إضراب موظفي المركزي شل الحركة النقدية: “حركشات عون السياسية قد تدفعهم إلى الإضراب المفتوح”
كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان”:
هو الإضراب الثاني الذي ينفذه موظفو مصرف لبنان، الأول في كانون الأول 2019، عندما حاول وزير المالية آنذاك علي حسن خليل المس بامتيازاتهم من خلال مقترحات في الموازنة العامة، ومجدداً الثلاثاء، نفذت نقابة موظفي المصرف المركزي إضراباً تحذيرياً احتجاجاً، هذه المرة، على “الملاحقات القضائية والادعاءات التي تتعرض لها مؤسسة مصرف لبنان وموظفوها” من مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونوابه السابقين وكبار الموظفين والمديرين”، والتي يعتبرونها مسيّسة وليست قضائية بحت.
الإضراب شل الدورة النقدية في البلاد والحركة المالية بالكامل، ولو أن المصارف فتحت أبوابها كالمعتاد، فتوقفت جميع عمليات القطع بالإضافة إلى معاملات الاستيراد والموافقات على إدخال المواد الأساسية كالنفط والقمح التي تجري حصراً عبر المركزي، وكذلك تعليق التحويلات إلى الخارج، ووقف عمليّات منصّة صيرفة وبيع الدولار عبرها، وتعطيل مقاصة الشيكات ووسائل الدفع بين المصارف وغيرها من الإجراءات الموجعة.
الإضراب كان رسالة تحذيرية من الموظفين لكل المسؤولين من أعلى الهرم إلى أصغر مسؤول، والموظفون حرصوا، من خلال توقيت تحركهم، على تأمين الرواتب والأجور للقطاع العام في آخر الشهر بحسب ما قررت الجمعية العمومية، وبالإجماع، بإعلان الإضراب التحذيري والإقفال ليوم واحد تجنباً للتصعيد في المرحلة المقبلة.
رئيس نقابة موظفي مصرف لبنان عباس عواضة أوضح لموقع “هنا لبنان” أن الإضراب كان رسالة تحذيرية، وعلى المسؤولين، إذا وُجد لديهم حس المسؤولية، التحرك فوراً، مؤكداً خيار التصعيد إذا استمر التعامل معهم بالأسلوب نفسه قائلاً: “مش عم نلعب ولما توصل الأمور للمس بالكرامات هيدا الشي مش مسموح”، وأضاف أن الموظفين تجاوبوا مع الطلبات القضائية عندما تم استدعاؤهم كشهود، إلا أن الأمور تطورت وتم كسر الجرة عندما حاولوا الادعاء عليهم.
وبحسب عواضة، فإن أحداً من المعنيين لم يتواصل معهم بعد الإضراب، موضحاً أنه سبق وحصل تواصل مع وزيرة العدل السابقة ماري كلود نجم ومع رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس التفتيش المركزي ومدعي عام التمييز الذي طلب منهم حينها تقديم استدعاء وهو ما حصل.
وأشار عواضة إلى أن هذه الخطوة ليست سوى جرس إنذار لخطوات مقبلة إذا ما استمرت القاضية عون في ممارسة إجراءاتها غير القانونية لأهداف ليست قضائية بل سياسية بحتة، وهو بمثابة تجن على موظفي المصرف وهم يعملون في أسوأ الظروف التي تعيشها البلاد.
ورداً على ما يحكى أن الإضراب يهدف إلى دعم حاكم المركزي بوجه القاضية عون، أشار عواضة إلى أن الحاكم لا يحب الإضرابات أصلاً وهو لا يتدخل في عملنا، ولو كان كذلك لكنّا أعلنا الإضراب عندما تم الدخول إلى منزله وانتهاك حرمته، لم نصدر حتى أي بيان.
وعن فحوى الدعاوى القضائية، يؤكد عواضة أن هذه القضايا ليست من اختصاص القاضية غادة عون بل المدعي العام المالي، إضافة إلى أن الملف الذي تم الادعاء فيه يتعلق بالاختلاس وتبييض الأموال ولا علاقة للموظفين فيه، كما أن هذه الدعاوى هي غب الطلب فلا ملفات أصلاً ولا مستندات تدين الموظفين ويختصر ليقول كل المسألة حركشة سياسية وليست قانونية، وذكّر عواضة بهيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان والتي يعود إليها النظر بقضايا اختلاس وتبييض أموال ويعود إليها في حال ثبوت التهم، رفع السرية المصرفية وإرسال المستندات المطلوبة.
الإضراب المفتوح بالنسبة لموظفي المصرف المركزي يبقى “آخر الدوا الكي” وعلى أساس التعاطي القضائي معهم في المستقبل سيتم تحديد الخطوات اللاحقة.
ومن تداعيات الإضراب المفتوح يحذر الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة، موضحاً في حديث لموقع “هنا لبنان” أن الأعمال التي يؤديها موظفو المركزي تختلف عن مهام موظفي الدولة، لكون دور المركزي في صلب النشاط المالي والاقتصادي، وأي توقف عن العمل سينعكس سلباً، وبشكل كبير، على الاقتصاد.
وأشار عجاقة إلى أن الإضراب ينعكس بالدرجة الأولى على رواتب القطاع العام، حيث أن أمر الصرف يأتي من وزارة المال إلى مصرف لبنان، ووزارة المال هي الوحيدة التي تستطيع أن تحرك حسابات الدولة، وبالتالي إذا كان من ينفذ أمر الصرف غير موجود فكيف توزع الرواتب.
أما على مستوى القطاع المصرفي، فإن البنوك تأخذ الأموال من مصرف لبنان لتلبي حاجاتها، الأمر الذي ينعكس على سحب الودائع والرواتب أو ما تيسر منها.
كذلك إذا تحول الإضراب إلى مفتوح، يضيف عجاقة، فإن عملية الاستيراد ستتوقف نتيجة لتوقف التحويلات إلى الخارج، الضحية الأولى هنا سيكون القطاع الطبي من مستشفيات وأدوية إضافة إلى القمح والطحين والنفط.
إضافة إلى توقف العمل على منصة صيرفة، ما سيؤدي إلى المزيد من الفلتان في السوق السوداء. وباختصار فإن الإضراب المفتوح، بحال لجأ إليه موظفو المركزي، سيكون كارثياً على بلد منهار أساساً.
مواضيع مماثلة للكاتب:
المحكمة العسكرية ضحية “الكيدية” | مسؤولون لبنانيون للوفود الديبلوماسية: الأولوية للترسيم البري بدل الالتهاء بالقرار 1701 | أونصات مزورة في السوق اللبناني… والقضاء يتحرك |