الشامي لـ “هنا لبنان”:USJ الّتي تنادي بالحريّات ومكافحة الفساد لم يكن قرارها صائبًا كلّياً باستضافة بيفاني
كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:
ديمقراطيّة النظام في لبنان تكرّس مبدأ الحريّات. فحريّة التعبير عن الرأي هي حقّ مقدّس لدى الشعب اللّبنانيّ. غير أنّ هذه الحريّة أصبحت اليوم تُستخدم من قبل أفرادٍ لتبييض صفحتهم بعد الشبهات والاتّهامات الّتي يتعرّضون لها. وها هو اليوم اسم آلان بيفاني يتكرّر على لسان معظم الشعب اللّبنانيّ.
تكرار الاسم لا يعني الصيت الحَسن، بل اسم بيفاني اليوم يستذكر فيه الشعب الهندسات الماليّة الخاطِئة التّي حصلت في لبنان خلال العقود السابقة. والإعلان عن استضافته في ندوة “حقوق المودعين في مواجهة الأزمة الماليّة” في جامعة القديس يوسف – USJ كانت له ردود فعل سلبيّة على بيفاني وعلى الجامعة.
تواصلنا في “هنا لبنان” مع الخبير الاقتصاديّ محمّد الشامي الّذي أشار إلى أنّ آلان بيفاني أستاذ ماليّ ومحاضر سابق في جامعة القديس يوسف من 1995 إلى 2002 وإذا تكلّمنا بكلّ موضوعيّة وشفافيّة هذا السبب يعتبر سببًا أساسيًّا ليتمّ اختياره من قبل إدارة الجامعة للمشاركة بالندوة.
وعند سؤاله ما إذا كان من الطبيعي أن يشارك في الندوة بهذا الوقت بالذات، اعتبر الشاميّ أنّ في لبنان كلّ شيء وارد. فبعيداً عن الشعبويّة والخطاب الشعبويّ الّذي يرفض مشاركة بيفاني قبل أن يتمّ التحقيق معه بجميع الأمور والملفّات الماليّة المشتبه بها التي أوصلت لبنان إلى ما هو عليه اليوم من غير المنطقيّ استضافة بيفاني في هذه المرحلة الحسّاسة.
وأضاف الشامي نحن اليوم نعتبر أنّ أكبر رقم فساد هو داخل وزارة الطاقة لذا علينا أن نبدأ بمحاسبة الهدر من الوزارة. والسياسات الماليّة الّتي اتّبعت في لبنان كانت سياسات لا بأس بها وأخّرت الانهيار قدر الإمكان. لكن وزارة الطاقة لا تستطيع صرف الأموال بأكملها دون موافقة وزارة الماليّة، فبغضّ النظر عن شخص وزير المدير العام للوزارة الذي لديه سلطة أكبر من الوزير، وبيفاني كان مدير عام وزارة الماليّة لأكثر من 20 عاماً.
وبدل استعمال عبارة تلميع صورة المنظومة اعتبر الشامي أننا في لبنان اعتدنا إظهار الجانب الآخر المشرق من وجوه رجالات المنظومة. فرجل السياسة المشتبه به والمتّهم بقضايا فساد يتمّ استضافته في برامج فكاهيّة واجتماعيّة لإظهار الوجه الآخر منه، وهذه حنكة ولعبة سياسيّة تتّبع في لبنان.
اليوم استضافة بيفاني مريبة من قبل الجامعة، غير أنّه لا يوجد مانع قانونيّ يمنعها؛ فهو شخص غير ملاحق بشكل واضح وصريح فلو كنّا ببلد طبيعي كان سيكون مُلاحقًا لحين البتّ بموضوع المصروفات والهدر الحاصل بالدولة على الأقلّ خلال السنوات العشر الأخيرة.
بحسب الشامي على بيفاني الخضوع للتحقيق وأن يكون تحت المجهر. فنحن كنّا نطالب سابقاً بأن يتمّ الكشف عن حسابات والتحقيق مع كلّ فرد تعاطى الشأن العام خاصةً على مستوى المدراء العامين. صحيحٌ أنّ آلان بيفاني قامة بعلم المال والاقتصاد غير أنّه وافق وصادق على بعض المغالطات التي أوصلتنا إلى هذا الوضع الإقتصادي.
إذاً لا رادع أمني أو قضائي يمنع الجامعة من استقبال بيفاني، ولكن اجتماعياً وبالحدّ الأدنى هذا الاستقبال غير مقبول. فجامعة عريقة كجامعة USJ الّتي تنادي بالحريّات ومكافحة الفساد لم يكن قرارها صائبًا كلّياً باستضافة بيفاني.
بالمقابل مثلما يستضاف بيفاني اليوم في جامعة القديس يوسف، سنشهد في الفترة المقبلة إعادة ظهور لوجوه السلطة في ندوات وبرامج. لأننا ذاهبون وبحسب الوقائع إلى تمييع الأمور وتلميع صورة الفاسدين لاجتذاب الناس لهم. فلا محاسبة فعليّة ولا ملاحقة جديّة وهذا يؤدّي إلى إعادة فرز لنفس السلطة. لا يحمّل الشامي بهذا الحديث المسؤولية للتغييريين لكن العمل التغييريّ يلزمه الكثير من الوقت لأنّ السلطة متأصّلة ومتجذّرة.
وفي الختام اعتبر الخبير الاقتصادي محمّد الشامي أنّ السرقة في لبنان سرقة مقوننة مشرعنة، فكلّ السرقات كانت على مستوى من الاحتيال والنصب والذكاء المافيويّ. فليس لدينا إثباتات كاملة، فالمراوغة في اتّخاذ القرارات لا تعطينا الهدف الّذي نبحث عنه. فالحلّ في لبنان اليوم هو تحرّك القضاء والقرار بالحجز على أملاك وأموال موظّفي الفئة الأولى. آلان بيفاني جزء من المنظومة، خطأ تحميله المسؤوليّة وحده، والخطأ الأكبر تجريده من المسؤوليّة.