سوق الذهب يشهد حركة شراء ملحوظة.. هل ادّخار الذهب أفضل من الدولار؟
كتبت بشرى الوجه لـ “هنا لبنان”:
منذ أكثر من عام وحتى اليوم، تنتشر دعوات تحث الناس على الاستثمار في الذهب وتحويل مدّخراتهم النقدية إلى هذا المعدن الثمين، لكنّ كثيرًا من المواطنين الذين كدحوا لسنوات طويلة في تجميع مدّخرات متواضعة، يتردّدون في اتّخاذ هذا القرار خوفًا من خسارة مبالغ لم يعد بمقدورهم تعويضها، فيقعون في حيرة متسائلين “أيّهما أفضل للادّخار الذهب أم الدولار الأميركي؟ وهل الذهب أكثر أمانًا؟”
“في مثل الأوضاع التي نعيشها اليوم يمكننا القول إن ادّخار الذهب أفضل من ادّخار الدولار”، يقول الخبير الاقتصادي محمد الشامي، مضيفًا: “لكن بالطبع شراء الذهب الخام أي إمّا سبائك أو أونصات أو ليرات، وذلك حسب القدرة الشرائية للمدّخر”.
لماذا الذهب أفضل؟ يشرح الشامي لـ “هنا لبنان”: “لأنّ الذهب هو الملاذ الآمن، ودائمًا عند حصول الحوادث والأزمات، الناس تتخلى عن العملة الورقية وتتجه أكثر نحو الذهب، ورغم أنّه في السنوات الأخيرة كان هناك توجه فكري اقتصادي عالمي لإقناع الناس بأنّ الذهب ليس وحده ملاذًا آمنًا، إنّما أيضًا الاستثمار في أسواق البورصة، بالإضافة إلى أنها تؤمّن مردودًا ماليًّا، ولكن بعد أزمة كورونا التي اجتاحت العالم والأزمة الروسية مؤخرًا، اتضّح أنّ الذهب هو الذي بقي أكثر أمانًا، لذلك صار الاتجاه نحو شرائه أكثر”، مضيفًا: “هذا الأمر ينعكس كذلك على الوضع في لبنان لأنه يعيش في منتصف عاصفة أزمات عالمية”.
لذلك، يدعو الخبير الاقتصادي الناس إلى “استبدال مدخراتهم الورقية بالمعدن الأصفر، إذ أنه عند مراجعة مؤشرات أسعار الذهب في الآونة الأخيرة، نرى أرقامًا في سوق الذهب لم نشهدها منذ نحو عشر سنوات، فالأونصة وصل سعرها من 1890 إلى 1910 دولار، وهذه مستويات عالية نسبيًا، ممّا يدل على أنّه عالميًّا يوجد طلب على الذهب كون الناس عادت إلى الفكرة القديمة وهي أن هذا المعدن الثمين هو الملاذ الآمن”، لافتًا إلى أنّ الوتيرة التصاعدية لأسعار الذهب باتت تُحفّز الناس في لبنان أكثر على شراء الذهب بمدخراتها المالية، كما أننا ذاهبون في اتجاه تصاعدي مستمر لأسعار هذا المعدن لكن لن يكون ارتفاعًا جنونيًا”.
سوق الذهب.. تسييل وشراء
بذلك يكون الذهب وسيلة للحفاظ على القيمة، في معرض البحث عن استثمارات مستقرة، وشعور بالأمان في بيئة مضطربة سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وأمنيًا مثل لبنان.
ولذلك يشهد سوق الذهب حركة شراء ملحوظة، لكن التهافت على الشراء ليس الظاهرة الوحيدة التي تتسم بها السوق، إذ يقول الشامي إنّ “هناك حركة بيع نشطة يقابلها حركة شراء نشطة أيضًا، لذلك اليوم يُعدّ هذا القطاع ناشطًا اقتصاديًا لأنً من لا يملك المال يسيّل ما يملك من ذهب لتأمين معيشته اليومية”.
ويكمل: “أمّا الأشخاص الذين تتوفر لديهم السيولة إن كان من الرواتب والعمليات التجارية القائمة أو من مدخرات متوافرة مسبقا، هؤلاء يتجهون إلى الشراء خوفًا من الوضع المتأزّم، إذ إنّ عمليات التبادل الاقتصادية في اتجاه غير واضح، لأننا “ننام ونستفيق” كل يوم على سعر صرف دولار مختلف”، موضحًا أن عملية شراء الذهب تُعد تثبيتًا لقيمة الأموال والمدخرات.
ويلفت الشامي إلى أنّه “سابقًا لم تكن حركة سوق الذهب ناشطة كما هي اليوم لأنّ اللبناني كان يعيش في ضائقة اقتصادية حتى قبل الأزمة الفادحة التي انفجرت في عام 2019، بالإضافة إلى أن المواطن لم يكن يخطر بباله أنه سيعيش في مثل هكذا أوضاع ليدّخر الذهب”.
كلام الشامي حول الاستثمار في الذهب يؤكّده نقيب معلمي صناعة الذهب والمجوهرات في لبنان بوغوص كورديان الذي يقول لـ “هنا لبنان” إنّ “تطورًا لافتًا سُجّل خلال الشهرين الأخيرين، فبعض المتموّلين يطلبون أونصات بشكل ملحوظ، وذلك بسبب التخوّف من الأوضاع الداخلية والإقليمية التي دفعتهم نحو الانتقال إلى الملاذ الآمن، وهذا الأمر طبيعي عند حدوث أي انتكاسة في الإقتصاد عالميًا أو إقليميا”.
وعن وضع الصناعيين اليوم، يلفت كورديان إلى أنّ “الوضع سيء والعمل خفيف جدًّا، وأغلبية مصانع المجوهرات في لبنان أقفلت”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
نبيل مملوك.. صحافي تحت تهمة “الرأي المخالف” | استهداف الجيش وقائده في غير محلّه.. “اتهامات سطحية لدواعٍ سياسية” | إسرائيل “تنهي الحياة” في القرى الحدودية.. ما الهدف من هذا التدمير الممنهج؟ |