “كذبة نيسان” كلّ عام والسياسيّون بخير!
كتبت رنا الأمين لـ “هنا لبنان”:
“كذبة أبريل” (April’s fool Day) هي مناسبةٌ تقليديّةٌ في عددٍ من الدّول، اعتاد النّاس فيها خداع بعضهم البعض.
ومن المرجّح أنّ هذه العادة بدأت في فرنسا في العام 1582 مع الانتقال من التّقويم اليولياني إلى التّقويم الغريغوري الّذي نعرفه اليوم. ففي نهاية القرن السّادس عشر، عدّل البابا غريغور الثّالث عشر التّقويم فأصبح العام يبدأ في الأوّل من كانون الثّاني/ يناير، بعدما كانت العديد من المدن الأوروبية تحتفل بمطلع العام في الأوّل من نيسان/ أبريل.
فصار النّاس يطلقون تعليقاتٍ ساخرةً على من ظلّوا يحتفلون برأس السّنة حسب التّقويم القديم لأنّهم يصدّقون “كذبة أبريل”.
واليوم ينتشر هذا التّقليد لدى جميع الشّعوب تقريبًا ما عدا ألمانيا إذ يُوافق هذا اليوم ذكرى مولد الزعيم الألماني “بسمارك”، وإسبانيا لأنّه يومٌ مقدّسٌ دينيًّا فيها.
أمّا في لبنان فنحن ومع أنّنا نعيش في الكذب على مدار العام، إلّا أنّنا نخصّص هذا اليوم للمقالب والنّكات الّتي تُرفّه عنّا وتُخفّفُ عنّا القليل ممّا نُعانيه يومِيًّا.
أمنيات وأحلام اللبنانيين صارت تصلح لأن تكون كذبات نيسان، كأن نقول أصبح لدينا كهرباء، وعادت ليرتنا للاستقرار، وأصبح لدينا ضمانٌ صحيٌّ وتأمين شيخوخة، وصار لبنانُنا دولةً مدنيّةً تمنح المواطن عيشةً كريمةً دون أيّ اعتبارٍ إلى أيّ طائفةٍ أو حزبٍ ينتمي، وغيرها الكثير…
ولكن مهما كذب اللّبنانيّ فلن يصل إلى مستوى المسؤولين والسّياسيين الّذين يصحّ أن نعايدهم في مثل هذا اليوم، فأين من وعد اللبنانيين بالكهرباء 24/24؟ ألا يرى كيف أصبحوا يعيشون تحت رحمة المولّدات الخاصة في بلد العتمة؟ أين من وعد بالإصلاح والتغيير؟ إلى أين “كمّلنا وما حدا وقّفنا”؟ إلى الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الذي نعيشه ربّما!
أين لبنان الأمل؟ أيّ أملٍ أساسًا واللبنانيّ كلّ أمله أن يستطيع تأمين خبزه اليوميّ؟
أين من وعد بأن يحمي لبنان؟ أيّ حمايةٍ تلك التي أوصلت لبنان إلى ما هو عليه اليوم؟
أين سنبني وآثار انفجار الرابع من آب ما زالت شاهدة في قلب عاصمتنا؟
هذه نبذةٌ عن شعارات انتخابية وُعِدَ بها اللبنانيّون وربّما صدّقوها واقترعوا على أساسها فكانت المنظومة الحاكمة التي قضت على مستقبلهم وبلدهم وأوصلته إلى الانهيار الكبير.
وها هم اليوم عادوا، بالثّقة نفسها، وبشعاراتٍ منمّقةٍ رنّانةٍ ووعود زائفةٍ يصحّ القول فيها أنّها “كذبة نيسان” ولكن في أيّار!
ولكن ثورة تشرين حتّى وإن أُخمِدَت شعلتها، فإنّها حتمًا قد تركت أثرًا وحيّزًا من الوعي في نفس كلّ لبنانيٍّ حرّ يأبى أن يُحكَمَ مجدّدًا من المنظومة الفاسدة ذاتها وصناديق الاقتراع ستثبت ذلك لا محالة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
هل نشهد نهاية الكتاب الورقي؟ | قصتي مع رفع تعرفة الاتصالات.. هكذا “أكلت الضرب”! | لبنان يقدّم الساعة.. والشعب اللبنانيّ يرجع ألف سنةٍ إلى الوراء |