الخبث الإسرائيلي والغباء اللبناني
كتب عمر موراني لـ “هنا لبنان” :
في العام 1993 شاركت ملكة جمال لبنان غادة الترك في مسابقة عالمية والتقطت لها في خلالها صورة تجمعها مع ملكة جمال إسرائيل ـ كش برّا وبعيد ـ تامارا بورات فقامت قيامة البلد المحتل من سوريا وإسرائيل، منتفضاً لكرامته وفش خلقه بالترك، فجرّدها من اللقب وحرمها من العودة إلى لبنان لمدة أشهر وتم الإدّعاء عليها. لكن بفضل رئيس الحكومة رفيق الحريري وجهود سعاة الخير عادت الترك وطويت صفحة من تاريخ لبنان الحديث.
تكرر الأمر مع سلوى عكر التي مثلت لبنان بملكة جمال الأرض ما أغضب مؤسسة السوسن لصاحبتها سوسن السيد فجردتها من لقبها لتكون عبرة لمن اعتبر.
وما حدث مع الترك وعكر وعكّر مزاج الأمة العربية حدث مع سالي جريج في مسابقة ملكة جمال الكون في ميامي مطلع العام 2015، “كنتُ ألتقط صورة مع ملكة جمال اليابان وملكة جمال سلوفينيا وفجأة تسللت ملكة جمال إسرائيل دورون ماتالون والتقطت صورة سيلفي ونشرتها على مواقعها للتواصل الاجتماعي”، صرّحت جريج يومئذٍ من دون أن تتمكن، بعرض الواقعة بلا ملح وبهار، من امتصاص نقمة الممانعين في بيروت.
في مثل هذه الحالات يتعادل الخبث الإسرائيلي مع غباء السلطة الحاكمة في لبنان. وما ينطبق على مسابقات الجمال ينطبق على المسابقات الرياضية،
فالمزايدات “الوطنجية” في المجالين سخيفة بدرجة جيّد جداً.
أكثر من مرة، “خسّر” ناصيف الياس لاعب الجودو البرازيلي، اللبناني الأصل نفسه، كي لا يواجه خصماً إسرائيلياً في مسابقة دولية، علماً أن الياس لا يعرف من العربية سوى كلمات، ومثله فعل لاعبون، فتخيلوا أن يخرج لاعب واعد من الدور الأول لأن حظه وسحب القرعة أوقعاه بمواجهة لاعب إسرائيلي. فينفى من المشاركة بالتفرّج على الإسرائيلي يلعب مع زملائه العرب ويحرمه فرصة المنافسة.
يُفهم أن يرفض لاعب لبناني، بسبب العداوة مع الكيان الغاصب، مواجهة لاعب إسرائيلي، لكن عملية الضغط المباشر من قبل الإتحادات ومن ورائها على المشاركين اللبنانيين غير مبررة، وتحبط المشاركين اللبنانيين وتحد من اندفاعهم وحماستهم وسعيهم لتحسين مواقعهم. كما يتجاهل مسؤولو الإتحادات واقع أن الرياضيين الإسرائيليين يشاركون في كل الدورات والمسابقات الدولية، ومعظم الدورات العربية ولا يحصّل شرف الأمة ويقاوم “التطبيع” الرياضي سوانا.
الأسبوع الماضي انسحبت بطلة لبنان للشطرنج ناديا قاسم فواز من الجولة الرابعة لمهرجان أبو ظبي الدولي المفتوح للعبة، لرفضها مواجهة اللاعب الإسرائيلي إيليا غروزمان دعماً للقضية الفلسطينية فأشاد بموقفها وزير الثقافة، المفتون بآيات الله، محمد وسام مرتضى بتغريدة تُضاف إلى بدائعه درساً في الطباق. بطلة في لعبة الشطرنج… وبطلة في الموقف الأخلاقي والوطني والإنساني السامي… نحن شعب لن نقر بوجود الكيان الغاصب وموقفنا ثابت راسخ: لا مصافحة ولا انصياع بل مناهضة وصراع وقبل فواز انسحب شربل أبو ضاهر الماضي من بطولة العالم للناشئين في الفنون القتالية المختلطة، والتي أُقيمت في الإمارات، أمام لاعب إسرائيلي رفضًا للتطبيع. لاقى مرتضى في الموقف الوطني وزير الشباب والرياضة جورج كلّاس بدلاً من العمل على صيغة تحافظ على حق رياضيي لبنان بخوض كل استحقاق.
بدلاً من أن يهزم العقل اللبناني العدو في لعبة الملوك، وأن يؤدب اللبناني الصهيوني على الحلبة آثرا الإنسحاب، وهذا حقهما، علماً أن اتحادات دولية تحرم اللاعب المنسحب بذرائع سياسية أو بأساليب إحتيالية من اللعب مدى الحياة.
هنا يعنّ على البال سؤال: ماذا إن تزامل طالبان جامعيان، لبناني وإسرائيلي، في جامعة عريقة في إمارة دبي، ونشرت الجامعة صورتيهما معاً؟
وماذا إن اجتمع مهندسان لامعان لبناني وإسرائيلي في شركة هندسية فرنسية؟
كيف يتصرّف الغباء اللبناني مع هاتين الحالتين؟ أيعتبر الزمالة تطبيعاً ومخالفة لأحكام قانون مقاطعة إسرائيل المقرّ في عهد كميل شمعون؟
وماذا لو قبّل لبناني محروم بائعة هوى إسرائيلية في أمستردام أيلاحقه محمد وسام مرتضى بتغريدة؟ أو تتم مصادرة جواز سفره لأنه لم يتحقق من هوية الـ……؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
مش كل صهر سندة ضهر | شبيحة “الحزب” بالمرصاد | أبو الجماجم |