خلال الصوم الأربعيني وصوم رمضان… استغلال التجار لا يرحم وأسعار المواد الغذائية نار!
كتبت ريتا بريدي لـ “هنا لبنان” :
تحوّلت صبحية أمّ جورج مع أمّ طارق اليوميّة للحديث عن هموم أسعار المواد الغذائيّة وكيف سيتمكنون من تحضير المعمول للعيد وتقديم الأطباق على المائدة… فذلك ليس من المواضيع الغريبة عن يومياتنا التي فيها نسعى في لبنان لتأمين الأساسيات لبيوتنا.
وبينما ينشغل عدد وافر من المسؤولين والمرشحين للانتخابات النيابية بتعليق اليافطات والصور على طول الشوارع والطرقات، والعمل المكثّف للحملات الانتخابية في أفخم الأماكن، وسماع تصفيق الجمهور الحاضر في القاعات؛ يُصارع الشعب بالمقابل تلك الأحوال المعيشية التي أوصلوه إليها، ويقوم بتقسيم راتبه أكثر من مرّة علّه يجد طريقة للاستمرار حتى نهاية الشهر، وذلك الشعب نفسه كان يتمنّى لو وجد دعماً له في عاصفة الأزمات من حوله طيلة الأشهر الماضية؛ ولكن تمنياته كمطالبه ليس هناك من يسمعها.
وإنّنا حالياً في الصوم الأربعيني المقدّس عند المسيحيين مع التحضيرات لعيد الفصح، حيث تزامن مع شهر رمضان المبارك والصيام عند المسلمين، وللأسف مع جشع التجار بطبيعة الحال غابت الكثير من المواد الغذائية والأطباق عن الموائد العائلية.
من هنا، يوضح الباحث الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة لموقع “هنا لبنان”، أنّ ارتفاع سعر النفط أدّى بشكلٍ مباشر إلى ارتفاع أسعار السلع كلها بما فيها المواد الغذائية، بالإضافة لأزمة النقص بالمنتجات الغذائية التي سبّبتها الأزمة بين أوكرانيا وروسيا، وبطبيعة الحال الأسعار عالمياً ارتفعت. إلّا أنّنا في لبنان نواجه عاملاً أساسياً إضافيًا مغايرًا عن باقي الدول، وهو الفساد المستشري وجشع التجار والفساد الذي أوصل أن تصبح أسعار المواد الغذائية خيالية!
الأرقام غير منطقية ولا تُصدّق، فالفساد تحوّل إلى ثقافة عند الشعب اللبناني، أمّا الصعوبة الأكبر فهي خلال زمن الصوم عند المسيحيين وأيضاً المسلمين في شهر رمضان المبارك، فمثلاً طبق الفتوش المعروف أنّه من أساسيات المائدة في كل بيت أصبحت تكلفته حوالي 250 ألف ليرة لبنانية بالحدّ الأدنى، فكيف يمكن على الشخص أن يستمر بمعيشته بهذه الطريقة؟
وكذلك الأمر بالنسبة للمعمول، فكلفة تحضيره في المنزل أصبحت غير مقبولة، فلو كان هناك من يُراقب بطريقة جديّة كانت الأوضاع مختلفة.
ويشير البروفيسور جاسم عجاقة إلى أنّ هذا الأمر ينعكس بطريقة مباشرة على الشعب من ناحية القدرة الشرائية وتجويع الناس.
ولا بد أنّ هناك جمعيات كثيرة ومساعدات خارجية كثيرة بالإضافة إلى المغتربين الذين يساهمون في مساعدة أهلهم، ولكن ذلك لا يعتبر إلّا دلالة على فشل الدولة، فهل من المنطقي أن يكون الشعب اللبناني غير قادر على تأمين غذائه في دولته بعد أن كانت في السنوات الماضية القليلة من بين الدول المتطورة؟ فمن دون أي شك أنّ اللبناني يعيش الوجع من ناحية هذا الأمر، وإذا استمر هذا الوضع قد نكون أمام مستويات مشابهة للمجاعة.
هل من مخاطر أو أزمات يمكن أن نتوقعها في لبنان بالمرحلة المقبلة نتيجة هذه الأزمات؟
بالطبع، مما لا شك فيه أن عدم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وعدم القيام بإصلاحات داخل الدولة، وعدم تحرك الأجهزة للرقابة فذلك قد يؤدي لارتفاع في نسبة السرقات، العنف على الطرقات وبطبيعة الحال سنشهد على التظاهرات حيث يُطالب الشعب بحقوقه ولقمة عيشه، بالإضافة لزيادة في التدخلات الخارجية.
