ضحية زورق الموت هاشم متلج لم يقضِ غرقاً.. 4 أشهر على الغياب والعائلة لـ “هنا لبنان”: نريد ابننا حيّاً كان أم ميتاً!
كتبت نسرين مرعب لـ “هنا لبنان”:
كلّ ما يريده العم أبو هاشم متلج، هو معرفة مصير ابنه. فهذه العائلة منذ ليل 24 نيسان وحتى اليوم لم تعرف الراحة، ولم يغمض لها جفن.
“ابني كان بيحب الحياة وبيحلم بمستقبل أفضل”، بهذه الكلمات وبغصّة موجعة، يتحدث أبو هاشم لـ “هنا لبنان”، عن ولده الوحيد، الذي يدرس هندسة الديكور ولم يتجاوز عمره الـ 22 عاماً.
هاشم مثله مثل العديد من شباب طرابلس، فقد الأمل بهذا الوطن، ولم يجد ما ينقذه من الجحيم، وعندما أغلقت جميع الأبواب، وحده باب الهجرة غير الشرعية كان متاحاً!
هاشم لم يكن وحيداً، وفق ما يؤكد والده، إذ كان إلى جانبه على الزورق شقيقته وصهرها، وكلاهما نجيا من الغرق في تلك الليلة المشؤومة.
ماذا حصل عند غرق الزورق، نسأل أبو هاشم، ليؤكد لنا أنّ ابنه كان حيّاً يرزق: “هاشم لم يغرق، وكان يتحدث مع شقيقته وزوجها. ويحثّ شقيقته على مواصلة السباحة وعدم الاستسلام”.
ووفق الأب، فإنّ هاشم في تلك الليلة كان أقرب إلى خافرة الجيش، فقرر السباحة نحوها، وأنّ العناصر سمعوا شقيقته وهي تنادي باسمه بعدما لم تعد تسمع صوته، فأكدّوا لها أنّه معهم.
غير أنّ هاشم لم يعد، وهذا ما وضع العائلة في حال من التوتر والقلق.
“لو غرق لكانت ظهرت جثته”، يقول الأب، فهاشم لم يكن في أسفل المركب وإنّما على ظهره وقفز منه، وتواصل بعد ذلك مع شقيقته وزوجها، وبالتالي لو خارت قواه وغرق لكانت الجثة ظهرت!
إلى ذلك، وصلت إلى العائلات اتصالات عدّة تؤكد أنّ هاشم موقوف مع المهاجرين الأجانب، وأنّه لم يستطع إثبات هويته بسبب عدم حيازته على أيّ أوراق ثبوتية، فهذه الأوراق تخلّى عنها المهاجرون لحظة ركوبهم الزورق.
غير أنّ أصحاب هذه الاتصالات كانوا دائماً يتسترون على هويتهم خوفاً من أيّ محاسبة قد يتعرضّون لها من الجهاز الأمني الذي يتبعون إليه.
الأنباء عن هاشم لم تتوقف عند الاتصالات، فأحد اللبنانيين الوافدين من تركيا، وهو ابن طرابلس أيضاً، كان قد أوقف فور وصوله إلى المطار، وأودع في سجن وهناك التقى صدفة بهاشم الذي طلب منه إبلاغ عائلته بأنّه موقوف في سجن يدعى “الاحترازي” وأنّه يحاول إثبات هويته للجهاز الأمني، غير أنّ الأخير يتعامل معه كمكتومي القيد.
غير أنّ الشاب عاد وتراجع عن كلامه، خوفاً من أي ملاحقة يتعرض لها، لا سيّما وأنّه يريد العودة إلى تركيا، وبعدما أعطى وعداً لعائلة هاشم بأنّه سيرسل إليهم شهادة مصوّرة فور مغادرته الأراضي اللبنانية، تراجع مرة ثانية!
الأب الذي يصارع الوقت بحثاً عن خبر عن ابنه، يوضح أنّه حاول الاجتماع بكل من قائد مخابرات الشمال وقائد مخابرات المرفأ لطرح قضيته، غير أنّ الطرفين لم يتجاوبا معه.
عائلة الشاب هاشم كل ما تريده اليوم هو كشف مصير ابنها، مهما كان هذا المصير، واضعة هذه الملف برسم قائد الجيش، ومطالبة إياه بمتابعة هذه القضية علّ الشاب يعود إلى حضن عائلته مجدداً!
في السياق نفسه، يوضح المحامي محمد صبلوح، وهو أحد المحامين الذين تولوا هذا الملف، أنّ القضية شائكة.
صبلوح الذي يسرد لـ “هنا لبنان” ما لديه من معلومات، يبدأ كلامه بالقول: “بعد مرور 4 أشهر على حادثة غرق الزورق ما زالت هذه العائلة في وضع صعب فهي لا تعلم ما إذا كان ابنها قد قضى غرقاً أم أنّه موقوف خصوصاً مع المعلومات التي تصل إليهم”، مضيفاً: “أو هناك من يتاجر بأوجاع هذه العائلة بأنباء مغلوطة، أو أنّ الشاب موقوف”.
ويتابع صبلوح :”بعد غرق الزورق تحدث هاشم مع أخته، وفي تلك الليلة وردت للوالد معلومات من إحدى ممرضات المستشفى الحكومي أنّ ابنه هناك، ولما ذهب لم يجده. ولو غرق هاشم لكانت ظهرت الجثة”.
ووفق صبلوح فإنّهم تواصلوا مع العديد من الأجهزة الأمنية دون أن يصلوا إلى أي معلومات حول مصير هاشم، ما دفعهم إلى تقديم ادعاء في هذا الملف بجريمة الإخفاء القسري.
وفي الختام يسأل صبلوح، إذا كانت الاتصالات التي ترد لأبو هاشم كاذبة لماذا لا يتم استدعاء المسؤولين عنها والتحقيق معهم؟ إذ ليس من المقبول لا إخفاء هاشم قسرياً ولا أيضاً التلاعب بمشاعر عائلته في حال كان الشاب قد قضى غرقاً!
قضية هاشم هي قضية أخرى من مسلسل مأساوي عنوانه “زورق الموت”، فهل تتحرّك الأجهزة المعنية أم تُترك العائلة لقدرها كعادة كلّ جِراح اللبنانيين التي لا يهتم بآلامها أحد!
مواضيع مماثلة للكاتب:
أين لبنان؟.. يا فيروز! | سليم عياش.. “القاتل يُقتل ولو بعد حين”! | نعيم قاسم “يعلّم” على الجيش.. الأمين العام “بالتزكية” ليس أميناً! |