وسط المعمعة الرّئاسيّة… أين الكتائب اللّبنانيّة؟
كتب إيلي صرّوف لـ “هنا لبنان”:
قد يكون “الغموض” هو العنوان الأفضل للمرحلة الحاليّة. فبَعد أقلّ من 60 يومًا، تنتهي رواية عهد “جهنّم”، إلّا أنّ لا مؤشّرات واضحة وأكيدة بَعد عن مضامين القصّة المقبلة، هويّة شخصيّاتها وبطل/ة غلافها. وعلى الرّغم من بدء المهلة الدّستوريّة لانتخاب رئيس جديد للجمهوريّة، إلّا أنّ حتّى السّاعة لا تطوّر جديدًا على صعيد تشكيل الحكومة، ولا اسم شخصيّة يتقدّم على غيره في السّباق الرّئاسي.
الأمر المؤكّد وسط كلّ هذه المعمعة، أنّ حلبة “المواصفات” تجذب المزيد من اللّاعبين إلى ميدانها. فكلّ فريق لديه مواصفات محدّدة لرئيس الجمهوريّة المقبل، وهذا ما دفع بالعديد من القوى والشّخصيّات السّياسيّة إلى محاولة التّقارب مع من يحمل الطّروحات والتّوجّهات نفسها، بغية التّوصّل إلى مقاربة جامعة ومشتركة؛ والسّير بمرشّح معيّن تتوافر فيه المواصفات المتّفَق عليها؛ في المنافسة الرّئاسيّة.
في هذا الإطار، التقى أعضاء كتلة “نواب الكتائب” مع أعضاء كتلة “تجدّد”، في بيت الكتائب المركزي في الصّيفي في 30 آب الماضي. وبعدها بيومين، التقوا مجدّدًا مع عددٍ من النّواب الآخرين في دارة النّائب فؤاد مخزومي. وفي اللّقاءين، تداول المجتمعون بقضيّة الاستحقاق الرّئاسي وبمواصفات الرّئيس المقبل والمهام الّتي تنتظره، وتوافقوا على أهميّة إيصال رئيس جمهوريّة سيادي وإنقاذي.
يسلّط هذان اللّقاءان وغيرهما، الضّوء على مشاركة حزب “الكتائب اللّبنانيّة” في لعبة الانتخابات الرّئاسيّة، وعدم اتّخاذه موقع المتفرّج أو المحايد. وعمّا إذا كانت هذه اللّقاءات صُوريّة أم فاعلة ويمكن البناء عليها، أكّد عضو كتلة “الكتائب” النّائب الياس حنكش، لـ”هنا لبنان”، أنّ “هذه اللّقاءات ليست صُوريّة، وأساسًا ليس لدينا ترف أن يكون هناك فولكور في هذا الصّدد”.
وأوضح أنّ “مهمّة هذه اللّقاءات أن تقرّب وجهات النّظر بين الأفرقاء الّذين يخوضون الاستحقاق سويّاً، وأن نتمكّن من التّحدّث عن مواصفات الرّئيس المقبل، النّقاط الّتي يجب أن يتضمّنها مشروعه الرّئاسي، وكيفيّة مواجهته للتّحدّيات”، مشدّدًا على أنّ “من المفترض بكلّ الكتل والنّواب الّذين يشبهوننا أن يناقشوا هذا الموضوع المهمّ، لأنّ بنظرنا ونظر المجتمعين هذا الاستحقاق مصيريّ، ولا يمكن أن نتحمّل ستّ سنوات إضافيّة من التّدهور والنّزيف الّذي نعيشه”.
ولفت حنكش إلى أنّ “هذين اللّقاءين ليسا يتيمَين، فنحن عقدنا اجتماعات مع نواب التّغيير ومع شخصيّات لم تكن حاضرة معنا في اللّقاءات المذكورة”، مركّزًا على “أنّنا أجرينا ونجري سلسلة لقاءات على جميع الأصعدة، وقنوات التّواصل مفتوحة مع الكتل الّتي تشبهنا”. وكشف أنّ “هناك تواصلًا مع حزب “القوات اللّبنانيّة” و”الحزب التّقدمي الاشتراكي”، بالإضافة إلى الاجتماعات الّتي تظهر في الإعلام”.