وهنا مع الخطابات التي نسمعها بكثرة حالياً في زمن الانتخابات النيابية، دعا البروفيسور جاسم عجاقة الحكومة اللبنانية لفرض وجودها، من خلال مؤسساتها، بعيداً عن التدخلات السياسية فيها لحماية بعض التجار.
أصحاب الماركت يُعانون أيضاً!
وفي حديثٍ لموقع “هنا لبنان” مع صاحب “Manitou Market” السيّد وسام جبلي أشار إلى أنّ ارتفاع أسعار المواد الغذائيّة بدأ منذ انطلاق المواجهات بين روسيا وأوكرانيا ما أثّر على لبنان، واستمر ذلك مع بدء الصوم الأربعيني عند المسيحيين وكذلك في رمضان، خصوصاً الزيت، السكر والطحين.
فأصحاب الشركات الموزعة للمواد الغذائية رفعت الأسعار بشكلٍ هائل وبطريقة سريعة، لذا في بداية الأمر وجدنا أنّ الناس هرعت لتأخذ كمية من مواد غذائية معيّنة، إلّا أنّه بعد فترة قليلة ما عادت تتمكن من ذلك، وهنا انعكس الأمر على التجار خصوصاً مع مطلع شهر نيسان الحالي، فما كان أمامهم غير خفض سعر السلع قليلاً.
وبهذا الإطار، رأى جبلي أنّ الناس عندما تمتنع عن شراء السلع بعد رفع أسعارها بطريقة غير منطقية، يفهم هنا أصحاب الشركات الموزعة للمواد الغذائية أنّ لا قدرة على الشعب بشراء تلك المواد، فيعمدون على خفض السعر مجدداً.
أمّا بالنسبة للخضار والفاكهة، فقد ارتفعت أسعارها مع حلول شهر رمضان المبارك والصيام، وذلك مشابه للسنوات الماضية لهذه الفترة من السنة، فمعظم الأشخاص يعتمدون على الخضراوات الورقية ومختلف الأنواع الباقية. أمّا ومع هذه الأزمة، شهدت المحلات على رفوف من الحشائش الذابلة يومياً، وهنا تقع المصيبة على الناس وأصاحب المتاجر أيضاً.
وأشار السيّد وسام جبلي أنّه في الماركت الخاص به وصلوا إلى حد أنّهم يوزعون الخضروات الورقية الباقية على الزبائن كي لا تبقى على الرفوف أو تُرمى في النفايات.
وفي شهر الصوم الذي تزامن بين المسيحيين والمسلمين هذا العام، فمن منتصف شهر آذار الماضي إلى مطلع الشهر الحالي، انخفضت نسبة بيع المواد الغذائية المختلفة كثيراً، وغابت الزحمة في السوبرماركات أو المتاجر الصغيرة.
وبالانتقال للحديث عن معمول العيد لعيد الفصح، وبما أنّه من الحلويات العربية الرمضانية أيضاً، فرأى صاحب “Manitou Market” أنّ عددًا وافرًا من العائلات تُفضل حالياً صنع هذه الحلوى في المنزل بالقدرة الممكنة لها على الرغم من أسعار السلع المرتفعة لتحضيرها من السميد، الزبدة، السمنة إلى الجوز، التمر، الفستق… وباقي مكونات المعمول كي لا تغيب بهجة هذه الفترة، بدل الحصول عليها من مصنع الحلويات بسبب كلفتها الباهظة جداً.
ويختم بالقول أنّ صاحب الماركت يُعاني مثله مثل الزبائن، ولكن الفرق يكمن في أنّ هناك من يعمل بضميرٍ تجاه تسعير السلع ويشعر مع الناس، فالجميع في هذه الأزمة معاً.
أعيادنا ستبقى مبهجة قلوبنا، أعيادنا ستبقى مباركة، أعيادنا لن تغيب عن عائلاتنا مهما اجتهدتم في كسرها… ولكن نعم، هذه هي أحوالنا أيّها المسؤولون في بلادنا، نعم إننا نتمنّى التوفيق كلّه لكم على أمل أن من سيفوز منكم بالكراسي أن يرى، يسمع، يعلم ويعمل…
مواضيع مماثلة للكاتب:
في اليوم العالمي للشطرنج: فوائده تفوق التوقعات! | “أهذا حقاً في لبنان؟”.. الهايكينغ يكتسح البلدات اللبنانية ويكشف جمالها! | احتفالاً بأسبوع الأصمّ العربي.. ملتقى “أوتار الصمّ” في الشارقة |