لبنان يصنّع السيارات الكهربائية.. فهل ستحل محل السيارات التقليدية؟
كتبت ريتا عبدو لـ “هنا لبنان”:
العالم يتطور والسباق مع التكنولوجيا يكاد لا يتوقف لحظة… فصحيح أن الحاجة هي أم الاختراع، لكن في لبنان حاجاتنا كثيرة ونحن في أمسّ الحاجة لاختراعات عديدة تسهل حياتنا وتوفّر مالنا! فمن منّا لا يصرف ربما أكثر من ربع مدخوله على البنزين؟ إلى متى سنبقى محتجزين تحت رحمة التقنيات التقليدية المكلفة والضارة؟ ها نحن اليوم أمام ظاهرة السيارات الكهربائية التي بدأت بالانتشار في العالم. والخبر المفاجئ أن لبنان ليس بعيداً عن هذا الموضوع! لاكتشاف السبب تابعوا هذا المقال…
لمن لا يعلم: لبنان يصنّع سيارات كهربائيّة!
قالها جهاد محمد مدير شركة “إي في إليكترا” الناشئة بكل صراحة: “هذه أول سيارة يتم تصنعيها بشكل كامل في لبنان”. فقد أعلنت شركة “إي في إليكترا” اللبنانية عن أول سيارة كهربائية تصنع محلياً في لبنان. “القدس رايز” هو الاسم الذي اختارته الشركة للسيارة الكهربائية، تحمل على مقدمتها شعاراً ذهبياً يمثّل قبة الصخرة. في التفاصيل، بدأت هذه الشركة بإنتاج حوالي عشرة آلاف سيارة في لبنان وذلك على الرغم من الأزمة الاقتصادية الصعبة التي يواجهها لبنان منذ ثلاثة أعوام وحتى اليوم. ويسعى محمد على المدى البعيد، لدخول مجال المنافسة في مجال السيارات الكهربائية والهجينة في السوق الدولية، إضافة إلى تحقيق مبيعات في السوق اللبنانية أيضاً.
في غضون تأزم وضع الكهرباء في لبنان يوماً بعد يوم، ولمواجهة تحدي انقطاع التيار الكهربائي، تعمل الشركة المصنعة للسيارات الكهربائية، على إنشاء نحو 100 محطة إعادة شحن في مناطق متنوعة في البلد، لتزويد السيارات بالطاقة، إلى جانب العمل على مشروع إعادة شحن السيارة الكهربائية عن طريق الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
علماً، أن في لبنان بدأنا نشهد محطات صغيرة خاصة بشحن السيارات الكهربائية على الأوتوسترادات والمناطق المكتظة بالسكان. بداية موفقة ولو خجولة قد ترسم مستقبلاً لامعاً للسيارات الكهربائية في لبنان حتى ولو كانت باهظة الثمن في البداية وقد لا تكون متاحة لكافة الشرائح الاجتماعية. لكن في ظل غلاء المحروقات وتحليق أسعارها يومياً، سوف تكون السيارات الكهربائية حلًّا أقل كلفة من الناحية المادية، ووسيلة نقل صديقة للبيئة على عكس المركبات التي تستخدم المحروقات.
هل يمكن أن تكون السيارة الكهربائية فعالة كالسيارات التقليدية؟
في الواقع، قد تشكل المسافة التي يمكن اجتيازها بالسيارة الكهربائية قلقاً بالنسبة للبعض. ففي المسافات الطويلة، قد يتعين على السائق التوقف لإعادة شحن البطارية، لذا يتطلب الأمر تخطيطاً مسبقاً، لكن هذا الأمر يزداد سهولة، مع توسع شبكات الشحن العامة، وزيادة الشواحن السريعة لمستوى الطاقة.
ولكن العمل جارٍ بفضل التطورات الأخيرة في تقنيات البطاريات على تحسين وتطويل المسافة، مما يسمح باجتياز مسافات أطول دون الحاجة إلى إعادة شحن البطارية، وقد يكفي شحنها على الأقل مرة واحدة فقط في الأسبوع..
السيارات الكهربائية الصديقة للبيئة تتوسع عالمياً بشكل ملحوظ!
بناءً على إحصائيات وكالة الطاقة الدولية، قطاع النقل هو المسؤول عن 24% من انبعاثات غازات السامة على المستوى العالمي. ويمثّل النقل البري، الأكثر استخداماً، حوالي 75% من هذه الانبعاثات الضارة بالبيئة التي يصدرها القطاع.
وعالمياً، وصلت مبيعات السيارات الكهربائية إلى 6.6 مليون مركبة خلال عام 2021، مقابل 130 ألف سيارة كهربائية بيعت فقط في عام 2012، وذلك بحسب تقرير حديث صدر عن وكالة الطاقة الدولية.
واللافت أن العالم العربي أيضاً ينخرط في هذه التقنية الحديثة. فمع إطلاق السعودية خطتها، باستثمارات ضخمة، للوصول إلى حيادية الكربون بحلول عام 2060، تهدف المملكة إلى تحويل حوالي 30% من السيارات الموجودة في شوارع الرياض إلى سيارات كهربائية بحلول عام 2030.
أما في الإمارات العربية فقد ارتفع عدد السيارات الكهربائية المسجلة في دبي إلى 5 آلاف و107 مركبة في نهاية شهر كانون الثاني الماضي 2022. إلى جانب هذه الأرقام، تضم الإمارات نحو 240 محطة عامة بطيئة للشحن موصولة بشبكة الطاقة يقع 80% منها في دبي.
هل يتحمّس الشباب اللبناني لاقتناء سيارة كهربائية والتخلي عن سياراتهم التقليدية؟
في استطلاع صغير لـ “هنا لبنان” للشباب، أبدى العديد منهم حماساً لهذه السيارات الكهربائية الصديقة للبيئة و”الوفّيرة” في مقارنة مع غلاء المحروقات. لكن كما الحال في باقي القطاعات، كيف يمكن للطبقة المتوسطة تأمين ثمن هذه السيارات التي غالباً ستكون بالفريش دولار؟ في المقابل، صرّح البعض الآخر عدم إيمانه بهذه السيارات من الناحية العملية والتقنية بالمقارنة مع السيارات التقليدية…
بعيداً عن الضرائب الباهظة، إن السيارات الكهربائية ستصبح مجدية اقتصادياً يوماً بعد يوم، لأغلب سكان العالم، خاصة مع ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري. ولا تزال الاختراعات والابتكارات الجديدة مستمرة يومياً لتحسين أداء هذه المركبات خاصة لناحية زيادة المسافة المقطوعة بالشحنة الواحدة واختصار وقت الشحن.
مواضيع مماثلة للكاتب:
مساحات البناء المرخّصة تراجعت.. فهل يعاود القطاع نشاطه؟ | هاجس انقطاع الأدوية يرافق اللبنانيين… فهل من أزمة جديدة؟ | أشجار زيتون الجنوب من عمر لبنان… “قلوبنا احترقت عليها!” |