الانتحار “المصوّر” والموت الجماعي.. أبعد من “جهنم”!
كتبت نسرين مرعب لـ”هنا لبنان”:
بعيداً، عن جدلية الانتحار ومفاهيم الخطأ والصواب، والسجال الديني والفلسفي، سقط بين أيدينا اليوم فيديو “غريب”، لمواطن قرر قبل خنق أنفاسه الأخيرة أن يصوّر فيديو لرفاقه وأحبائه في العالمين الحقيقي والافتراضي، يخبرهم به أنّه سينهي حياته ما إن يطفئ كاميرا هاتفه ويطالبهم في الوقت نفسه بعدم الحزن أو البكاء في مأتمه أو حتى ارتداء اللون الأسود.
الرجل الأربعيني، الذي ظهر وهو يتحدث بثبات، بعدما علق مشنقته، وشدّها على عنقه، كرّر عبارة “هيدي الحياة ما عاد عيش فيها”، مبرئاً أيّ أحد من حادثة موته!
هذا “الانتحار” يأتي في سياق مختلف. فعادة ما يترك الشخص رسالة، أو يصوّر فيديو وهو جالس على كرسيه. أما أن يعلق مشنقته ويتحدث وهو على مسافة قصيرة من لحظة الموت، فيبدو غريباً.
والأغرب هي تلك القوة التي جعلته صامداً كي يقول كلماته، وكي يرسلها إلى المعنيين فرادى أو عبر مجموعة واتسآب، لا نعلم!
المشهد في إطاره سينمائي. في مسلسل “أولاد آدم”، شهدنا مثيلاً له، ولكن في بثّ مباشر، علّق غسان (يؤدي دوره مكسيم خليل) مشنقته وأنهى حياته أمام الجميع!
ولكن ما الهدف من هذه السينمائية؟!
هل أراد هذا المواطن أن يقدّم لنا الانتحار بصورة “إيجابية”؟ أن يقول لنا أنّ هذا الحل الوحيد للخلاص من “جهنم”.. أن يجمّله لنا؟ فخرج به إلينا ووضعه برسم العالم الافتراضي، كما نُخرج نحن لحظات أفراحنا وكما نوثق أعياد ميلادنا ومناسباتنا السعيدة؟
لماذا أراد هذا الرجل لانتحاره أن يحدث صدمة من نوع مختلف، وما القصد من هذه الرسالة بالتحديد. هو تحلّى بالقوة، بالهدوء، وكان مصرّاً على الابتسام..
هي ربما ابتسامة الرحيل!
فهذا الانتحار، بصورته، بخطواته، يشبهنا، يشبه الهموم اليومية التي نتخبّط بها، يشبه الخوف الذي يتربّص بنا، يشبه كل لحظاتنا واللا أمان إن في قوتنا، أو محروقاتنا، أو أعمالنا!
هذا الانتحار يعكس “قسوة” لبناننا.. إذ يجسّد الرغبة والشغف لدى كل منّا للخلاص من هذا الوطن.
وطرق الخلاص كثيرة… هناك من هاجر، وهناك من رمى نفسه في بحر طرابلس وما زال جثمانه أسير القارب، فحتى الدفن بات ترفاً في هذه الأرض!
وهناك من يحفر في الصخر ليلاً نهاراً، كي لا تجوع بطون عائلته!
وهناك من لم يجد سبيلاً. وملّ المقاومة، فكتب نهايته بأسلوب تراجيدي..
هذا الانتحار ببساطة يليق بنا.. يليق بـ”جهنم” التي أصبحنا في جحرها!
مواضيع مماثلة للكاتب:
ماذا حصل في عين الرمانة؟ | محافظ بيروت أصدر بلاغاً إلى جميع أصحاب ومستثمري مولدات الكهرباء | بالتفاصيل: إنذار إسرائيلي للضاحية.. وإنذاران للجنوب! |