وعمّا إذا كانت “الكتائب” تلعب دورًا لجمع قوى المعارضة، أو توحيد موقفها بالنّسبة لانتخابات الرّئاسة، ذكر “إنّنا نحاول كحزب التّواصل مع الجميع، دون أيّ عقدة من العقد الّتي تظهر في الطّروحات السّياسيّة. بالتّالي، نعتبر أنّ لدينا دورًا في هذا الموضوع، ونحاول قدر الإمكان إحداث أثرٍ إيجابيٍّ والدّفع إلى الأمام، والوصول مع غيرنا إلى حلٍّ يتناسب مع التّحدّيات الّتي نمرّ بها”.
ليس خافيًا أنّ العلاقة بين “الكتائب” و”القوات” شابتها العديد من الشّوائب في الأشهر الماضية، ولم ينجح الجانبان بإبقائها في الخفاء. غير أنّنا مؤخّرًا، بدأنا نشهد نوعًا من التّقارب بين الحزبَين، وأفادت المعلومات بأنّ نائبَين كتائبيَّين سيشاركان في قدّاس “شهداء المقاومة اللّبنانيّة” في معراب. في هذا السّياق، شدّد نائب المتن على أنّ “هناك تواصلًا مستمرًّا مع “القوات”، لا سيّما على المستوى البرلماني، وهذا الأمر ثابت؛ كما أنّ قنوات التّواصل قائمة بين نوّاب الحزبَين. أمّا بالنّسبة إلى قدّاس “شهداء المقاومة اللّبنانيّة”، فسيحضره النّائبان نديم الجميّل وسليم الصّايغ”.
وفي خطوةٍ نادرةٍ نوعًا ما، حرّكت الرّكود النّسبي بالملف الرّئاسي، أعلنت سفيرة لبنان السّابقة لدى الأردن ترايسي شمعون، مطلع الأسبوع الحالي، ترشّحها إلى الانتخابات الرّئاسيّة المقبلة. لكن هل يمكن أن يتوافق النّواب التّغييريّون والسّياديّون فيما بينهم، على اختيار شمعون لتكون مرشّحتهم في السّباق؟ يجيب حنكش بأنّ “أيّ أحدٍ لديه المواصفات السّياديّة والعلاقات الدّبلوماسيّة والقدرة على مواجهة التّحدّيات، ويمتلك منسوبًا سياديًّا عاليًا، ممكن أن يكون مرشّحَنا. الخيارات مفتوحةٌ، ولا “فيتو” على أيّ اسم أو تفضيل لشخصيّة على أخرى، والقرار رهن الأيّام المقبلة”.
وعن التّوقّعات لمرحلة من بعد انتهاء العهد الحالي، وما إذا سيتمّ انتخاب رئيس ضمن المهلة الدّستوريّة، أم سيكون الفراغ الرّئاسي سيّد الموقف، أكّد أنّ “السّعي هو ألّا يكون هناك فراغ، فالبلد لا يحتمل. ولا يجب أن نقع في الفراغ ولو ليوم واحد، لأنّه المحظور، وهو يفتح الباب على كلّ الاحتمالات الأمنيّة والاقتصاديّة… ومن الخطر جدًّا الدّخول به”.
تشتُّت نواب المعارضة والتّغيير وشرذمتهم عند عددٍ من الاستحقاقات الدّستوريّة المهمّة في الفترة الماضية، شكّل عائقًا أمام قدرتهم على الوقوف بوجه قوى السّلطة، وإحداث التّغيير المنشود. فهل يتّعظون هذه المرّة أمام الاستحقاق الرّئاسي المفصلي، ويتوافقون على شخصيّة إصلاحيّة إنقاذيّة كفوءة، قادرة على ملء سدّة الرّئاسة ومواجهة عاصفة الأزمات المحدقة؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
تحرير سعر ربطة الخبز… إلى 65 ألف ليرة سِر! | في سيناريوهات الحرب: مصير لبنان النّفطي معلّق بالممرّ البحري | جنود المستشفيات جاهزون للحرب… بشرط |