“القوات” و”الاشتراكي” يتحدان بوجه الاستحقاقات المقبلة أم يعلنان الانفصال؟
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
من يقرأ أو يسمع تصريحات كبار المسؤولين في كلٍّ من حزبي القوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي، يذهب إلى حد الجزم بأن العلاقة بين حليفي الانتخابات النيابية “سمن على عسل”. وفي الواقع، لقد نجح الحزبان في نسج تحالف متين في الجبل، تكرس في الانتخابات النيابية الأخيرة وحصد النتائج الإيجابية. لكن من قال أن ما جمعهما هو مجرد خطوة آنية، خصوصاً أن ما صدر عنهما يؤشر أنهما على الموجة نفسها في ما خص الاستحقاقات المقبلة، كما في ملفات تتصل بمعارضة أداء حزب الله والتيار الوطني الحر.
في المقلب الآخر، لم يكن الحزبان على الموقف نفسه في انتخابات رئاسة مجلس النواب ولا في الاتفاق على تكليف السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة. ما فسره البعض خلافاً جوهرياً على قضايا رئيسية، فيما اعتبره البعض الآخر تبادل موفق للأدوار أو ممارسة طبيعية لديمقراطية الرأي.
مؤخراً قال رئيس حزب القوات الدكتور سمير جعجع أن قنوات التواصل بين القوات والاشتراكي قوية، مبدياً الثقة برئيس الحزب النائب السابق وليد جنبلاط الذي وصل برأيه إلى قناعة بعدم الجدوى بالتقارب مع حزب الله وحلفائه. وبذلك يكون قد أرسل إشارات إيجابية تجاه الاشتراكي ورئيسه. على أن هذه العلاقة تبقى محور اختبار في الآتي من الأيام، لا سيما أن لكل من القوات والاشتراكي مقاربتهما وحساباتهما المختلفة في بعض المسائل الجوهرية. ولكل منهما أولوية، فضلاً عن أن “الخصوصية الدرزية” تأتي أولاً بالنسبة إلى زعيم المختارة ومن هذا المنطلق يتحرك ويبادر. وكذلك لرئيس القوات هواجسه وأولوياته.
فأين يلتقي الفريقان؟ وكيف يتحدان في وجه الاستحقاقات؟
تقول مصادر في حزب القوات اللبنانية لـ “هنا لبنان” إن التحالف الانتخابي مع الاشتراكي مثال يحتذى به وإن القواسم بين الفريقين أكثر بكثير من الفوارق وهو ما يجب التركيز عليه في المرحلة الحالية كما في المرحلة المقبلة، مشيرة إلى أن هناك رغبة في تجاوز أي أمور خلافية، مع العلم أنه لم يبرز أي أمر يعكر صفو العلاقة.
وتوضح هذه المصادر أن للفريقين هوامش كبيرة في التحرك وليس بالضرورة أن تكون جميع وجهات النظر متطابقة في بعض القضايا، وهذا التعاطي لا يؤثر على ثوابت معينة حددها الاشتراكي والقوات لا سيما في النظرة إلى هيمنة حزب الله وسلاحه وضرورة تحرير الدولة ومؤسساتها منها، فضلاً عن النظرة إلى الأداء السيّئ لعدد من وزراء التيار الوطني الحر في وزارات تسلموها ولا سيما الطاقة.
وتفيد أن الناس قالت كلمتها في الانتخابات واختارت الصح، مؤكدة أن الفريقين يلتقيان حتماً لمناقشة تفاصيل تتصل بالتعاون، على أن ملف المشاركة في الحكومة الذي حسم بالنسبة إلى القوات لجهة الإحجام عنها، فإن للاشتراكي رؤيته بالموضوع، وفي الأصل سمى الحزب ممثلاً عنه في الحكومة السابقة.
وعن منح الحكومة الثقة، فتلفت المصادر إلى أنه عندما يحين الوقت تقدم القوات رأيها الذي قد يكون مغايراً لرأي الاشتراكي، معربة عن اعتقادها أنّ ملف انتخاب رئيس الجمهورية والتنسيق بشأنه مع الاشتراكي والحلفاء يدرس أيضاً في وقت قريب جداً لا سيّما أن القوات تؤيد فكرة طرح الملف باكراً وعدم الانتظار.
وتشير إلى أن الأمور مفتوحة على الأخذ والرد من أجل العمل على بلورة موقف موحد في هذا السياق.
من جهتها، تتحدث مصادر في الاشتراكي لـ “هنا لبنان” عن كثير من الارتياح للعلاقة القائمة مع القوات بعدما أظهرت اللقاءات بينهما الرغبة في التعاون مع الإبقاء على مسألة الانفتاح في بعض الخيارات التي يسلكها كل من الفريقين، لافتة إلى أن العلاقة في الوقت الراهن تسير بمنحى أكثر من إيجابي ومن المرتقب أن تشهد تطوراً يصب في مصلحة الفريقين.
وتشير إلى أنه بالنسبة إلى التفاهم بشأن الانتخابات الرئاسية، فذاك موضوع مدرج على جدول البحث في أقرب فرصة ممكنة، لافتة إلى أن الحزب الاشتراكي لم يحسم الأمر وهناك سلسلة اتصالات يجريها قبل أن يتخذ أي توجه نهائي، وربما يكون هناك موقف واحد مع القوات بشأن هذا الاستحقاق، على أنه لا يمكن الجزم منذ الآن.
وتعلن المصادر نفسها أن وجهة نظر رئيس الحزب بشأن العهد وأخطائه لم تتبدل وكذلك بالنسبة إلى حزب الله وهيمنته.
إلى ذلك، تؤكد أوساط مراقبة أن أي تحالف انتخابي لا يصمد لفترة طويلة، إذ أن الأفرقاء أو الأحزاب يعودون إلى قواعدهم ومبادئهم التي تبقى فوق أي اعتبار، ومن هنا لا بد من ترقب تعاطي القوات والاشتراكي عندما تدنو الاستحقاقات الكبرى من مواعيدها، وعندها يمكن الحكم على عمق التنسيق، وتقول أن ما ليس معروفاً بعد أيضاً هل أن الفريقين يزعمان تأليف جبهة معارضة.. يمكن أن يكون ذلك مرجحاً كما مستبعداً..
لكن كل من راقب مسار علاقات الأحزاب اللبنانية ببعضها البعض، يتأكد أنها بنيت على مصالح انتخابية أو سياسية أو غير ذلك، وبالتالي لم تدم لفترات من الزمن، حتى وإن كان بعضها “استثناءً”، فهل تكون علاقة القوات والاشتراكي من ضمن هذا الاستثناء؟ إن الغد لناظره قريب.