حقُ اللبنانيين بالسكن “مهدورٌ”… وقطاع العقارات يدق ناقوس الخطر!
كتبت يارا الهندي لـ “هنا لبنان” :
كغيره من القطاعات المتضررة في البلاد، تأثر سوق العقارات بشكل مباشر بالأزمة المالية التي يمر بها لبنان، حيث شهدت أسعار العقارات تدنيًا ملحوظًا مع تدني قدرة المواطن الشرائية، الذي لم يعد باستطاعته التملك ما أثّر سلبًا على بناء حياة أسرية خصوصاً في ظلّ غلاء الإيجارات.
القطاع العقاري يشهد حتمًا في لبنان حالة من الركود، حيث انخفضت أسعار الشقق إلى أقل من النصف إلّا أن هذا الهبوط الكبير لا يعني أن التملّك بات متاحًا للبنانيين.
نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين وليد موسى يؤكد في حديث خاص لـ “هنا لبنان” أن مستقبل قطاع العقارات في لبنان بات مهددًا، حيث أن القطاع العقاري مرّ بمراحل عديدة من ١٧ تشرين حتى اليوم. عندما بدأت الأزمة لجأ المودعون إلى شراء عقارات، واشتروها حينها بسعرها الفعلي. إلى ذلك تمت عمليات بيع وشراء للعقارات من المطوّرين المديونين من المصارف الذين أخذوا شيكات مصرفية، لكن مع الوقت انخفضت نسبة استخدام الشيكات وأصبح الدفع نقدًا هو المسيطر، إلى حين وصولنا اليوم إلى نسبة ٩٥٪ من المبيعات بالدفع النقدي من دون شيكات. الأمر الذي انعكس انخفاضًا بمعدل البيع إلى ٥٠٪ بالمقارنة مع ما قبل تشرين ٢٠١٩.
قرضُ مصرف الإسكان الذي يُقدر بحوالي ١٢٨ مليون دولار، هو مبلغ غير كافٍ لإحداث تغيير في السوق العقاري، بحسب موسى، الذي لفت إلى أن هذا القرض مخصص للشقق في الريف، فسقف القرض هو مليار ليرة أي ما يقارب ٣٠ إلى ٣٢ ألف دولار للشقة، ويصعب إيجاد شقق بهذه الأسعار إلا في الأرياف.
وتوجّه موسى بالشكر إلى مصرف الإسكان، مثنيًا على هذه المبادرة، مشيرًا إلى ضرورة البحث الدائم عن صناديق عربية وأجنبية وأوروبية، لأنها تُعتبر الحلّ الأفضل، لكونها تقدّم قروضًا مدعومة على فترة طويلة يتمكن من خلالها الشاب اللبناني من شراء شقة. لذلك بحسب موسى، لا تأثير مباشر لهذه القروض على السوق العقارية ولكنها تبلسم الأزمة، وستسمح بالبناء خصوصاً في الأرياف.
فالأرقام إلى مزيد من التراجع، أما الحلول فصعبة. فموسى تحدث لـ “هنا لبنان” عن فارق بين كلفة البناء نتيجة التضخم الذي نشهده وكلفة المواد وانخفاض القدرة الشرائية لدى اللبناني مقابل الدولار الأميركي حيث أصبح هناك استحالة في التلاقي بين القدرة الشرائية وكلفة البناء (أو حتى سعر الشقق).
فاللبناني بات يحلم بالحصول على شقة ليعيش فيها، وهي أدنى حقوقه. كما أنه إذا قمنا بإحصاءات لنسبة الزواج في لبنان، في السنوات الثلاث الأخيرة، نرى أن السبب الرئيسي لتراجع نسب الزواج يعود بشكل رئيسي إلى موضوع السكن والإسكان، حيث بات اللبناني في العام ٢٠٢٢ غير قادر على الزواج.
ماذا عن الحلول المطروحة؟
المطلوب بحسب موسى، يتلخّص بإنشاء وزارة إسكان لتكون المرجع وتضع خططًا سكنية إسكانية، وتنسّق مع الصناديق الأجنبية للعمل على إيجاد القروض، حيث باتت هذه الصناديق من الحلول الأساسية. فعلى سبيل المثال، مصرف الإسكان أمّن قرضًا كويتيًا وتفاوض مع عدة أطراف مانحة لتأمين هذه الأموال.
إلى ذلك، من المحتّم اليوم وضع خطة سكنية إسكانية لتقوم هذه الوزارة بإعادة تأهيل، على سبيل المثال، الشقق الفارغة أو غير المؤهلة في بيروت، وتحث المالك على التأجير بأسعار منخفضة، لأن المشكلة ليست فقط في التملك إنما في الإيجارات أيضًا حسبما أكد موسى.
فهذه العملية صعبة جدًا ويلزمها مرجع ينظمها ويعطي قروضًا. ويتابع موسى لـ “هنا لبنان” أن تشجيع القطاع الخاص للدخول في خوض غمار “البناء” بأسعار مقبولة إن كان للإيجار أو للبيع، مع بعض الإعفاءات عن مواد البناء أو الضرائب، قد يكون من الحلول المجدية.
انفجار سكني إسكاني
من المؤسف، أن نتحدث عن انفجار سكني إسكاني، لكون المواطن لم يعد قادراً على الاستئجار والتملك، لأن الشقق باتت بالدولار الأميركي وأسعارها خيالية. فغلاء الأسعار وتدني القدرة الشرائية للمواطن أسباب تعيق عملية شراء أو استئجار الشقق، علمًا أن حق السكن أساسي ومكرّس بالدساتير العالمية وحتى في أفقر البلدان.
هذه المعضلة صعبة ولا يجوز أن نكون في العام ٢٠٢٢ ولدينا وزارة مهجرين وليس وزارة إسكان. وطالب موسى المعنيين عبر “هنا لبنان”، أن يكون هناك مشروع قانون مقدم من البرلمان اللبناني لإنشاء وزارة إسكان وتخطيط وإلغاء وزارة المهجرين فالحرب انتهت مند ٣٠ عامًا.
مواضيع مماثلة للكاتب:
ميقاتي وصفقة المليار يورو… على “ظهر اللبنانيين” | قنبلة الذوق الحراري: مواد كيميائية تنذر بكارثة جديدة في لبنان! | “دورة خفراء في الجمارك” تثير الجدل مجددًا… فهل يتم إقصاء المسيحيين من وظائف الدولة؟ |