هل فعلاً تريدون “ثقافة السحسوح”؟
كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان” :
يستشرس محور الممانعة قبل أيّام قليلة من موعد الانتخابات النيابيّة لإستكمال خطته بالإطباق على الوضع الداخلي اللبناني ولإحداث المزيد من الخلل في موازين القوى السياسيّة لصالحه بطبيعة الحال. بالنسبة لهذا المحور والقوى الأساسيّة المكونة له، تمثّل هذه المعركة محطة يريد من خلالها التأكيد على “شرعيته” الشعبيّة، ولو بالترهيب والإقصاء، في بيئته بالدرجة الأولى وفي البيئات الأخرى بالدرجة الثانية.
ويريد المحور إيّاه أن يبسط نفوذه على المساحات التي كانت تشغلها قوى سياسيّة مناهضة له في مشروعه ورؤيته وعمله، ولا سيّما تلك التي لا تتوانى عن معارضته وعن رفع الصوت ضد أجندته المرتكزة على إختطاف القرار الوطني اللبناني المستقل وضد سعيه الحثيث لإلحاق لبنان بالمحاور والأحلاف التي ينتمي إليها والتي تتناقض مع طبيعة التركيبة اللبنانيّة في تعدديتها وتنوّعها وديمقراطيتها، رغم هشاشتها وضعفها وشذوذها في بعض المجالات.
لا يحتمل أهل المحور الرأي المعارض. الصفات الإلغائيّة في صلب تكوينهم وتفكيرهم ومسارهم السياسي، فهم الذين يتبعون مساراً بنى “مجده” من خلال الإنقضاض على “رفاق الثورة” وثبّت مكانته من خلال إقصائهم بالتوالي. التاريخ يؤكد ذلك، وليس في ذلك ما ينطبق عليه “نظريّة المؤامرة”، حتى ولو رفعت شعار محاربة الإستكبار العالمي والإمبرياليّة الغربيّة والأميركيّة تحديداً.
ولهذا المحور أدبياته السياسيّة. فكما “يشيطن” الولايات المتحدة الأميركيّة ثم يتفاوض معها في فيينا لإحياء الإتفاق النووي الذي يريده بهدف رفع العقوبات القاسية وفك القيود عن المليارات من الدولارات بما يساعده على تعزيز نفوذه الإقليمي؛ فإنه أيضاً “يشيطن” الأخصام في الداخل مطلقاً عليهم النعوت والأوصاف المشينة التي تبدأ بالتخوين ولا تنتهي بالعمالة. ولكن أن يفاخر أحدهم بأن يكون جندياً صغيراً في جيش دولةٍ ثانية، فذلك عمل “ملائكي” لا علاقة له بـ “الشيطنة”، أو بالاتهامات التي تُطلق ضد الأخصام السياسيين.
ولهذا المحور أبواقه. أولئك الصغار الذين يملؤون الشاشات ضجيجاً وصراخاً، ويطلقون التهديد والوعيد ويكيلون الشتائم ويضعون أنفسهم في مرتبة “الديّان” الذي يُصنّف الناس بين مؤمن وملحد ومرتد، وبين وطني وعميل وخائن، وبين إنتهازي ومستقيم وشفاف… أولئك الصغار الذين يتدافعون لنيل بركة المرشد الأعلى للجمهوريّة (وبالمناسبة هو ذاته الجندي الصغير في جيوش الآخرين) لخوض السباق الإنتخابي سواءً أكان نيابيّاً أم رئاسيّاً بعد فترة قصيرة من الزمن.
ولهذا المحور، أخيراً، “شبيحته”. أولئك الصغار الذين يعملون لدى الصغار أيضاً (إنما الأعلى منهم رتبة)، وهؤلاء على جهوزيّة تامة للانقضاض على كل من تسوّل له نفسه أن يدلي برأي مغاير. نعم، ممنوع أن يمتلك المواطن رأياً مختلفاً أو أن يفكر مجرّد تفكير برأي لا ينطبق مع السائد. ليس مهماً إذا كان السائد صحيحاً أم غير صحيح. هذا أمر آخر قلما اكترثت له قوى الممانعة. إهتماماتها الاستراتيجيّة أكبر من ذلك بكثير، وإهتمامات “قياداتها” التاريخيّة لا تلتفت إلى هذه الترهات، بل تركز جهودها على مواصلة عمليّة الخطف وإدامتها.
لقد أصبحت سلوكيّات وأساليب قوى الممانعة معروفة وممجوجة. القرار لدى الناخب اللبناني. هل فعلاً تريدون “ثقافة السحسوح”؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
7 أكتوبر: منعطف جديد في الشرق الأوسط! | لبنان يُهمَّشُ أكثر فأكثر! | إلى متى انتظار تطورات المشهد الإقليمي؟ |