الزواج في لبنان: من «حلم وردي» الى «كابوس مرعب».. والطلاق واقعٌ مرّ يُهدد الأسر!


أخبار بارزة, خاص 30 نيسان, 2022

كتبت ماريانا سري الدين لـ “هنا لبنان”:

بعد الحادثة المؤلمة التي ألمت بعاصمة الشمال والتي أغرقت عائلات بأكملها وفرّقت حبيبين ربطهما محبس الخطوبة قبل أيام قبالة شاطئ طرابلس، بات الحديث عن زواج وتأسيس عائلة في لبنان أشبه بكابوس يُلاحق الشباب والشابات لناحية غياب الأمان في بلدهم والأوضاع الاقتصادية حتى تحول الزواج في لبنان من حلم وردي إلى كابوس مرعب.

إذ يقول أحمد وهو عسكري في الجيش اللبناني لـ “هنا لبنان” أنه “كان يجهّز وخطيبته للعرس المزعم عقده في صيف 2022 ولكنه قرر فسخ الخطوبة مع جنون الدولار وعجزه عن استكمال تجهيزات المنزل الزوجي”.

أضاف: “لا مكان لأحلامنا في هذه البلاد، أعجز في بعض الأحيان عن تأمين علبة من الدخان فماذا عن تكاليف الزفاف ومصاريف المنزل وبعدها الأولاد”.

فيما تروي عروسٌ أخرى تفاصيل محاولتها تأسيس منزل سعيد مع حبها الأول وخطيبها التي اضطرّت فسخ خطوبتها معه بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وتقول: “أنا أعمل كمعلمة وخطيبي صحافي متعاقد لا يحصل على معاش ثابت، حاولنا تقليص مصاريفنا وتوقفنا حتى عن الخروج إلى أماكن ترفيهية مثل أي شخصين مرتبطين علّنا نغطّي نفقات العرس إنما عبث، نجمع المال من هنا، ويطير سعر صرف الدولار من هناك حتى باتت الأموال بدون قيمة، فيما تكاليف الزفاف كلها يجب دفعها بالدولار أو حسب سعر الصرف اليومي”.

وتابعت: “أعاني منفردة وهو بعيد عني ولكن أفضل بكثير من انتظار حلم لن يتحقق قبل 10 سنوات على أبسط تقدير ومن حقي أيضاً ان يكون لدي عائلة وأطفال ولكن ليس بمثل هذه الظروف”.

فيما تتحدث أخرى اضطرت إلى الانفصال عن حبيبها أيضاً بعد عجزهما عن تحمل الأزمة الاقتصادية الخانقة مع رغبة الرجل بالسفر والحصول على تسريح من السلك العسكري ما يجعل فترة الانتظار طويلة ومُحبِطة.

وبحسب دراسة أعدتها “الدولية للمعلومات” (نشرة إحصائية في بيروت) نشرت في شباط 2021 ولم يتم تحديثها لحد الساعة، فقد أفادت أن “الأزمة الاقتصادية وتفشي وباء كورونا تركا انعكاساتهما على الأوضاع في لبنان، فأغلقت آلاف المؤسسات وصرف آلاف العمال وانكمشت الحركة التجارية بنسبة 45% وتراجعت القدرة الشرائية بفعل ارتفاع الأسعار وانهيار سعر صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية.

وأكدت الدراسة حينها أن من “التداعيات الاجتماعية تراجع معدلات الزواج والولادات في عام 2020 مقارنة بعام 2019 ومقارنة بمتوسط الأعوام الخمسة الأخيرة (2015-2019)، في حين ارتفعت معدلات الوفيات.”

مصادر وزارة الداخلية تُفيد لـ “هنا لبنان” أن “تراجع نسبة الزواج مردها أولاً للأزمة المعيشية وتوقف قروض الإسكان، فأساس تكوين الأسرة هو المسكن الذي بات مستحيلاً، عدا عن بدل الإيجار المرتفع للشقق”.

وتتابع: “ارتفاع تكاليف المعيشة خلال العام 2021 بنسبة قاربت 320% ما جعل دخل الأسر معدوم فيما معظم الرواتب لا تزال بالليرة اللبنانية”.

وتختم: “الهجرة لها دور كبير في تراجع نسب الزواج بين الشباب أكثر من الشابات”.

وبالعودة إلى دراسة «الدولية للمعلومات» في بيروت، فان مسار الارتفاع في نسب الطلاق خلال الأعوام الماضية «في عام 2009 سُجّل 40 ألف و565 عقد زواج مقابل 5 آلاف و957 عقد طلاق، وفي عام 2015 ارتفعت عقود الزواج إلى 41 ألف و417 مقابل ارتفاع عقود الطلاق إلى 7 آلاف و505 عقد، أمّا في عام 2019 فانخفضت عقود الزواج إلى 34 ألف و67 وارتفعت عقود الطلاق إلى 7 آلاف و646».

وتشير الدراسة إلى أنّه «بالمقارنة بين هذه النسب منذ عام 2009 إلى عام 2019 تبيّن أنّ عقود الزواج ارتفعت بنسبة 16 في المئة بينما ارتفعت عقود الطلاق بنسبة 28 في المئة. وسنة 2020 بلغت عقود الزواج 22 ألف بينما بلغت عقود الطلاق 8 آلاف و100 ما يُظهر ارتفاع كبير بنسبة الطلاق وتراجع في عقود الزواج، بحسب الدراسة: في التدقيق في هذه العقود، يتبيّن أنّ 65 في المئة من عقود الطلاق تعود للسنوات الأخيرة، أي أنّها عقود جديدة وليست قديمة. وبالتالي هذه ظاهرة لافتة وفق الدراسة، ويُفترض من الباحثين في القضايا الاجتماعية أن يتنبّهوا لها، بحيث يُمكن أن نشهد تراجعاً في تكوين الأسر اللبنانية، فضلاً عن تداعيات الطلاق على الأولاد ما يؤدي إلى مشكلات اجتماعية كبيرة.

أمّا المقارنة بين عام 1999 إلى عام 2019 تظهر أنّه خلال الأعوام العشرين الماضية ارتفعت معدلات الزواج بنسبة 22 في المئة بينما عقود الطلاق ارتفعت بنسبة 137 في المئة.

وتقول الدراسة: كان لبنان يشهد في الماضي 5 آلاف و500 حالة طلاق في العام فيما تجاوزت حالات الطلاق 8 آلاف و500 كارتفاع متوسط خلال العقود الماضية، وهذه نسبة مرتفعة جداً. كذلك ارتفعت نسبة الطلاق في سنة 2020 مقارنةً بعام 2019 بـ25 في المئة. وقد تكون نسبة الطلاق أكبر ولم نعلم بحالات طلاق عدة، لأنّ هناك من يسجّلون طلاقهم جرّاء الحجر أو لأنّهم لم ينجبوا أولاداً.

بحسب الدراسة هذه الأرقام الرسمية تشمل جميع اللبنانيين من مختلف الطوائف والمناطق. وإنّ نسبة الطلاق لدى المسلمين أكبر من تلك لدى المسيحيين، نظراً إلى طبيعة الأحوال الشخصية لدى المسلمين التي تسمح بالطلاق فيما أنّ أمام الطلاق لدى المسيحيين صعوبات وعقبات متعدّدة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us