حكومة العهد الأخيرة هل تبصر النور؟… شروط تُكبّل واستحقاقات لا تُمهل!!
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان” :
“لم نعد نملك ترف الوقت والتأخير والغرق في الشروط والمطالب”: عبارة قالها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعد انتهاء الاستشارات النيابية الملزمة تختصر ما يخشى منه في المرحلة المقبلة ليس فقط على صعيد تأليف الحكومة بل في كل الإستحقاقات.
رسالة وجهها الرئيس ميقاتي إلى أكثر من فريق سياسي يضعون الشروط ويرفعون سقوف خطاباتهم فيما السؤال المطروح اليوم هل ينجح الرئيس ميقاتي بتأليف سريع للحكومة قبل الدخول في فلك استحقاق رئاسة الجمهورية؟
يبدو المشهد بحسب مصادر سياسية مطلعة ضبابياً في ظل اقتناع البعض أن الفترة المتبقية من عمر العهد لا تستأهل معركة حكومية وأن حدود هذا الإستحقاق التكليف من دون تأليف، فيما عكست المواقف في خلال يوم الإستشارات مدى الصعوبة التي سيواجهها الرئيس ميقاتي في عملية التأليف. وتشير المصادر إلى أن قراءة موقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل تحسم صورة المرحلة المقبلة عندما قال: “لا نرى أن هناك فرصة حقيقية مع الرئيس ميقاتي للإصلاح في البلد” و”نحن لسنا مع تسمية الرئيس ميقاتي لأسباب عديدة منها ما عبَّر عنه دولة الرئيس بنفسه حول صعوبة تشكيل حكومة جديدة في هذا الوقت الضيق، وصعوبة تحقيق أمور نعتبرها أساسية في المرحلة المقبلة…”
وفي هذا الإطار رأت المصادر أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيحاول في الأشهر القليلة المتبقية من عهده أن يحصل على حصة وازنة للتيار الوطني الحر خصوصاً أن “النائب جبران باسيل يحاول أن يرمم علاقاته لا سيما صورته الدبلوماسية بعد العقوبات الأميركية وبالتالي الأنظار تتجه إلى مطالب التيار الوطني الحر لتكريس حصة وازنة تحسباً للفراغ الرئاسي، هذا الأمر ينسحب أيضاً على القوى السياسية الأخرى إذ إن الحكومة ستستلم صلاحيات رئاسة الجمهورية ما يجعل القوى السياسية تتصلب أكثر بحصصها داخل الحكومة”.
وماذا عن شكل الحكومة العتيدة؟ هنا معركة أخرى بحسب المصادر بعد بروز مواقف استباقية من طبيعة الحكومة، ورئيس الجمهورية كان قد أعلن تأييده قيام “حكومة سياسية للمرحلة المقبلة، خصوصاً إذا كانت ستواجه استحقاقات وصعوبات. لم يعد في الإمكان القبول بأفرقاء يسمّون وزراء سياسيين، ونحن نسمّي وزراء «تكنوقراط». إما كلها من التكنوقراط وليس على غرار الحكومة الحالية بعض وزرائها مقنّع، أو حكومة سياسية، قوة الحكومة في توازنها. عندما تكون حكومة سياسية متوازنة، ماذا يمنع أن تكون حكومة وحدة وطنية؟”.
والسؤال هل يذهب ميقاتي إلى خيار تأليف حكومة سياسية؟ الرئيس المكلف ليس ببعيد عن فكرة الحكومة السياسية على رغم أنه أكد ارتياحه للعمل مع الفريق الحكومي الحالي، تؤكد المصادر، إلا أن المرحلة الحالية تتطلب مشاركة الجميع للإنقاذ، وفيما يعتبر البعض أن حكومة الوفاق الوطني تجربة غير ناجحة هل من الممكن اليوم تأليف حكومة لون واحد وعمل الحكومة العتيدة سيركز على استكمال ما بدأته الحكومة الحالية ومن يطرح حكومة وحدة وطنية يطرحها من خلفية أنه بسبب تعذر انتخاب رئيس للجمهورية فإن هذه الحكومة قد تتولى صلاحيات الرئيس وفقاً للدستور لتجنب الفراغ. فيما يذهب البعض إلى فكرة تشكيل حكومة على شكل حكومة تصريف الأعمال باعتباره الخيار الأفضل في هذه المرحلة بهدف إنجاز ملف الإصلاحات والاتفاق مع صندوق النقد الدولي وتلتقي وجهة النظر هذه مع رأي الفريق الداعم لتطعيم حكومة تصريف الأعمال، وتشير المصادر نفسها إلى أن بقاء حكومة الرئيس ميقاتي وارد مع إجراء تعديل في بعض الحقائب وإضافة وجوه سياسية إذ إن بقاء شخصيات تقنية حتى وإن حصل تعديل بسيط مع إضافة وزراء سياسيين تشكل غطاء سياسياً للمرحلة المقبلة إذا ما حصل فراغ رئاسي.
الرئيس ميقاتي كان واضحاً في كلمته بعد الإستشارات بدعوة الجميع إلى التعاون ومد اليد لإنقاذ البلد وتأمين الإستقرار السياسي المطلوب وأكد أن عمر الحكومة قصير ولن يدخل في مشكلات بسبب حقيبة وزارية. وبالتالي كل هذه الصورة ستتبلور بعد الإستشارات النيابية غير الملزمة الإثنين والثلاثاء. مع العلم أن كتل نيابية أساسية تجنح إلى حكومة تقنيين شبيهة بالحكومة الحالية أو تطعيمها وتعديلها، وهنا لا تستبعد مصادر أخرى أن يتم تأليف حكومة لأنه أولاً تم تكليف الرئيس ميقاتي ولن يعمل على تأليف حكومة من الصفر بل نوع من التعديل الوزاري لبعض الوزراء والحقائب.
بين رأي يقول أن التأليف بعيد المنال في ظل التجاذبات ورأي آخر متفائل مع مرونة أظهرها الرئيس ميقاتي في مواقفه الأخيرة بشرط أن لا تتعارض الحكومة العتيدة مع “المسلمات الوطنية الأساسية التي يجب وضعها على سكة القطار”.
سؤال يُطرح في ظل التشتت الواضح لقوى التغيير والمعارضة: هل ستشارك في الحكومة أم تبقى خارجها؟ وأي تغيير منشود؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |