“ثورةٌ نسائيّةٌ” في التّرشّح لانتخابات 2022… أندراوس: صوتنا آخر سلاح في يدنا… أبو فرحات: أنتنّ بطلات!!
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
عندما أعطيت المرأة اللبنانية حق الاقتراع لأول مرة في انتخابات العام 1953 اعتبرت خطوة رائدة في محيطه العربي، ما شكّل بداية دخولها إلى المجلس النيابي وإن كان في معظم الأحيان عن طريق وراثة أب أو زوج ولكن لم تستطع إلّا 14 سيدة حتى اليوم من الدخول إلى ساحة النجمة.
معوّقات حالت ولا تزال دون السماح للمرأة بالتقدم على الصعيد السياسي منها ما هو قانوني، ومنها ما هو سياسي اجتماعي. وبعد أن أسقط مجلس النواب في تشرين الأول الماضي اقتراح قانون الكوتا النسائية بالضربة القاضية و”بطريقة مستفزة” أصبح واضحًا أنّ دعم المرأة من معظم الأحزاب يقتصر على الشعارات من دون التنفيذ.
على رغم هذا المشهد سجل عام 2022 رقمًا قياسيًّا بانضمام 118 امرأة على اللوائح الانتخابية من أصل 155 قدّمن ترشيحهنّ في الأصل، بارتفاع 37 بالمئة مقارنة بالعام 2018 حين وصل عدد المرشحات الرسمي إلى 86 من أصل 113.
ولكن هل ستستطعن إحداث “خرق” في الذهنية السائدة؟ وهل سيحققن ما يصبون إليه؟
وعلى رغم عدم دعم المرأة إن كان من الدولة أو الأحزاب السياسية وفي ظل عدم وجود خطة تهدف إلى وصولها إلى مراكز القرار بعد أن أسقطت الكوتا النسائية، تؤكد رئيسة منظمة فيفتي-فيفتي جويل أبو فرحات لـ “هنا لبنان” أنّ هذا الارتفاع في ترشح النساء يبرهن إصرار المرأة على أن تكون حاضرة في مواقع القرار السياسية.
“بيحكوا وما بيفعلوا” و”شبعنا حكي” هكذا تصف أبو فرحات تعاطي معظم الأحزاب التي إمّا غابت النساء عن لوائحهم أو حضرت بشكل خجول. وما إسقاط الكوتا إلّا دليل على أنّ حقوق المرأة لا تندرج ضمن أولوياتهم.
اعتبارات عديدة تتحكم في رفضهم للمرأة في مراكز القرار، بحسب أبو فرحات، إذ أنّ وجودها بالنسبة لهم “دوشة” أو “وجعة راس”، وعندما نسأل عن الموضوع في الأحزاب يقولون إنها ليست جاهزة وغير موجودة، مع العلم أنّ نسبة وجود النساء في الأحزاب تتراوح ما بين 40 و50 في المئة. المرأة بالنسبة لهم موجودة لدعم الرجل وليس لكي يكون لها رأي سياسي.
أبو فرحات أملت أن تتغير هذه العقلية مع من سيدخل البرلمان نتيجة هذه الانتخابات خصوصًا بعد الدور الذي كان للمرأة أثناء الثورة، فهي كانت مكّونًا أساسيًّا في الثورة أو في المجموعات الجديدة التي تعمل اليوم في السياسة.
وبسبب أداء السياسيين ومن في السلطة لا ترى أبو فرحات سبيلًا إلّا بتطبيق الكوتا التي “نحن اليوم بأمس الحاجة إليها إذ بسبب عدم تطبيقها استطاعوا أن يفرّوا من واجباتهم واستبعاد النساء في لوائحهم، ما أكّد لنا وجهة نظرنا بضرورة الكوتا لإجبارهم على ترشيح نساء”.
أكثر من ستّ مرشحات للانتخابات النيابية اشتكَينَ لمنظمة فيفتي-فيفتي عن الطلب منهن الانسحاب لصالح الرجل، ومورست عليهن ضغوطات إما بتشويه السمعة أو بالتنّمر على العائلة وعليها شخصيًّا بعد أن رفضت بعضهن الانسحاب.
إلى كل امرأة تخوض الانتخابات النيابية اليوم تقول أبو فرحات “أنت بطلة بترشحك في ظل هذه الظروف الصعبة على كل الصعد لا سيما الاقتصادية منها، أنت اليوم تبنين حجر الأساس ولو لم يحالفك الحظ في الفوز، ستكونين المثل الأعلى لكل السيدات اللواتي لديهن طموح بالترشح ولم يترشحن لأسباب عديدة، وتعطين للفتيات في لبنان مثلًا أنّه يجب أن يكون للمرأة دور في إعادة بناء وطننا تمامًا كالرجل”.
صحيح أن نسبة وجود المرأة على اللوائح الانتخابية تفاوتت إلّا أنّ وجودها في لائحة “لبنان السيادة” في دائرة بيروت الأولى تعزّز من خلال 3 نساء مقابل 5، وفي هذا الإطار أكّدت المرشحة على اللائحة أسما-ماريا أندراوس أنّه على رغم وجود هذا العدد على اللائحة كان الهدف أيضًا تشكيل لائحة 4-4.
أندراوس لفتت في حديث لـ “هنا لبنان” الى أنها تحلم بمجلس نيابي نصفه نساء، حكومات نصفها نساء ونصف المدراء العامين نساء… “لأننا نصف المجتمع ولأنه طالما لم نستطع المشاركة بطريقة فعّالة إداريًّا وسياسيًّا، أعتقد أنّ البلد لن يتغيّر، التغيير سيأتي من النساء ليس فقط في لبنان بل في العالم أجمع وليس فقط في القطاع العام بل الخاص أيضًا، وهناك دراسات علمية تشير إلى أنّه عندما تكون نسبة النساء مرتفعة في أيّ عمل، تزداد الإنتاجية بين 15 إلى 20 في المئة”.
تعيد أندراوس سبب ارتفاع ترشح النساء بداية إلى” بعض التغيير في الذهنية ولو أنّه لم يعمّم ولكن يومًا ما سنصل إلى ذلك”. خصوصًا أنّه “في العام 2019 وإن حصل شيء بنّاء وإيجابي في الثورة هو هذه اليقظة عند النساء والشباب والفئات المهمشة.”
وشددت أندرواس على “أهمية الكوتا النسائية في ظل الذهنية السائدة وإلّا سنحتاج إلى وقت طويل جدًّا للتغيير. إذ أنّ القانون يسرّع في تغيير هذه الذهنية خصوصاً أنّ مجتمعنا ذكوري شرقي وهناك من لا يزال يعتقد أنّ مكان المرأة ليس في الشأن العام أو في المعترك السياسي وقد أقنعوا بعض النساء بتلك المفاهيم الخاطئة وبالتالي لا نملك الوقت ولبنان لا يحتمل أيّ انتظار”.
أما عن أسباب عدم وجود المرأة في اللوائح فتنطلق أندراوس من الذهنية السائدة لتؤكد “أنّ الرجل يخاف من وصول المرأة إلى السلطة أو إلى أي مركز في القطاع الخاص أو الحصول على راتب يفوق راتب زوجها، بالخلاصة يخاف الرجل من أن تتحرر المرأة. “
“امرأة بعشرة رجال”: تعبير حتى لو كان يقصد به التأكيد على قدرات المرأة إلّا أنّه بحدّ ذاته ذكوريّ، بحسب أندراوس، إذ لا أريد أن أكون كالرجل أو أن أقارن به حتى أثبت أنني قوية، نحن أقوياء ونحن نساء لبنان “حاملين اللي ما بينحمل من سنين”.
وأكدت أندرواس أنّها ستكون صوت المرأة، صوت الفئات المهمشة كمجتمع الميم- عين، “سأكون صوت الشباب لأن شراكة الشباب في الحياة السياسية هامة جدًّا لأن طاقاتنا الحيّة تغادر وسنصبح مجتمعًا مسِنًّا، وهذا أمر خطير.”
متمنيّةً الفوز لكلّ المرشحات، رأت أنّ كثيرًا من الرجال لا يصوّتون للمرأة لأنّهم يعتبرون أنّ الرجل يمثلّهم بشكل أفضل، وطلبت من النساء المشاركة بكثافة إذ لا يجب أن ننتظر أحدًا يجب أن نحارب من أجل حقوقنا، “صوتنا آخر سلاح في يدنا…!!”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |