القطاع الاستشفائي يلفظ أنفاسه الأخيرة… وصرخة من أطباء وممرضين لا زالوا هنا ولم يهجروا لبنان!
كتبت ريتا عبدو لـ “هنا لبنان”:
هل تتخيلون أن أغلب أطبائنا الماهرين يهجرون لبنان؟ هل تلاحظون أن عدد الممرضين والممرضات في المستشفيات أصبح خجولاً؟ هل من أحد يدرك حجم هذه الكارثة التي سببها الهجرة القسرية من الوطن، وترك القطاع الطبي والاستشفائي يتأرجح في عز الأزمة متروكاً ومهجوراً من أهم أعضائه وأكثرهم مهارة ومهنية؟
لن أتحدث أكثر، سأترك الحديث للمعنيين في هذا القطاع، والذين هم الأكثر تضرراً.
ففي مقابلة لـ “هنا لبنان” مع جراح العظام الدكتور طوني داغر، أكد أن السبب الأول والأساسي وراء هجرة الأطباء من لبنان هو الوضع الاقتصادي السيئ، لأن الأجرة التي كانوا يتقاضونها أصبحت متدنية جداً، أما السبب الثاني فهو المعاناة من نقص المعدات الطبية أو فقدانها، إضافة إلى فقدان عدد كبير من الأدوية التي كانت توصف لبعض أنواع الأمراض، ما يضع الطبيب أمام حيرة في أي دواء بديل يختاره لمعالجة الحالة.
وأضاف: “لذا أمام نقص كل هذه الأمور الأساسية، وتدني المستوى المعيشي والأمن الذاتي للطبيب نظراً لعدة اعتداءات حصلت سابقاً، أصبحت الهجرة مفتاح أمل يفتش عنه الأطباء. وأكبر مشكلة طرأت على عمل الطبيب هو تأخر مؤسسة الضمان الاجتماعي وحتى بعض شركات التأمين في تسديد أجرة الطبيب عند إجراء العمليات الجراحية مثلاً، وبالتالي أصبحت المستشفى تتقاضى النسبة الأكبر من الأجرة أمام الطبيب الذي يتبقى له “من الجمل دينتو”.
وبين العيش في الوطن، أو العيش بكرامته، فطبعاً سيختار الطبيب العيش بكرامته حتى لو اضطر إلى الهجرة بعيداً…في المقابل، يلقى الأطباء اللبنانيون ترحيباً واسعاً في دول العالم، خاصة في الدول العربية، إذ أنهم يتقاضون خارجاً أجرة أعلى مما هي عليه في لبنان وحتى أن منهم من يتبوأ مراكز مهمة في المستشفيات في الخارج.
واستكمل داغر حديثه بالقول: “لا يجب أن ننسى أن الطب في لبنان هو مسيرة بدأت مع الأطباء الكبار واستكملت جيلاً بعد جيل بالنجاح والازدهار، لذا على الدولة تدارك هذا الأمر سريعاً، وإيقاف هذه الهجرة الخطيرة على القطاع وعلى اللبنانيين وإلا نحن أمام كارثة استشفائية أكثر فتكاً!”
من جهة أخرى وفي مقابلة لـ “هنا لبنان” مع الممرضة كاترين ميني، أعلنت أن بالنسبة لهجرة الطاقم الطبي، فكثير من المستشفيات خسرت أهم وألمع الأطباء والممرضين والممرضات في فترة قصيرة مع بداية الأزمة، وطبعاً السبب هو تدهور الوضع الاقتصادي، جائحة كورونا، وتداعيات الكارثة التي حلت علينا جراء انفجار ٤ آب.
وبالتالي، فإن المريض هو من يتحمل نتيجة هذا النقص، فهناك عدد قليل من الممرضين مقابل عدد كبير من المرضى.
وأضافت: “لكن لا شك أننا لازلنا نعمل ونعطي كل طاقتنا في سبيل هذه المهنة ونتحمل كل المصاعب ونهتم بكل مريض حتى آخر نفس… !”
وعن سؤال ميني عن حاجات الطاقم التمريضي اليوم: “نحن بحاجة لأبسط الأشياء وهي حقوقنا! بحاجة إلى دولة تدعم القطاع الطبي والطاقم التمريضي لأن الحمل أصبح كبيراً، فأمام كل هذا الغلاء كيف يمكن أن نستمر ونؤمن لقمة عيشنا؟ كيف ممكن أن نقوم بواجبنا والدواء مقطوع والمعدات مفقودة؟ وفي ظل “كوما” الدولة، قطاع الاستشفاء إلى الزوال… نحن بحاجة اليوم بشكل عاجل إلى حلول جذرية لإنقاذ القطاع، خاصة دعم الدواء وتحديداً أمراض السرطان والعلاج الكيميائي وغيرها من المستلزمات…”
وأضافت: “صرخة أوجهها إلى المعنيين في هذا القطاع وتحديداً إلى إدارات المستشفيات: نطالب بالحصول على حقوقنا كاملة، وإعادة النظر برواتبنا التي باتت لا تساوي حتى 70$ … وتجدر الإشارة، إلى أن كل هذه المشاكل، لم تكن عائقاً أمام تأدية الممرض والممرضة واجباتهم تجاه المريض، نحن قرب المريض، ننسى كل شيء ولا نفكر إلا بالمريض وبسلامته وعافيته.”
في النهاية، القطاع الاستشفائي على شفير الهاوية و “لا حياة لمن تنادي … !”
مواضيع مماثلة للكاتب:
مساحات البناء المرخّصة تراجعت.. فهل يعاود القطاع نشاطه؟ | هاجس انقطاع الأدوية يرافق اللبنانيين… فهل من أزمة جديدة؟ | أشجار زيتون الجنوب من عمر لبنان… “قلوبنا احترقت عليها!” |