“القرض الحسن”.. البنك غير الشرعي التابع للحزب
كتبت ريما داغر لـ “هنا لبنان”:
تعرّف منظمة “إسكوا”، لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، “القرض الحسن” بأنّه “مطلق الأعمال الصالحة التي يقوم بها العبد لوجه الله وقربةً إليه”.
عام 1982، وعقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان، أسّس “حزب الله” “مؤسسة القرض الحسن”، وتمّ ترخيصها من وزارة الداخلية اللبنانية عام 1987 بموجب علمٍ وخبر 217/أ.د.
تعتبر هذه المؤسسة بنكًا اقتصاديًّا خاصًّا بـ “حزب الله”، منفصلًا تماماً عن الجهاز المصرفي اللبناني. فهو لا يحوّل أمواله عبر الجهاز المصرفي الرسمي في لبنان، بل عبر مطار بيروت الدولي وبرّاً، عبر سوريا.
لعبت “مؤسسة القر ض الحسن” أو بنك الحزب دوراً محورياً في تأسيس البنى التحتية المالية لـ “حزب الله”.
عام 2007، حظرت وزارة الخزانة الأميركية أعمال تلك المؤسسة بعد أن كانت تعمل على أراضيها، وبعد أن اعتبرتها واجهةً للحزب وأعماله الإرهابيّة.
لـ “مؤسسة القرض الحسن” المسجّلة كجمعيّة خيريّة، ثلاثون فرعاً على الأراضي اللبنانيّة. وإن أعمال هذه المؤسسة بفروعها كافة خارجة عن نطاق رقابة الدولة اللبنانية، ولا تخضع لقانون “النقد والتسليف” الذي يحكم علاقة المؤسسات المالية بمصرف لبنان المركزي، والمؤسسات الدولية المراقبة لأعمال المصارف.
أمّا المتعاملون معها، فيقدّرون بنحو 200 ألف مقترض، يستدينون مقابل رهن الذهب لمدة لا تتجاوز الـ30 شهراً، مع احتفاظ المؤسسّة بقيمة مالية من القرض الممنوح، يستعاد بعد عامٍ من تسديد القرض بالكامل.
كما وتمنح مؤسسة “القرض الحسن” أربعة أنواع من القروض:
– النوع الأول هو القروض مقابل ضمانات الذهب (الأكثر شيوعاً واستخداماً).
– النوع الثاني، قروض شهرية مقابل ضمانة للمشتركين الذين يودعون الأموال في المؤسسة.
– النوع الثالث، قروض مقابل كفالة أثرياء.
– النوع الرابع، هو الضمان المقدم للمقترض بغرض شراء السلع والخدمات من المؤسسات والشركات التي أبرمت عقداً مع جمعية “القرض الحسن”.
وفي إطار توسيع النشاطات، أطلق “القرض الحسن” عام 2019 قروضاً جديدة تستهدف المشاريع الزراعية والصناعية الصغيرة والحرف اليدوية. وتصل قيمة هذه القروض إلى 80 مليون ليرة لبنانية، تسدّد على مدى 60 شهراً بعد فترة سماح مدتها ثلاثة أشهر.
عام 2018، فتحت المؤسّسة حساباً لنقل التبرّعات للحوثيين في اليمن.
عام 2019 افتتحت حسابين لنقل التبرّعات لضحايا الفيضانات في إيران من قِبل الهلال الأحمر الإيراني وجمعية الإمداد التابعة لحزب الله. وتدخلت الجمعية حتى في التمويل العسكري.
وعام 2021، فُرضت عقوبات جديدة على أفراد مرتبطين بـ “حزب الله” و”المؤسسة”، لتُضاف إلى عقوبات أخرى فُرضت سابقاً عليها عام 2016.
استغل بنك حزب الله الانهيار الاقتصادي الذي أصاب لبنان لكي يوسّع نشاطه ويفتتح فروعاً جديدة. كما عمل على تثبيت آليات سحب الأموال (ATM) ويتسنّى عبره للمتعاملين معه وللعاملين لديه الحصول على الأموال بالدولار الأمريكي، في وقت عجزت فيه البنوك اللبنانية عن الدفع لعملائها بالعملة الأجنبية.
بما أن “القرض الحسن”، هو المؤسّسة المالية الوحيدة التي تُوفّر قروضاً اليوم وبالعملات الصعبة، فقد أصبحت الجهة المصرفية الوحيدة في لبنان التي تؤدي هذا الدور المشتبه به، وغير السليم والذي هو في المقام الأول والأخير للمصارف اللبنانيّة.
ومن خلال ادّخار العملة الصعبة التي يحتاج إليها الاقتصاد اللبناني بشدة، تسمح المؤسسة لحزب الله ببناء قاعدة دعم خاصة به وتقويض استقرار الدولة اللبنانية، خاصة وأن “القرض الحسن” فرض على مدينيه وفاء الديون بالدولار الأميركي. وكل ذلك من أجل سدّ حاجيات أعمال الحزب ونشاطاته في الخارج وعمليات تهريبه الأموال.
استغلّ حزب الله الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، ليطلق مسيرة سيطرته على لبنان عبر ادّعائه المقاومة العسكريّة للعدو، والبدء بتنفيذ مشاريع ماليّة تثبت وجوده واستمراريته، وتموّل مشروعه الخارجي الاستعماري عبر استراتيجية شدّت الحبال على رقاب قطاعات لبنان ومؤسّساته.
في وقت يتخبّط فيه النظام المصرفي اللبناني بمشاكله وأزمته الكبرى التي طالته، ويخسر لبنان القطاع الذي أمّن استقراره المالي طيلة الحرب اللبنانية، يظهر بنك خاص بميليشيات “حزب الله” ويعمل بحريّة تامّة رغم عدم مشروعيّته، ما يؤكد مجدّداً على سيطرة “حزب الله” على مفاصل الدولة اللبنانية من صغيرها إلى كبيرها.