الدعوة لانتخاب رئيس للبلاد نهاية الشهر والجلسات اللاحقة روتينية، فهل يعيقها النصاب و”التوافق”؟
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
لم يمر أي استحقاق رئاسي في لبنان من دون أحداث وتطورات، ولا تزال فئة من اللبنانيين تستذكر بعض التفاصيل عن انتخاب الرئيس ميشال سليمان وكيفية وصول الرئيس ميشال عون إلى سدة الرئاسة، ولا تزال بعض الصور ماثلة في الأذهان من دعوات رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى انتخاب الرئيس إلى التعطيل ثم إلى التسوية.
وعندما يتعلق الأمر بمجلس النواب، تحضر مطرقة رئيسه سريعاً وهي الأكثر استخداماً في الجلسات العامة. أما في عملية انتخاب رئيس جديد للبلاد، فتتركز الأنظار على الدعوة التي يوجهها الرئيس بري والتي بدأ البعض يضرب لها مواعيد، في حين أكد أنه الوحيد المخول وفق الدستور في هذا الأمر، مشيراً إلى أنه سيدعو إلى هذه الجلسة عندما يرى نوعاً من التوافق لا الإجماع.
ربما يتم توجيه الدعوة الأولى، إنما من المستبعد كلياً أن يخرج منها الدخان الأبيض.
لقد بقيت عبارة التوافق ترافق مواقف القوى السياسية المؤثرة، حتى أنها باتت الأكثر استخداماً عندما يتعلق الأمر بالملفات والاستحقاقات الكبرى ولا سيما في عملية انتخاب رئيس الجمهورية، على أن الخريطة الحالية للتوزيع النيابي للكتل تبدلت، ولم يعد ممكناً بالتالي إتمام هذا التوافق بسهولة.
وحدها معركة النصاب ستدخل بقوة في هذا الملف، ومعلوم أن نصاب الانتخاب في الدورة الأولى يستدعي حضور ثلثي أعضاء مجلس النواب وفي جميع الأحوال، فإن الخطوة الدستورية الأولى تتمثل بدعوة رئيس مجلس النواب إلى جلسة انتخاب رئيس جديد للبلاد.
وفي هذا المجال تشير مصادر سياسية مطلعة لموقع “هنا لبنان” إلى أنه قد تبرز إشكالية تتصل بجلسات الانتخاب، لا سيما أن سيناريو التعطيل قد يتكرر، ما قد يدفع برئيس المجلس إلى التفكير مرتين قبل توجيه الدعوة، وتقول أنه في الشق المتعلق بالاتصالات أو الاجتماعات الانتخابية ليس معروفاً أين سترسو.
وفي موضوع دعوة الانتخاب، يقول الخبير الدستوري والمحامي سعيد مالك في حديث لـ “هنا لبنان” أنه سنداً لأحكام المادة ٧٣ من الدستور، من الثابت أن رئيس مجلس النواب سيدعو المجلس النيابي للانعقاد والالتئام لانتخاب رئيس عتيد قبل نهاية الشهر الحالي، لأن المادة المذكورة تنص صراحة على أنه قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم المجلس بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس العتيد، وعندما يقدم الرئيس بري على هذا الإجراء يكون قد مارس حقاً دستورياً منحه إياه الدستور فضلاً عن أنه يكون قد أطلق السباق الانتخابي وانتزع من الهيئة العامة إمكانية الانعقاد الحكمي قبل عشرة أيام من تاريخ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالي.
ويعرب مالك عن اعتقاده أن الرئيس بري سيدعو إلى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية قبل نهاية الشهر الحالي، لأن الجميع يذكر أنه عندما انتهت ولاية الرئيس ميشال سليمان في الخامس والعشرين من أيار من العام ٢٠١٤ التزم الرئيس بري بمهلة الشهر ودعا مبدئياً مجلس النواب للانعقاد في الأيام الأخيرة من المهلة الدستورية، حتى لا يفقد حقه في الدعوة، مما يقتضي معه انتظار عقد جلسة ولو أولى بغض النظر عما إذا كانت ستعقد أم لا أو يتم تأمين النصاب لها أم لا.
ويلفت في رد على سؤال إلى أنه من الثابت عندما يدعو رئيس مجلس النواب الهيئة العامة للانعقاد لانتخاب رئيس عتيد وفي حال عدم تأمين أو توافر النصاب فإنه يدعو إلى جلسة ثانية وثالثة ورابعة حتى الوصول إلى اكتمال النصاب، وهذه الدعوات اللاحقة تقع تحت خانة الصلاحيات الإدارية التي يتمتع بها رئيس المجلس كونه قد استخدم الحق الدستوري في الدعوة الأولى، أما الجلسات اللاحقة فتكون مسندة إلى الدعوة الدستورية الأولى أي أن تعيين الجلسات اللاحقة يكون إجراءً إدارياً روتينياً حتى ينعقد النصاب وتتوافر الأكثرية.
إذاً الخطوة الأولى لمجلس النواب بالنسبة إلى السباق الرئاسي تنطلق مع هذه الدعوة، أما إذا كان رئيس البرلمان سينتظر التوافق أم لا فذاك مناط به وهناك تجارب في هذا السياق، فهل تقوم دعوة يتيمة لانتخاب رئيس الجمهورية أم تحصل دعوات لاحقة؟ إنها مسألة وقت وترقب..