مستندات مزوّرة حركت القضاء الفرنسي ضدّ سلامة…نور الدين: إثبات لوجود حملة سياسية، مالك: تقلب الموازين في حالة واحدة
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
بعد سلسلة اتّهامات ومداهمات، تحقيقات وتجميد أصول، تدخل قضية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة فصلاً جديداً بعد أن تقدّم بشكوى أمام محكمة ليون الفرنسية في حزيران الماضي ضد مجهول بتهمة “تشويه السمعة والافتراء والغشّ في الحكم” مستنداً الى إفادة خطيّة من شركة “كريستال غروب إنترناشونال” للتّدقيق الماليّ تفيد أنّ المستند المنسوب للشركة والذي على أساسه فتحت النيابة العامة المالية في فرنسا تحقيقاتها لم تعدّه هذه الشركة. ما يعني أنّ المستند مزوّر بحسب الإفادة، ولكن من قام بالتزوير ولماذا تم زجّ اسم هذه الشركة في التقرير؟ وكيف يمكن أن تنعكس هذه الدعوى على التحقيقات في لبنان؟
الصّحافي تمام نور الدين الذي كشف في تغريدة على تويتر عن هذه الشكوى المقدمة، تحدث لموقع “هنا لبنان” عن بعض التفاصيل التي أثيرت حول هذه القضية في فرنسا لافتاً إلى أنّه بحسب المستند الخطّيّ يروي موظف من شركة “كريستال غروب انترناشونال” أنّه عام 2016 تقدم أربعة أشخاص إلى مقر الشّركة بهدف إعداد تقرير عن حاكم مصرف لبنان يؤكد على الاختلاسات المالية التي تستهدفه، إلّا أنّه في العام 2020 تسرّب تقرير صادر عن هذه الشركة في وسائل التواصل الاجتماعي اتّهم سلامة باختلاس أموال لمصلحته الشخصية ولبعض المقرّبين منه، إلّا أنّ الشّركة نفت بعد أيّام أن تكون قد أعدّت هذا التقرير.
ولفت نور الدين إلى أنّه “عندما نُشر هذا التقرير، أُرسل إلى النيابة العامة المالية الفرنسية إخبار انطلاقاً من محتواه، عندها فتحت النيابة العامة قضية رياض سلامة وتدحرجت ككرة الثلج في لوكسمبورغ ألمانيا سويسرا وفرنسا.”
وعن هوية الأشخاص الذين طلبوا من الشركة إعداد التقرير أشار نور الدين إلى أنّ “ما يتردد أنّ من بين الـ 4 أشخاص مدير عام المالية السابق آلان بيفاني الذي كان قد أعلن في حينها أنّه مسؤول في وزارة المالية ووضع نفسه بتصرف الدولة الفرنسية للحصول على معلومات عن الحاكم. وبالتالي يمكن للقضاء الفرنسي أن يدّعي على من قدّم هذا الإخبار بالتزوير وكذلك يمكن أن تفعل شركة “كريستال”.
وهنا يتساءل نور الدين “ألا يجب على الدولة اللبنانية أن تسأل هل يستطيع الموظف اللبناني آلان بيفاني السفر إلى دولة أجنبية ويقدم إخباراً؟ هل الدولة اللبنانية أو إدارته هي التي كلفته القيام بهذا الأمر؟ هل سمح له وزير المالية أن يقدم إخباراً؟ هل يستطيع أيّ موظّف لبناني السفر إلى دولة أجنبية و”يفسّد” على مواطن لبناني ثان؟ هي لا شك أسئلة تطرح”.
وبحسب نور الدين أنّ هذا التطور إذا ثبت، يُظهر وجود جانب سياسي للقضية وبالتالي تستطيع هذه الدعوى أن تساعد الحاكم بتأكيد وجود حملة عليه وبتزوير تقارير، إلّا أنّ ذلك لا يلغي بشكل نهائي القضايا المقامة حول وجود اختلاس أم لا، ولا يمنع أيضًا أنّ تزويرًا حصل وأنّ مواطنًا لبنانيًّا أتى إلى فرنسا واشتكى، فيما لا يمكن حتى الساعة معرفة إن كان هؤلاء الأربعة قد زوّروا التقرير أو أنّ أحداً ما قد أوهمهم أنّه يعمل في الشركة”.
وفي ظل التحقيقات التي تتناول ملف الحاكم في لبنان، ما تأثير هذا التطور على المسار القانوني؟
المحامي سعيد مالك أكّد في حديث لموقع “هنا لبنان” أنّ “فعل التزوير المنصوص عنه في المادة 451 وما يليها من قانون العقوبات اللبناني كذلك فعل استعمال المزوّر والمنصوص عنه في المادة 454 من القانون نفسه، هي جرائم منصوص عنها في قانون العقوبات اللبناني وتؤدي إضافة إلى إبطال المستند والذي اعتراه التزوير أيضاً، إلى إلحاق العقوبة والمحاكمة بالشخص الذي أقدم أو استعمل هذا المستند المزور، أمّا لجهة تأثير هذا التّزوير على الدعوى المقامة بحق الحاكم رياض سلامة أو الدعوى التي تقدّم بها بحق مقترفي هذه الجرائم، وهذا يعود إلى القوة الثبوتية للمستند الذي مبدئياً خضع لهذا التزوير”.
وأكد مالك أنّه “إذا كان التزوير قد تناول مستنداً ارتكزت عليه المحاكمة والنيابات العامة للادعاء، أي له التأثير الكبير والأساسي والجوهري فهذا أمر من الممكن أن يقلب موازين التحقيق وأن ينسف كلّ التحقيقات الجارية والاتهامات المساقة، أما إذا كان التزوير يتناول مستنداً ثانوياً ليس له التأثير الأهم على مجريات الدعوى أو إثبات أفعال الفساد، فيُصار إلى استبعاد هذا المستند وإخراجه من سياق المنازعة ولكن من دون أن يؤدي ذلك إلى كف الملاحقة وكف التعقبات.”
ورأى مالك أنه “إذا ما أبرز هذا المستند المزمع تزويره في الدعوى المقدمة بحق الحاكم رياض سلامة في لبنان، باستطاعته أن يذهب باتجاه أن يدّعي بتزوير هذا المستند لأنّه يشكل مستنداً بالادعاء المقدّم بوجهه بغض النظر عن القضاء الفرنسي”.
إذاً وفي حال ثبُت التزوير في مستند شكّل مادة أساسية إن كان في التحقيقات أو في الإعلام، قد تُخلط الأوراق مجدداً ما يساعد الحاكم في إظهار الجانب السياسي في الدعاوى المقامة ضده، صورة يودّ من دون شك أن يبرزها للمجتمع الدولي والقضاء.
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |