لبنان قادر على إنتاج الطاقة البديلة من نفاياته.. وزير البيئة لـ “هنا لبنان”: نعمل بجديّة
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
ما بين طرق معالجة النفايات الصلبة في لبنان المثيرة للشكوك والاحتمال الكبير أنّ معظم ما نلقيه في مكبات إعادة التدوير لا يجري إعادة تدويره فعلياً، ثمة أدلة متزايدة تؤكد أن ملف النفايات يدار بطريقة غير مسؤولة ويقدم حلولاً موضعية للتغطية على السمسرات والصفقات، فعدم وجود استراتيجية شاملة لإدارة النفايات الصلبة في لبنان له تكاليف بيئية وصحية باهظة.
فما هي الطريقة المثلى للبنان للاستفادة من نفاياته؟ وهل سيبقى هذا الملف ذا الرائحة الأكبر؟
المهندس الزراعي ميخائيل حنا يقول لـ “هنا لبنان”: “باستطاعتنا الاستفادة من كميات النفايات في لبنان إلا أنها تذهب هدراً، لو كان لدينا معامل تعمل بجدية على موضوع فرز النفايات لاستطعنا إعادة تصنيع بعضها، وتحويل غيرها، وأيضاً تحويل جزء منها إلى أحد أهمّ مصادر الطاقة البديلة، وبالتالي نكون قد وجدناً حلاً مناسباً لأزمة الكهرباء في البلاد.
ويشجع حنا على ضرورة إجراء عمليات فرز النفايات وإعادة تدويرها، لأن المخلفات وتراكمها تشكل تهديداً للبيئة تنعكس تداعياته على الحياة الاجتماعية والصحية للأفراد، موضحاً أن النفايات لم تعد مجرد كيس يرمى في حاوية القمامة، بل باتت عمليات فرزها جزءاً من تطور المجتمعات، وتهدف بشكل أساسي إلى التقليل من الآثار الضارّة التي تسبّبها واستخدامها في الصناعات والمنتجات المختلفة من جديد، حيث تبدأ بتجميع المخلّفات التي يمكن تدويرها، ومن ثم فرزها بناءً على نوعها (زجاج، بلاستيك، ورق، خشب، أو معدن، ألومينيوم إلخ…) لتصبح مواد خام صالحة للتصنيع والاستخدام بعد أن يتم تصنيعها في أماكن خاصة.
ويتابع: تتم معالجة هذه المواد لتصبح بدائل مهمة وأساسية للمواد الخام المتمثلة بالموارد الطبيعية غير المتجددة مثل البترول، والغاز الطبيعي، والفحم الحجري، والخامات المعدنية، والأشجار.
ويلفت إلى أن الدول الصناعية الكبيرة تعتبر النفايات ثروة مهمة لإنتاج الطاقة عبر إنشاء شبكات واسعة لجمع النفايات وحرقها وقد دفعت أهمية النفايات بعض الدول الأوروبية إلى استيرادها من الدول النامية لضمان مصدر أساسي للطاقة البديلة.
وعن إمكانية وطرق إنتاج الطاقة من النفايات في لبنان يوضح حنا أنه بإمكاننا القيام بهذه العملية من خلال “الترميد” وهي الطريقة الأكثر شيوعًا ويتم عبرها حرق المواد العضوية وترميدها من ثمّ استرجاع الطاقة من خلال الحرارة الناتجة عن استكمال حرقها لتستخدم لاحقًا في إنتاج الكهرباء.
وبسبب التخوّف من الانبعاثات الناتجة عن عملية الحرق وتأثيرها على البيئة وصحّة الناس تقوم المعامل الحديثة بتقليل حجم النفايات الأصلية بنسبة 96% عبر درجة استرجاع كبيرة للطاقة الناتجة عن عملية “الترميد”.
أما الطريقة الثانية فتقوم على إنتاج الوقود السائل عبر “تعريض المنتجات البلاستيكية للحرارة والضغط العالي” بغياب الأوكسيجين لتتكسر منتجة سوائل شبيهة بالوقود البترولي.
فيما تعمل الطريقة الثالثة على “تحويل النفايات من الحالة السائلة والصلبة إلى حالة غازية” عبر رفع درجة حرارة النفايات إلى آلاف الدرجات ما يؤدي إلى تحويل النفايات المعالجة إلى غازات تستخدم لإنتاج الطاقة.
وتبقى أفضل الطرق وأكثرها أماناً على البيئة وصحة الإنسان عملية فرز النفايات ومعالجتها ومن ثمّ تعريبها لحرق ما ينتج طاقة منها، عكس المحارق العشوائية التي تؤدّي إلى انبعاثات غازية خطيرة، بحسب حنا.
ويشكّل معمل مطمر الناعمة مثالًا حيًّا على تحويل النفايات إلى طاقة فهو يحتوي على 7 معامل يتمّ تشغيلها على غاز الميتان المنبعث من نفايات المطمر لتنتج طاقة كهربائية بقوّة 7 ميغاوات للقرى المجاورة للمطمر. فلماذا لا يزال ملف إدارة النفايات خارج استراتيجية الحكومة؟ ولماذا لم يطرأ أي تغيير على الواقع البيئي المترهل في لبنان؟
وزير البيئة ناصر ياسين يؤكد لـ “هنا لبنان” أنه يتعامل بجدية كبيرة مع الموضوع وعرض منذ أسابيع رؤية وزارة البيئة لكيفية تطبيق الاستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة والوصول إلى إدارة كاملة ومستدامة لهذا القطاع، وسيكون العمل على تطبيقها تدريجياً، لافتاً إلى مفاوضات تتم بين المنظمات الدولية والمانحين لدعم تنفيذها.
وفي تفاصيل الاستراتيجية يوضح ياسين أنه تم من خلالها تسليط الضوء على ثلاث قضايا أساسية هي: أولاً، دور البلديات واتحاداتها وكيفية دعمها لتطوير عملها ومنشآتها، خصوصاً المعامل المتعثرة لديها.
ثانياً، المطامر وضرورة الانتقال من المكبات العشوائية إلى المطامر الصحية، ما يستوجب خارطة لها، وهو ما تمت مناقشته في الحكومات المتعاقبة، أما نحن فنبحث في آلية تنفيذها. وأيضاً عرضنا موضوع المكبات العشوائية وكيفية تنظيمها وتأهيلها وإقفالها ثم الانتقال إلى الإدارة المستدامة.
ثالثاً، موضوع التخفيف والفرز من المصدر وكيفية تشجيع هذا العمل ضمن الرؤية والإدارة المتكاملة، فموضوع الفرز والتدوير وإعادة التصنيع هو جزء أساسي من أي تنفيذ لإدارة النفايات الصلبة، ما يستوجب تأهيل بعض المعامل، خصوصاً تلك التي تدمرت بانفجار المرفأ، ومنها معملي الكرنتينا وبرج حمود، حيث هناك نقاش مع جهات مانحة لإعادة تشغيلها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |