دار الفتوى ودارة البخاري تجمعان السنة وتحظيان بمباركة سعودية لإستعادة التوازن ووحدة الصف
كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:
على أهداف وطنية وسامية وبعيداً عن الطائفية والمصلحة وتحت سقف دار الفتوى، جمع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان شمل النواب السنة الذين جرى إنتخابهم مؤخراً كي يكونوا كلمة الناس في البرلمان في ظل الوضع الخطير والكارثي الذي تمر به الدولة ويعيشه الوطن وأهله كما وصفه المفتي، الذي حذر من الدخول في وضع الدولة الفاشلة والسير بإتجاه اللادولة وتجاهل وجود لبنان من قبل الدول العربية والمجتمع الدولي والسبب برأيه سوء الإدارة السياسية على كل المستويات.
حضور غاب عنه رؤساء الحكومات السابقين والوزراء السنة الحاليين لكن الصورة الجامعة للنواب لها دلالات مهمة في هذه المرحلة المتأزمة على كافة الصعد، وقد تميزت أبعادها السياسية بكلمة المفتي دريان الذي قارب فيها الإستحقاقات الدستورية بكثير من الحكمة والمسؤولية والدراية وجاءت لتعبر عن الواقع السياسي المزري الذي يمر به لبنان.
في موضوع إنتخاب رئيس الجمهورية أعطى المفتي دريان لمقام الرئاسة الأولى بعدها الحقيقي الذي إختطف منها على مدى السنوات الست الماضية، وطالب النواب بإستعادة رئاسة الجمهورية محملاً إياهم مسؤولية غيابه كما حضوره أو إحضاره، وبضرورة التعاون وجمع الكلمة على الرئيس الجديد المؤهل، محدداً مواصفاته ودوره بجملة نقاط أبرزها:
أن الرئيس لا يكون جزءاً من المشكلة أو سبباً فيها، وهو الرئيس المسيحي رمز العيش المشترك ورأس المؤسسات الدستورية ورجل العمل العام، وعليه الحفاظ على ثوابت الطائف والدستور وإنهاء الإشتباك على الصلاحيات، ومعالجة الأزمات بحكمة ووطنية لمنع البلاد من الإنهيار بالتعاون مع الحكومة، محذراً من أنها الفرصة الأخيرة التي ينبغي الحفاظ فيها على النظام اللبناني وسمعة لبنان أمام العالم.
وكان صارماً في موقفه تجاه تشكيل الحكومة إذ دعا إلى عدم المس بصلاحيات رئاسة الحكومة ومساعدة الرئيس المكلف في مهمته، مستبشراً بتشكيل الحكومة سريعاً.
أما بيان المجتمعين فخلص إلى التشديد على ضرورة العمل على إنقاذ لبنان مما هو فيه، إلى ما يجب أن يكون عليه، ويتطلب الاعتراف بالخطأ والرجوع عنه ومحاسبة المرتكبين أياً كانوا كما يتطلب تعاوناً مخلصاً بين جميع أبنائه.
نقاش الجلسة المغلقة وصفه بعض النواب الحاضرين بالواضح والصريح والإيجابي بإمتياز ويمثل التعددية في لبنان، ويؤكد على إعادة التوازن في البلد بعيداً عن الخطاب الطائفي والمذهبي المتشنج، إضافة إلى التأكيد على أهمية اتفاق الطائف والدستور والحفاظ على الوحدة الوطنية وموقع رئاسة الجمهورية وإنتخاب رئيس جامع يوحد اللبنانيين، كما تم التركيز بحسب مصادر المجتمعين على أهمية تشكيل قوة برلمانية من أجل انتخاب الرئيس الجديد وتحقيق التشريعات وإقرار القوانين المطلوبة كما تم التشديد على تشكيل حكومة جديدة لمعالجة الأزمات التي تعصف بلبنان واستعادة العلاقات مع الدول العربية والمجتمع الدولي. فيما كان للنواب التغييريين مطالب وتمنيات بضرورة فتح أبواب دار الفتوى أمام اللبنانيين للإستماع إلى هواجسهم وطمأنتهم.
لم يكن العشاء الذي دعا إليه السفير السعودي في لبنان وليد البخاري بعيداً عن أجواء دار الفتوى وما عرض داخل أروقته، وشكل رسالة قوية لجهة توحيد الجهود من أجل إستعادة الصف السني ووحدة أبنائه وعودة الإنفتاح السعودي على لبنان عبر السفير البخاري الذي إستبق العشاء بتغريدة معبرة جاء فيها: (وحدة الأمة رباط وثيق لا تنفصم عراه ولا تنفك عقدته).
وفي أول رد فعل على لقاء دار الفتوى وعشاء السفير البخاري أكدت مصادر سعودية رفيعة لموقع “هنا لبنان” على مباركة المملكة العربية السعودية لهما من دون شك مشيرة إلى أن دعوة السفير البخاري تعكس مدى إهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بوحدة الصف السني وإعادة التوازن السياسي في لبنان، واعتبرت المصادر أن الفراغ والشرخ الذي حصل قبل الإنتخابات النيابية وتعدد القيادات وإختراق الساحة السياسية اللبنانية من قبل حزب الله، يستدعى هذا النوع من اللقاءات للتأكيد على وحدة السنة وعلى سيادة لبنان وإستقراره وأمنه.
وأملت المصادر بإستعادة المسيحيين وحدة الصف أيضاً بعد التشرذم الحاصل في صفوفهم وتعدد قياداتهم ليشكلوا إلى جانب السنة قوة تستطيع مواجهة الإستحقاقات الدستورية المقبلة والمشروع الإيراني في لبنان وهيمنة حزب الله وحلفائه على مفاصل الدولة ومؤسساتها، وإدخال البلاد في متاهات لم يعد قادراً على الخروج منها مما أدى إلى انهيار لبنان. ودعت المصادر إلى أهمية الإبقاء على معنى التنافس الحر بين الأفرقاء اللبنانيين وتشكيل قوة برلمانية من أجل إتخاذ القرارات السليمة بشأن القوانين والتشريعات، وإستعادة لبنان لهويته ولمبدأ العيش المشترك، وتصحيحاً للعلاقات مع الدول العربية والمجتمع الدولي وإستعادة ثقة المؤسسات الدولية لا سيما صندوق النقد والبنك الدوليين.
إذن الإستحقاقات على الأبواب وما يسبقها من تحركات سياسية ولقاءات كلقاء دار الفتوى ودارة البخاري، إضافة إلى ما جاء في البيان السعودي ـ الأميركي – الفرنسي المشترك، تؤكد أن لبنان غير متروك وأن المساعي متواصلة من أجل إستعادة مكانته عربياً ودولياً.