لبنان… بين الفاتيكان وإيران
كتب طارق وليد لـ “هنا لبنان”:
تكشف أوساط سياسية قريبة من دوائر الفاتيكان عن محادثات أجراها وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان مع أمين سر دولة الفاتيكان ووزير خارجيتها الشهر الماضي، تناولت الأوضاع والتطورات في المنطقة ولبنان إضافة إلى الملف النووي وموقف إيران منه. تقول الأوساط أن الجانب الفاتيكاني أثار موضوع لبنان من جوانبه كافة رافضاً “تقويض الدولة وتغيير هوية لبنان مشدداً على صيغة العيش المشترك والتمسّك باتفاق الطائف والدستور والمؤسّسات وتطبيق القانون. واتّهم من يدّعي حماية المسيحيّين بأنّه قضى على صيغة لبنان. إنّ حماية المسيحيين في لبنان والمنطقة هي باحترام الخصوصيّات وتنوّع المكوّنات داخل المنطقة وتطبيق القانون”.
الكلام الفاتيكاني جاء رداً على كلام عبد اللهيان بأنّ “إيران لعبت دورًا هامًا في حماية المسيحيّين في العراق وسوريا من داعش”.
لم تكن وجهات النظر متطابقة حول ملف لبنان بعدما وضع الفاتيكان النقاط على الحروف وسمى الأشياء بأسمائها طالباً رفع اليد عن لبنان الدولة والمؤسسات.
ولا تستبعد الأوساط أن يكون لحادثة المطران موسى الحاج راعي أبرشية حيفا والقدس والأراضي المقدسة ارتباط بزيارة عبد اللهيان للفاتيكان والموقف الذي سمعه من المسؤولين، وقد عكست مواقف السفير البابوي في لبنان بعد الحادثة أجواء المحادثات الفاتيكانية الإيرانية.
وفق معلومات أوساط حقوقية حضر المطران إلى المحكمة العسكرية مطلع العام، واستمعت القاضية نجاة أبو شقرا إليه في موضوع توقيف عسكري كانت وصلته مساعدة مالية. يومها أقفل الملف بقرار من قاضي التحقيق العسكري فادي صوان، قضى بإعلان عدم اختصاص وعدم صلاحية القضاء العسكري اللبناني لملاحقته ومحاكمته جزائياً، سنداً للمادة 1060 من مجموعة قوانين الكنائس الشرقية الصادرة عن الفاتيكان سنة 1990 والنافذة في لبنان منذ 1991 التي تمنح، حصراً، قداسة البابا في الفاتيكان حق محاكمة الأساقفة الملاحقين بقضايا جزائية.
ويستغرب المحامي ناجي البستاني الذي عمل على معالجة الموضوع وصدور قرار القاضي صوان بإقفال الملف أمام المحكمة العسكرية أسباب إعادة فتح الملف.
وتسأل أوساط سياسية عن سبب إعادة فتح الملف من قبل مفوض الحكومة بالإنابة القاضي فادي عقيقي، ماذا حصل لإعادة فتح الملف؟ هل جاء ذلك رداً على إقفاله وعدم استئناف قرار القاضي صوان بينما كان بإمكانه أن يفعل ذلك؟
فيما اعتبر النائب السابق فارس سعيد أنّ هنالك من يحاول شيطنة طائفة بإلصاق تهمة العمالة بها وهذا يفسد الشراكة الوطنية ويفسد العيش المشترك في لبنان الذي احتضنته الكنيسة في لبنان الكبير.
إنّ الكنيسة لم تتكلم يوماً بلغة طائفية بل لبنانية ووطنية. لقد اقتحمت جدار السجن الإسرائيلي بمسبحة المطران. إنّ القدس مدينة مفتوحة لجميع الأديان المسيحية والإسلامية. هذه الكنيسة المقاومة فعلياً وليس كلامياً لا يمكن لأحد أن يتهمها بالعمالة. إن الموضوع ليس موضوعاً قضائياً ولا حتى طائفياً إنّه موضوع وطني بامتياز.
لقد تمسك البطريرك بموقفه وهو: إعادة جواز السفر والهاتف، وتسليم الأمانات إلى أصحابها، واستمرار المطران بالعبور من الناقورة ذهاباً وإياباً من دون توقيف أو تفتيش، والامتناع عن تسمية اللبنانيين الموجودين في فلسطين عملاء. وقال الراعي إن لم يفعلوا فسيتسببون بشرٍّ كبير. وإنّ اقتراح جعل الانتقال من عمان بدل معبر الناقورة أمر مرفوض. لقد دخل الملف إذاً في سياق الكباش بين المحور اللبناني وجماعة محور إيران في لبنان.
لا تراجع من قبل الكنيسة والقوى الوطنية في هذا الموضوع، وهنالك رفض لتسييس الملف وتوظيفه في الأجندات الإقليمية خصوصاً في الملف النووي.
