ضهر المغر “المهمشة”.. فقراء يقتات عليهم الإعلام!
كتبت نسرين مرعب لـ “هنا لبنان” :
ليس تفصيلاً انهيار مبنى من 3 طبقات في منطقة ضهر المغر، التي تقع على أطراف منطقة القبة – طرابلس، وليس تفصيلاً أيضاً أن “يتواضع” الإعلام اللبناني لنقل صورة المنطقة التي لا تليق – وفق الطبقية اللبنانية – بـ “بريستيج” الشاشة!
العنوان “سقوط مبنى”، أما الحقيقة فهي منطقة متداعية، والعديد من الأبنية مهدد بالسقوط وتحتاج منذ سنوات إلى ترميم.. والوجه الآخر للحقيقة التي يتغاضى عنها الإعلام، هو مجموعة من الأزمات تبدأ من التسرّب المدرسي، البطالة، لتتضخّم وصولاً إلى المخدرات وزواج القاصرات..
فهذه المنطقة “المهمشة” تختنق بأزماتها، حتى أن الكثيرين يرونها بيئة غير آمنة “ليلاً”، فيجتنبونها، وهنا لا نجلد أهلها، ولا نشيطنهم فهم “ضحايا”!
الشباب في ضهر المغر يولدون وهو يحملون “وزر” منطقة قيل يوماً إنّها مأوى الزعران. يولدون وقد حُكِم عليهم سلفاً بالإعدام، حتى تتحوّل فجأة عبارة “ابن ضهر المغر”، إلى شتيمة في بيئة تجيد التصنيف والشرذمة!
الطموح في هذه المنطقة يكاد يكون “محرّماً”، وقلّة من يتحدّون اللعنة التي فرضت عليهم، فينقلبون عليها، ولا يلبثون أن يخرجوا منها، أن يتبرأوا!
لا تعرف الدولة ضهر المغر، إلاّ في مداهماتها، والتقارير الصحفية لا تدركها إلاّ إن أرادت أن توصمها بالإرهاب، ومن يسكن خارج حدودها يجتهد ألّا يمرّ في طرقاتها الضيقة ولا أن يصطدم بوجه أهلها!
محمّلة بهذه النمطية، درجت إلى ضهر المغر منذ مدة وجيزة. جارة المنطقة الغريبة أنا، لا أعرف تفاصيلها ولم أتفحّص يوماً وجوه أهلها.
الأبنية هناك صغيرة، ضيقة، ولكنّها دافئة.. شبابها يتمسكّون بالنخوة، ربما يتعاطى بعضهم المخدرات، وقد يتاجر بها البعض الآخر، وربما هناك من يخبئ في جيبه سكيناً أو أيّ سلاح، غير أنّ هذا الأمر لا يحوّلهم إلى وحوش، نظراتهم أكثر رأفة من تلك التي أصادفها خارج حدود المنطقة.
أن تكون زائراً لضهر المغر، فأنت ضيف، وإكرام الضيف واجب، يحتالون كي يبقوك على الغداء، ويتمسكون بك بالرجاء والتشديد. والمائدة على تواضعها تكون مزدحمة زاخرة.
في ضهر المغر أمهات يحلمن بمستقبل أفضل لأطفالهن. مراهقون ناقمون على دولة همشتهم ومجتمع جلدهم. شابات يردن إثبات أنّ هذه المنطقة تخرج المثقفات!
ضهر المغر ببساطة ليست غريبة.. نحن الغرباء، أناسًا، ومجتمعًا، ودولة..
واليوم حادثة مؤلمة كسقوط المبنى كشفت لنا الغطاء عن هذه المنطقة، فهل يوقظ ضحايا المبنى النخوة في ضمير الجمهورية الميتة؟ أم أنّ قدر طرابلس أن تكون بين أنقاض زورق غارق ومبنى مدمّر؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
أين لبنان؟.. يا فيروز! | سليم عياش.. “القاتل يُقتل ولو بعد حين”! | نعيم قاسم “يعلّم” على الجيش.. الأمين العام “بالتزكية” ليس أميناً! |