عن العهد العوني ولبنان الطبيعي
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
إذا لم يكن الوضع في لبنان طبيعياً فسيفكر الرئيس ميشال عون بالخطوة التي سيتخذها في 31 تشرين الثاني، وقد تتراوح بين البقاء في القصر أو تشكيل حكومة لتتصارع مع حكومة ميقاتي على دستورية كل منهما أو سحب التكليف من ميقاتي وهذا خيار مطروح على طاولة بعبدا.
هذه الاحتمالات واردة في حسابات العماد ميشال عون فقد جربها في العام 1989 عندما ذهب مجلس العام 1972 إلى الطائف وعاد باتفاق وبرئيس تم انتخابه في مطار القليعات ليتم اغتياله وينتخب رئيس آخر في شتورا.
يعيد التاريخ نفسه، وقد يعود عون إلى عادته القديمة، مغلفاً طموح التوريث الشخصي بأسباب وطنية ودستورية، لكن تكرار محاولة 1988 التي انتهت بحسابات خاطئة وباجتياح دمر ما أبقته حرب التحرير والإلغاء، لن يكون متيسراً، مع أن عواقبه بالتأكيد لن تكون هذه المرة اجتياحاً عسكرياً، لأن الطرف الذي اجتاح عون بات حليفاً له.
يريد الرئيس عون من رفع السقف ومن إبقاء لغز 31 تشرين الأول قائماً أن يرسل رسائل عدة أوّلها لحاميه وحليفه حزب الله. فقد أرسل عون دفعة على الحساب تمثلت في مواقف وزير الخارجية عبد الله بو حبيب التي دعت لعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، وبعد الدفعة على الحساب ها هو عون ينبه الحزب إلى أنه لن يترك قصر بعبدا بسلام بعد 31 تشرين الأول وأنه سيخلق فوضى دستورية ستنفجر على شكل أزمة مفتوحة داخل بيت الحزب أي مع الرئيس نبيه بري، وهذا ما يريد حزب الله تفاديه، عبر استمرار حكومة تصريف الأعمال باستلام السلطة في حال طال الشغور الرئاسي.
يشعر عون وباسيل أن بري يلعب في آخر العهد بطريقة الصولد، أي لعبة انتظار خروج عون من بعبدا لطي صفحة السنوات الست وفتح صفحة جديدة، مع رئيس جديد، لا يكرر ما فعله عون. وفي ترجمة هذا السعي أن بري لم يعد يخفي وقوفه ضد تشكيل حكومة جديدة مهما كانت مطالب باسيل، فبمجرد تشكيل حكومة جديدة يكون جزء من مطالب باسيل قد تحقق، فيما بري وميقاتي معاً، يريدان الانتظار إلى 31 تشرين، إلى يوم الخروج الآمن لعون من بعبدا، وبعدها سيكون لكل حادث عوني حديث مختلف، حيث سيبدأ البازار الرئاسي الفعلي فيما باسيل مجرد عملياً من أي ورقة قوة، وربما تكتمل الصورة بانتخاب رئيس جديد، يطوي صفحة العهد العوني، واشتباكاته الدائمة على كل الجبهات.
بالعودة إلى الوضع الطبيعي الذي اشترطه الرئيس عون للخروج من بعبدا، فإن هذا الموقف من رئيس يستعد لنهاية ولايته، يؤشر إلى أي مدى بات لبنان في وضع غير طبيعي واستثنائي. فالسنوات الست من عمر هذا العهد حفلت بكل ما يمكن تصنيفه من أوضاع شاذة وكارثية، وها هو رئيس العهد يختتم عهده بإعلام اللبنانيين بأن مرحلة سوداء جديدة ستضاف إلى سجل الانهيار الذي يعيشونه منذ سنوات وإلى اليوم، والمرشح لأن يمتد إلى ما لا يعرف مداه.
الرئيس عون يعتبر أن الوضع الطبيعي الوحيد هو تأمين انتخاب صهره لرئاسة الجمهورية، وسوى ذلك لا بأس بتدمير ما تبقى من دولة واقتصاد لا بأس من هجرة ما تبقى من اللبنانيين، أما لبنان ومصلحة شعبه ففي خبر كان.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |