خطّ الطفافات البحرية العائق الأخير أمام الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية
كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان”:
بأقل من ثمان وأربعين ساعة، سلّم الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الحكومة اللبنانية الإحداثيات الخاصة بشريط الطفافات البحرية لترسيم الحدود قبالة ساحلي لبنان وفلسطين المحتلة أو ما يُعرف بالخط الأزرق البحري. وهذه الطفافات وعددها ست لا تزال العائق الأخير أمام الاتفاق البحري بين لبنان وإسرائيل من خلال تثبيت النقاط التي تزرع عليها العوامات الفاصلة بين الحدود البحرية.
ما قصة هذه الطفافات؟
عام 2000 وقبيل الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، قام الجيش الإسرائيلي بزرع ست طفافات على بعد خمسة كيلومترات داخل المياه الإقليمية اللبنانية، انطلاقاً من نقطة رأس الناقورة واعتبرها الجانب الإسرائيلي حينها خطًّا أزرق بحريًّا. وتقول إسرائيل أن هذه الطفافات هي الحدود الفاصلة وتعتبر عكس ذلك خرقاً أمنيّاً باتجاهها.
وفي المعلومات أن لبنان طرح عام 2009 خلال جولة المفاوضات غبر المباشرة التي كانت تعقد في الناقورة بين الجانبين الإسرائيلي واللبناني برئاسة اللواء عبد الرحمن شحيتلي آنذاك، وبرعاية أممية، بإعادة هذه الطفافات إلى المياه الإقليمية الإسرائيلية، وطالب لبنان بأن تقوم الأمم المتحدة بتكليف قوات اليونيفيل بتعيين وتحديد هذا الخط تمهيداً إلى إعادة الطفّافات إلى مكانها.
إلّا أنّ الجانب الإسرائيلي كان يرفض دائماً هذه الاقتراحات، وأمام الإلحاح المتتالي للجانب اللبناني واعتباره شرطاً من شروط الاتفاق، اقترح الوفد الإسرائيلي المفاوض إقامة منطقة عازلة بين منطقة الطفافات والخط 23، وقوبل الاقتراح بالرّفض بعد إصرار الجانب الإسرائيلي على عدم إرجاع هذه الطفافات.
وتشير المعلومات إلى أنّ هوكشتاين قال في لقاءاته الأخيرة أمام المسؤولين اللبنانيين أنّ الموافقة على الإحداثيات مطلب أمني إسرائيلي وأولوية. فبحسب إسرائيل، إنّ اعتماد الخط غير المتعرج سيصل إلى كشف الشاطئ الإسرائيلي أمام البحرية اللبنانية وهو ما تخشاه إسرائيل.
يؤكد اللواء عبد الرحمن شحيتلي، رئيس الوفد الفني المفاوض بين 2009 و2013 لموقع “هنا لبنان” هذه الوقائع، ويقول أنّ القبول بالطفافات كما هي، رضوخ للشروط الإسرائيلية التي تستفيد من التفاوض على الموارد الاقتصادية الموجودة في المياه البحرية، لتمرير مصالحها الأمنية وتحقيق مكاسب إضافية عبر إبرام الاتفاق مع لبنان.
وبرأيه الشخصي، فإن احتمال قبول لبنان بالإحداثيات الإسرائيلية قليل جداً، وإنّ الجانب اللبناني سوف يرفض هذه الإحداثيات لأن لا أحد يستطيع أن يتحمل مسؤولية قبولها لكنه يستدرك أن الجيش اللبناني يقدم رأيه التقني لكن يعود للدولة اللبنانية أن تقرّر قبول هذه الإحداثيات أو رفضها، لما فيه مصلحة لبنان.
وفي المعلومات الخاصة لموقع “هنا لبنان” أن الإحداثيات وصلت إلى قيادة الجيش اللبناني ويقوم فريق هندسي تقني خاص بدراستها لإعطاء رأيه التقني بها ومدى خرقها للمياه الإقليمية اللبنانية وتعارضها مع الحقوق اللبنانية من عدمه.
إلّا أنّ المعطيات تشير إلى أنّ رأي الجيش اللبناني قد لا يكون ملزماً للدولة اللبنانية، خصوصاً أنّ ما يقوم به هوكشتاين هو مفاوضات للاتفاق على تقاسم الموارد الاقتصادية وهو يختلف عن ترسيم الحدود البحرية، الذي يحتاج إلى فريق تقني اقتصادي متخصص لإنجازه.
وتشير مصادر مطلعة على سير المفاوضات لموقع “هنا لبنان” إلى أنّ البحث في الخط الأزرق البحري لا يمكن اعتباره بحثاً في الحدود البرية، وإن أحداً ليس في وارد أو في حالة جاهزية لترسيم الحدود البرية الآن، وأن الأمر يقتصر فقط على المسافة الفاصلة بين شريط العوامات وبين النقطة البرية في رأس الناقورة B1فقط لا غير.
ويقول اللواء شحيتلي أنّ الحل قد يكون باللجوء إلى المادة 74 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار والتي تُعنى بتحديد حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بين الدول ذات السّواحل المتقابلة أو المتلاصقة.
إذاً ينتظر هوكشتاين الرد اللبناني، الذي سيحدّد مستقبل التنقيب عن الغاز على السواحل اللبنانية والإسرائيلية، فإمّا القبول والتوقيع بالتالي على الاتفاق في غضون أسابيع أو الذهاب إلى مواجهة إذا بدأت لن يعرف أحدٌ كيف تنتهي.
مواضيع مماثلة للكاتب:
المحكمة العسكرية ضحية “الكيدية” | مسؤولون لبنانيون للوفود الديبلوماسية: الأولوية للترسيم البري بدل الالتهاء بالقرار 1701 | أونصات مزورة في السوق اللبناني… والقضاء يتحرك |