ماذا يعني عملياً طرح “قانا مقابل كاريش”؟
كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان” :
على قاعدة “استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان” يخوض لبنان الرسمي مفاوضاته غير المباشرة مع إسرائيل بشأن الحدود البحرية بواسطة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، فالتكتم سيد الموقف حول الجواب اللبناني الموحد الذي سمعه هوكشتاين في زياراته. إلا أن الأكيد أن لبنان خفض مستوى مطالبه، وهو أبعد ما يكون عن الخط التفاوضي 29 مع القبول بالخط 23 مستقيماً، من دون التعرجات، التي كان اقترحها هوكشتاين في 2 آذار الماضي، والتي تربط الخط 23 بخط فريديرك هوف.
إلا أنه وبحسب المعلومات التي حصل عليها موقع “هنا لبنان” فإن لبنان الرسمي قدم عرضا شفهياً للمبعوث الأميركي وهو “حقل قانا كاملاً مقابل حقل كاريش”، على أن تتوقف إسرائيل عن التنقيب عن النقط في كاريش إلى حين التوصل إلى الاتفاق.
وتضيف المعلومات أن لبنان احتفظ بورقة الضغط الأخيرة، وهي تعديل المرسوم 6433 واعتماد الخط 29 كخط تفاوضي، وإيداعه الأمم المتحدة، في حال رفضت إسرائيل العرض اللبناني. وعندها نكون قد وصلنا إلى لحظة المواجهة الفعلية بين لبنان وإسرائيل.
ولكن عملياً ماذا يعني الطرح اللبناني؟
طرح قانا مقابل كاريش، يعني عملياً، بحسب مصادر مواكبة لإجتماعات هوكشتاين، زيادة المساحة البحرية من 860 كيلومتراً مربعاً، المقترحة من هوكشتاين، إلى حوالي 1200 كيلومتراً مربعاً بعد تعديل الخط 23، وتشمل هذه المساحة حقل قانا الذي يمرّ به الخط 23.
وهذا الطرح يعني أيضاً الحصول على اعتراف إسرائيلي بحق لبنان في حقل قانا كاملًا، الذي يقع الجزء الأكبر منه في البلوك رقم ٩ شمال الخط ٢٣ وحوالي ٢٠% جنوب هذا الخط، كما يعني ذلك سقوط خط الوسيط الأميركي فريديك هوف الذي يقسم هذا الحقل بين الجانبين الإسرائيلي واللبناني، بشكل متعرج دون قواعد واضحة تحدد حصة كل طرف.
وتضيف المصادر أن المسارعة إلى إعلان أن لبنان لا يملك المعلومات الوافية عن مكونات حقل قانا، وأنه قد لا يحتوي على الغاز، فهو يهدف إلى عرقلة هذه المفاوضات، خصوصاً أن لبنان يتحصن هذه المرة بموقف موحد نقله لهوكشتاين، وترد المصادر بأن هناك دراسات عدة زلزالية إنكليزية ونروجية أشارت إلى احتمال وجود حقل غازي كبير في حقل قانا، التي تم إطلاق عليه هذا الاسم نسبة إلى شهداء قانا، وقد تصل الكميات فيه إلى مرتين وأكثر من حقل كاريش والتي قدرت إسرائيل كمية الغاز فيه بـ2.3 TCS أو مليار مكعب من الغاز. وتضيف أن شركة توتال المعنية بالحفر في البلوك رقم ٩ قررت واستناداً إلى دراساتها أن تحفر في بقعة ضمن حقل قانا كي لا تكرر تجربة الحفر التي لم تسفر عن كميات تجارية في البلوك رقم ٤.
وتوضح المصادر أن هذه الدراسات موجودة في data room في وزارة الطاقة، وبإمكان الشركات الأجنبية الراغبة والمهتمة بالإستثمار في التنقيب عن النفط في حقل قانا الحصول عليها من الدولة اللبنانية، مقابل بدل مادي، لتقرر على أساسها مكان حفر الآبار.
وتتوقع هذه المصادر أن لا يتأخر الرد الإسرائيلي، فإن إسرائيل قد التزمت مع شركة ENERGEAN POWER اليونانية برزنامة زمنية معينة للتنقيب، وكل يوم تأخير قد يكلف الشركة ملايين الدولارات.
رغم كل ذلك يبقى حقل قانا حقلاً نظرياً إلى حين القيام بعمليات الحفر فيه للتثبت من وجود الغاز فيه، مع الإشارة إلى أن المطالبة بهذا الحقل شيء والحصول عليه شي آخر، وهو ما أشار إليه رئيس الوفد التقني العسكري اللبناني المفاوض حول الحدود البحرية الجنوبية العماد بسام ياسين بأن المطالبة بحقل قانا يجب أن تتضمن أن حقل كاريش لا يزال في منطقة متنازع عليها لحين التوصل إلى حل عادل وفقاً للقانون الدولي، مشيراً إلى أن ردًّا ناقصًا كهذا، سيعتبره الوسيط الأميركي وثيقة رسمية بأن لبنان لا يطالب بالخط ٢٩ ولا يعتبر حقل كاريش متنازعًا عليه، وبالتالي تسقط نقطة القوة لدينا التي هي مفتاح التوصل إلى حل عادل وبدء التنقيب في مياهنا.
الأكيد أن عامل الوقت ليس لمصلحة لبنان، فإسرائيل انتهت من حفر ثلاث آبار في حقل كاريش وهي الآن بصدد حفر الرابع وانتقلت إلى مرحلة الإنتاج، مع وصول الباخرة اليونانية، فيما لبنان لا يزال في مرحلة التفاوض والأمور رهن الجواب الذي سيحمله هوكشتاين بعد زيارته إسرائيل في الأيام المقبلة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
المحكمة العسكرية ضحية “الكيدية” | مسؤولون لبنانيون للوفود الديبلوماسية: الأولوية للترسيم البري بدل الالتهاء بالقرار 1701 | أونصات مزورة في السوق اللبناني… والقضاء يتحرك |