إصلاحات او استثمار انتخابي؟!
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
أربعون يومًا تفصلنا عن يوم الانتخابات النيابية، تدخل معها معظم الملفات في فلك الانتخابات وترتفع وتيرة الخطابات “النارية” وبالتالي عن أيّ إنجازات يمكن التحدّث في خلال هذه الفترة؟
صحيح أنّ الاتّجاه هو لتكثيف جلسات الحكومة في الشهر الجاري قبل موعد الاستحقاق الانتخابي لتمرير الملفات المُلِحّة إلّا أنّ مصادر سياسية ليست بهذا القدر من التّفاؤل خصوصًا أنّ هناك من ليس متحمّسًا لإنجاز ملفّاتٍ تعطي مكاسب لفريقٍ سياسِيٍّ على حساب آخر.
هذه المصادر لفتت إلى أنّ هذه المرحلة تشبه تلك التي كانت سائدة يوم إقرار سلسلة الرتب والرواتب على أبواب الانتخابات النيابية وكيف طغت الشعبوية على القرارات لمنافع انتخابية.
وما خطوة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي بالطلب في مستهل جلسة مجلس النواب أن يتم تحويل الجلسة التشريعية إلى مناقشة عامة وعلى ضوء ذلك تُطرح الثقة بالحكومة كجرس إنذار بعد أن زادت المناكفات السياسية، واستثمار كل الأمور في الحملات الانتخابية، فيما الجميع يعلم أنه لا يمكن الإقدام على هذه الخطوة إذ حكمًا ستطير معها الانتخابات النيابية إلّا إذا كان هناك نية لتطييرها.
وفي وقت يطالب المجتمع الدولي بتنفيذ الإصلاحات بأسرع وقت، تتخوّف المصادر من تأجيلها إلى ما بعد الانتخابات وهو تخوّفٌ عبّر عنه أيضًا وفد صندوق النقد الدولي الذي حذّر مرارًا من تضييع الوقت داعيًا إلى إقرار خطة التعافي المالي والاقتصادي ما يتطلب خطوات إصلاحية تمهيدًا لمدّ لبنان بالأموال من بينها: إقرار مشروع قانون الكابيتال كونترول، وضع خطة التعافي المالي والاقتصادي، إقرار مشروع الموازنة العامة وتعديل قانون السرية المصرفية والأهم الاتّفاق على طريقة توزيع الخسائر.
هذا التخوف عززته المواقف من مشروع “الكابيتال كونترول” الذي رأت مصادر متفائلة أنّه سيمر في المجلس النيابي على رغم المواقف الشعبوية إذ أنّه في حال عدم إقراره فإنّ المفاوضات مع صندوق النّقد ستتعثر قبل الانتخابات ولن يكون هناك من إمكانية لتوقيع اتّفاق بالأحرف الأولى بين لبنان والصندوق، وما بعد الانتخابات كلام آخر إذ أنّ مرحلة ما بعد الخامس عشر من أيّار ليست سهلة لناحية محاولة تشكيل الحكومة الذي يستغرق وقتًا طويلًا بحسب التجربة وتتجاوز مدة تصريف الأعمال مدة عمل الحكومة الأصيلة ومن ثم يأتي الاستحقاق الرئاسي.
ولأن الأمور لا يمكن أن تستمرّ على هذا النحو والتأخر في مواكبة المعالجات الحكومية المطلوبة ودعمها، خصوصًا حياتيًا وماليًا واقتصاديًا، فإنّ “تدوير الزوايا” هو المخرج في بعض الملفات وإلّا لن تبصر النور، ومهمّة الحكومة واضحة منذ تشكيلها وهي الحدّ من الانهيار عبر وضع لبنان على سكة التفاوض مع صندوق النقد الدولي وإجراء الانتخابات النيابية.
وفي وقت تتحدث معلومات بين الحين والآخر عن خلافات في بعض الملفات بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس نجيب ميقاتي، تشير المصادر إلى العلاقة الجيدة التي تربطهما على مستوى القرار والتعاون، والتناغم في مجلس الوزراء دليل على ذلك، فيما موقف رئيس الجمهورية من حاكم مصرف لبنان بات معروفًا وكذلك موقف الرئيس ميقاتي الذي لديه هاجس استمرارية المؤسسات والحفاظ عليها في هذه المرحلة أما استقلالية القضاء فمن المسلّمات وبالتالي القضاء يحسم هذه القضية.
إذًا الأنظار اليوم تتجه إلى ما ستؤول إليه الأمور بعد الخامس عشر من أيار لأنه فعليًّا كل الملفات الاجتماعية والاقتصادية والمالية من غير الممكن البت بها قبل الانتخابات، إذ لم يبق أمام الحكومة سوى فترة زمنية قصيرة وأقصى طموحها هو إنجاز بالحد الأدنى المرحلة الأولى من المفاوضات مع بعثة صندوق النقد الدولي والتوصل إلى مذكرة تفاهم أولية. ولكن مع فتح المنابر الانتخابية هل ستكون هذه المهمة سهلة؟ الجواب يحدد مصير وطن…
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |