جريمة انفجار مرفأ بيروت بين “حزب الله” و”صوت الله”
كتب أحمد عيّاش لـ “هنا لبنان”:
عاد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب عام 2020 إلى الواجهة مجددًا، وذلك من خلال مثول أحد المتهمين في انفجار مرفأ بيروت، في 21 نيسان الجاري، أمام قاضٍ بالمحكمة العليا في مدريد، وأفرج عنه بكفالة في انتظار جلسة استماع لبحث ترحيله. وقد كان لافتًا ما بثّته قناة “المنار” التلفزيونية التابعة لـ “حزب الله” من معطيات حول المتهم، لم يسبق لأية جهة أن أدلت بها من قبل. لكن في المقابل، كان للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي موقف من عرقلة التحقيق اللبناني، في جريمة المرفأ، سائلًا: “كيف تخنقون صوت الله في ضمائركم؟”
بداية، من التشيلي، حيث أعلنت الشرطة هناك، أنّها أوقفت البرتغالي جورج موريرا المطلوب من الإنتربول للاشتباه بارتباطه بالانفجار الذي دمّر المرفأ وأجزاء كبيرة من العاصمة اللبنانية في 2020، وأوقع أكثر من 200 قتيل. وكان الشخص الموقوف قد وصل إلى مطار سانتياغو (تشيلي) على متن طائرة آتية من إسبانيا، لكنّ السلطات التشيلية منعته من دخول البلاد، وأعادته على الفور على متن طائرة أخرى إلى مدريد بالتنسيق مع الإنتربول.
وذكرت معلومات صحفية أن المحامي العام التمييزي القاضي غسان خوري، الذي يتولى باسم النيابة العامة التمييزية كل الإجراءات والمراسلات الخارجية المتعلقة بانفجار مرفأ بيروت، “يضع اللمسات الأخيرة على ملف استرداد موريرا من البرتغال إلى لبنان، بعدما تبلغ رسميًّا أن الانتربول البرتغالي استجوبه بناء على مذكرة التوقيف الصادرة عن المحقق العدلي فادي صوان، والتي تحولت إلى مذكرة توقيف دولية معممة عبر النشرة الحمراء”. في المقابل، يرى وكيل عدد من الموقوفين في ملفّ المرفأ المحامي يوسف لحود أنّه في “ظلّ عرقلة عمل المحقّق العدلي طارق البيطار وكفّ يده من مراجع سياسية في لبنان، لن تقبل أيّ دولة في العالم، حيث تقاس الحرية عند الشعوب الراقية بالغرام وليس بالكيلو، تسليم مواطن إلى مرجعية مكفوفة يدها عن التحقيق الملاحق به، وتالياً لا يجوز توقيف أيّ مواطن إلّا لمصلحة قاضٍ يقوم بأعماله ولمصلحة ملفّ يرسل إلى الدولة المعنيّة يبرّر سبب توقيف هذا الشخص”، مستبعداً تسليمه في ظلّ عدم وجود قاضي تحقيق طالب بالتوقيف ليسلم إليه عبر النيابة العامة التمييزية .
بالعودة إلى قناة “المنار” التابعة لـ “حزب الله”، فقد بثت في اليوم التالي لتوقيف البرتغالي موريرا تقريرًا جاء فيه: “عاد اسم جورج موريرا إلى الواجهة في قضية انفجار بيروت، فمن هو؟ وماذا قال عن شحنة نيترات الأمونيوم؟” وتجيب على هذا السؤال شيراز حايك التي وصفتها “المنار” بأنّها “صحافية متابعة لقضية انفجار مرفأ بيروت” قائلة: “جورج موريرا هو مدير المشتريات السابق في شركة فابريكا دي إكسبلوسيفو جاء إلى لبنان عام 2014، تواصل مع شركة رافق وهي معنية بالأسمدة الزراعية، وعمل صفقة معهم. وخلال وجوده في لبنان قال لصاحب الشركة كميل فرشون أن سبب مجيئه إلى لبنان هو أنّ له مادة محجوزة في مرفأ بيروت. تواصل مع مصطفى البغدادي الذي هو وكيل الباخرة روسوس وأكد أنّ هذه البضاعة لهم. وسأل عن تكلفة إعادة شحنها، ولماذا تم الحجز على هذه الباخرة. ولكن عندما وجد أنّ المادة تالفة وغير صالحة تم الاستغناء عنها”.
يضيف تقرير “المنار” قائلًا: “تمّ الاستغناء عن هذه الشحنة إذن، على الرغم من فتح اعتماد لها في أحد المصارف الموزمبيقية، ومتابعة سافارو الشركة المالكة لها لملفها في بيروت. وأكّد موريرا أنّ وجهة الشحنة الموزمبيق وليس بيروت”.
وتعود شيراز حايك إلى الكلام: “هناك مستندات إيميلات تؤكّد أنّ هذه المادة كان لازم توصل إلى موزمبيق بين 15 و18 كانون الأول 2013. ولكن عندما كانت الوجهة بيروت، ما وصلت المواد لعنده (موريرا)”. وتخلص “المنار” إلى القول: “تأكيد هل سيسهِل – بعد الاستماع إلى موريرا في لبنان – الطريق إلى الحقيقة؟”
وتشاء الصدف، أن يتناول البطريرك الراعي جريمة المرفأ من زاوية التحقيق العدلي المعلّق، ومعه عمل القضاء، فقال في عظة الأحد الأخير: “كيف تخنقون صوت الله في ضمائركم؟ أنتم الذين تعرقلون التحقيق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت؟ ومعه تغيير المحققين العدليين الواحد تلو الآخر؟ والتعيينات القضائية؟ ولماذا اغتيال أشخاص يملكون معلومات وصورًا؟ ولماذا يوجد متهمون فارون من وجه العدالة إذا كان الانفجار قضاء وقدرًا، لماذا أنتم خائفون من التحقيق؟ كيف تخنقون صوت الله في ضمائركم؟ أيها القضاة الذين تفبركون الملفات بناء على طلب النافذين، وتوقعون الظلم وتشوهون وجه القضاء، وتقوضون أساس الملك”.
كما قال الراعي: “أنتم أيها المسؤولون الذين تحرمون أهالي الشهداء والمتضررين من التعويضات الواجبة، وتبقون نصف العاصمة مدمّرًا، وتكتفون بإعلان عجزكم عن إعادة إعمارها، فتظل ممتلكاتها المتضررة سائبة وعرضة للبيع لأطراف مجهولي الهوية”.
ماذا يستفاد مما سبق؟ الحقيقة التي عادت تسطع في أوروبا بشأن مرفأ بيروت، هناك من سارع إلى تطويقها، كما بدت رواية “حزب الله” الجديدة. إلا أنّ صيحات ضحايا المرفأ التي جسّدها بأعلى مستويات الوضوح البطريرك الراعي تأبى الصمت.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل بري وابتسامة لاريجاني | “مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران | تفليسة “تفاهم” مار مخايل في عملية البترون |