مبادرة “نواب التغيير” الرئاسية.. وطريق القدس!
كتب عمر قصقص لـ “هنا لبنان”:
قبل أسابيع من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون أطلق تكتل نواب “قِوَى التغيير” مبادرة رئاسية خلال مؤتمر صحافي في “بيت بيروت”، فنّدوا رؤيتها ومعاييرها وانطلقوا لعقد سلسلة من المشاورات السياسية مع كافة القِوَى في لبنان والاغتراب. كما وضعوا تاريخ انتهاء لهذه المبادرة حتى ليل 2022/10/20. وإن لم تنجح، سيلجأون إلى الضغط الشعبي أي إلى الشارع.
في هذه المبادرة التي قرأتها أكثر من ثلاث مرات شرط حازم، وهو أن يكون رئيس الجمهورية اللبنانية مؤمناً بالقضية الفلسطينية، وهي قضية تعني الشعب اللبناني كما السواد الأعظم من العرب ولا تحتاج لأن تكون عنواناً ضمن مبادرة رئاسية، غير أنّ السؤال هنا، هو كيف لنواب التغيير أن يشترطوا على الرئيس الجديد أن يكون لديه إيمانٌ بقضية دولة أخرى؟
وماذا لو خرج أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، ووضع هو أيضاً سلّة معايير من ضمنها أن يكون رئيس الجمهورية مؤمناً إيماناً مطلقاً بالقضية الإيرانية وبطريق القدس؟
فهل سيخرج عندها نواب التغيير ببيانٍ يقولون فيه أنّ حزب الله يريد رئيساً للجمهورية اللبنانية يؤمن بقضية غير لبنانية؟ أو ربّما قد وضع نوّاب التغيير هذا المعيار، كي يحصلوا على دعوة من مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا، فيستقبلهم ويهنّئهم! أو كي لا يتّهمهم الحزب نفسه بأنّهم عملاء سفارات!
لبنان في أزماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية بحدّ ذاته “قضية”، وهذه القضية على الرئيس الجديد تحريرها. إذ يجب تحرير لبنان من الهيمنة الإيرانية، وتحرير قضائه من تدخّلات السلطة الفاسدة، وتحرير وزارات الدولة كافة من الفساد المستشري، وأخيراً تحرير شعبه من الفقر المدقع.
إيمان الرئيس اللبناني الجديد المطلق بالقضية الفلسطينية، لن يمكنّه من إزالة اسم بلده من بين الدول الأكثر فساداً في العالم. ولن يمكّنه من إعادة الدولة اللبنانية إلى الحِضن العربي والغربي.
بل هذا الشرط هو أشبه بالصورة السريالية التي شعرنا بها عندما رأينا فيديو لكلٍّ من وزير الطاقة وليد فياض ووزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار وهما يرميان حجارة على قوات الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب تعبيراً عن إيمانهما المطلق بالقضية الفلسطينية، في حين لم يتمكن الأوّل بأن يأتي بساعة كهرباء واحدة إلى اللبنانيين، أما الثاني فوزارته العاجزة تتحدث عن إنجازاته!
إذاً، أتت المبادرة حاملة المعايير فقط، فارغة من أي “اسم”، فالاسم يحدد لاحقاً، وربما هو بالنسبة إليهم مجرّد تفصيل!
ولكن ماذا لو وافقت جميع الأحزاب اللبنانية على هذه المعايير ولم تتوافق على اسم موحد؟ وماذا لو هددت جميع الأحزاب اللبنانية بالضغط الشعبي إن لم توافق القوى الأخرى على الاسم المقترح؟
وهل يتحمّل اللبنانيون بعد كل ما عانوه ويعانونه، أن يأتيهم رئيس حاملاً لـ “شمّاعة” القدس ومشرّعا الأبواب أمام الأنظمة والأحزاب كي تعلّق شعاراتها عليها؟ وهل يتحمّل اللبنانيون رئيساً من ضمن أهدافه تحرير فلسطين؟ أو رئيساً يكرّس مجدّدًا ثلاثية “جيش وشعب ومقاومة”؟
ردود اللبنانيين على مواقع التواصل الاجتماعي بعد المبادرة كانت كافية لتقول نحن نريد رئيساً يؤمن بالقضية اللبنانية فقط ويؤمن قبل أيّ شيء آخر بحماية حقوقنا ويحافظ على كرامتنا.
مواضيع مماثلة للكاتب:
شهادة بيروتي.. يتحسّس من 7 أيّار جديد | نصرالله يضع لبنان أمام عقدة المشنقة! | بيروت بين الأبيض والأسود: أنا لا أموت! |