ربط الدولار الجمركي بسعر “صيرفة” كارثي.. صندوق النقد الدولي لا يقدم الهدايا مجاناً!
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
عندما قيل سابقاً أن صندوق النقد الدولي لا يقدم الهدايا مجاناً إلى لبنان، اعتقد كثيرون أنه مجرد تحليل لا يمت إلى الواقع بصلة، إنما الحقيقة المثبتة تفيد أن مطالب أو شروط الصندوق بشأن الإصلاحات والتي في حال تحققت تجعل لبنان يستفيد من ٣ مليارات دولار ليست سهلة، ومعلوم أن الطبقة السياسية في لبنان انتهجت سياسات خاطئة أدت إلى ما أدت إليه، وها هي في حال إنكار تام وتواصل اعتماد السياسات نفسها.
في زيارة وفد الصندوق إلى لبنان، تصدرت مسألة مطالبته بربط الدولار الجمركي بسعر “صيرفة” بغية توحيد سعر الصرف الذي يجب أن يتم في موازنة العام ٢٠٢٣، وهنا يمكن طرح السؤال التالي: ألا يحمل هذا المطلب في طياته هدفاً يؤدي إلى إفقار اللبنانيين أكثر فأكثر وسط غياب أي مبادرة محلية إنقاذية صحيحة؟ وكانت المعلومات الصحافية المتداولة أشارت إلى أن وفد الصندوق لم يتجاوب مع سعري ١٢ ألفاً أو ١٥ ألفاً للدولار الجمركي.
المطلب كارثي بامتياز ويقضي على المواطنين وجميع القطاعات لا بل يمكن إدراجه في خانة الإبادة إذا تم سلوكه.. هذا ما تؤكده أوساط مراقبة لموقع “هنا لبنان” مشيرة إلى أنه في الأساس، اعتماد الدولار الجمركي وفق مبلغ الـ ١٥ الف ليرة لن يهضمه كثيرون، فكيف بالحري إذا تم ربطه بسعر “صيرفة” لتوحيد سعر الصرف؟
وتلفت هذه الأوساط إلى أن سعر العملة في البلد تديره سوق سوداء منظمة وأن توحيد النقد بدوره يستدعي مناخاً إيجابياً وإن المشكلة تكمن في أن السلطة السياسية أظهرت عدم قدرتها على الإنتاجية ودفعت بالبلد إلى مزيد من الانهيار، مؤكدة في الوقت نفسه أن لا ثقة دولية بهذه السلطة وبالعاملين بالشأن العام وأدواتهم التنفيذية.
وتسأل عن الأسس التي سيتم اعتمادها في مشروع موازنة العام ٢٠٢٣ وعن مشكلة التضخم وارتباطها بسعر العملة، كما تسأل ما إذا كان سعر صيرفة سيتبدل أم لا؟
إلى ذلك، يقول الخبير المصرفي والمالي الدكتور جو سروع لموقع “هنا لبنان” أن طلب توحيد سعر الصرف هو نتيجة ويتطلب سياسة نقدية، يجب أن تعود إلى المصرف المركزي بالإضافة إلى مناخ عام إيجابي وضبط سوق السوداء واقتصاد منتج وغير متراجع. ويشير إلى أن رفع الدعم عن الخبز لا علاقة له بتوحيد سعر الصرف.
ويؤكد سروع أن مطلب الصندوق بربط الدولار الجمركي بسعر صيرفة كمنطلق لتوحيد سعر الصرف الذي يجب أن يتم في موازنة العام ٢٠٢٣ هو قرار غير مدروس وغير مجد وغير موفق في المرحلة الحالية. لافتاً إلى أن الوضع الراهن لا يتم التعاطي معه بالمفرق.
ويكرر القول بأن هناك ضرورة لإعادة السياسة النقدية إلى مصرف لبنان، ويوضح أن ما يعرف بسلسة الإنتاج في البلد يحتاج إلى إعادة النظر بها.
باختصار ما يحتاجه موضوع توحيد سعر الصرف هو عوامل أساسية تتداخل مع بعضها البعض، ولا يمكن إنجازه بكبسة زر أو بقرارات عشوائية تنعكس على جميع اللبنانيين وتضاعف من مأساتهم.