مأساة ثلاثية يعيشها المهاجر غير الشرعيّ… تحول غير بريء وجريمة منظمة!؟
كتبت يارا الهندي لـ “هنا لبنان”:
بحر لبنان الذي لطالما استقطب السياح من مختلف أصقاع الأرض، ها هو اليوم أصبح الوسيلة الأولى لهرب اللبنانيين والأجانب إلى البلدان الأوروبية نتيجة تردي الأوضاع المعيشية، وإهمال السلطات لمواطنيها، إلا أن هذه الظاهرة المستجدة والتي باتت الحل الوحيد أمام عدد كبير من اليائسين، تفرغ لبنان من أبنائه.
ما بين لاجئ، مهاجر، ونازح، إختلطت المفاهيم والتبست العناوين، بسبب عدم وجود سياسة عامة تجاه اللجوء والنزوح أو الهجرة، علماً أن لكل من هذه الفئات بنية قانونية، هذا ما أكده المدير التنفيذي لـ “ملتقى التأثير المدني”، زياد الصائغ في حديث خاص لـ “هنا لبنان”.
-“اللاجئ هو الذي انتقل قسراً من دولة إلى دولة أخرى وعبر الحدود، إما لأسباب أمنية وإما لأسباب سياسية، أو حتى لأسباب اقتصادية – إجتماعية. – النازح، فهو الذي يتنقل داخل الدولة، مثلاً ينزح المواطن من الريف إلى المدينة. ومن بعض أنواع النزوح هي التهجير القسري.
-المهاجر، وهناك نوعان: المهاجر الشرعي، والمهاجر غير الشرعي. فالمهاجر الشرعي، ينتقل من دولة إلى أخرى للعمل أو للسكن فيها وقد يحصل على الجنسية فيها. والمهاجر غير الشرعي، هو الشخص الذي ينتقل بشكلٍ ملتبس بعيداً عن الإجراءات الرّسميّة المتبعة عبر الحدود الشرعية من خلال أخرى غير شرعيّة، ومعظمها برية وبحرية لأن من الصعب الهجرة عبر الحدود الجوية بسبب الإجراءات المتخذة في الطيران”.
إذاً ثلاثة مفاهيم لحالات مختلفة شرحها الصائغ لموقعنا، معتبرًا أن “بعض اللاجئين السوريين والفلسطينيين في لبنان إنتقلوا اليوم لكي يكونوا مهاجرين غير شرعيين لأنهم استخدموا المعابر غير الشرعية البحرية وما يحصل اليوم خير مثال على ذلك، ومعهم مواطنون لبنانيّون هربوا من الفقر والعوز وجهنّم التي نعيشها في لبنان”.
الهجرة غير الشرعية… ظاهرة مستجدة؟!
في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، تنشط من عقود ظاهرة الهجرة غير الشرعية، بحسب الصائغ الذي اعتبر أن هذه “الظاهرة في لبنان، هي مستجدة، ولكن هذا لا يعني عدم وجودها من قبل، إلا أنها كثرت في الآونة الأخيرة”. وأبدى الصائغ خوفه من “أن تنشط هذه الظاهرة ليس فقط نتيجة الأحوال المالية – الاقتصادية الاجتماعية، بل نتيجة جريمة منظمة تقوم بها بعض المافيات وتستفيد منها بعض الجهات السياسية”.
لماذا تنشط هذه الظاهرة في الشمال اللبناني؟
تنشط الهجرة غير الشرعية في الشمال لأنها منطقة مفتوحة على البحر أكثر من غيرها وهو الشاطئ الأطول والأكبر، فضلاً عن أنها المناطق الأكثر فقراً تاريخياً. ويلفت الصائغ إلى “أن المافيات وجدت في هذه المناطق مكاناً خاصاً وخصباً لها”. وشدد الصائغ على “أنها عملية منهجية، كما أن اختيار هذه المنطقة له رمزية من قبل المافيات لشيطنتها، الذي سبق لهم أن حاولوا تصويرها على أنها تصدّر الإرهاب، واليوم على أنها تصدر الهجرة غير الشرعية”.
ويشير الصائغ إلى “أنه من يلاحظ الأموال التي تُدفع للهجرة غير الشرعية، يسأل عن قدرة هؤلاء المواطنين على تأمين هذه المبالغ الضخمة التي قد تعيلهم على مدار عامين أقلّه”.
ولفت الصائغ إلى أن “هذه العملية ليست بريئة وعفوية إنما هناك شبكات منظّمة ممتدة على مناطق حوض البحر الأبيض المتوسط فضلاً عن الأهداف السياسية.”
من الضروري أن يدرك المهاجر غير الشرعي أنّ وصوله الى أوروبا لن يدخله جنة الحياة. فبحسب الصائغ، “عندما يصل المهاجر الى وجهته، تحتجزهم السلطات في مراكز إيواء موقتة لكي تقرر اتخاذ الإجراءات المناسبة القانونية، وتعيدهم إلى الدولة التي وصلوا منها، أو كيفية قبول بعض المهاجرين الذين لديهم أسباب مقنعة تجبرهم على الهجرة.”
وبطبيعة الحال، يؤكد الصائغ لـ “هنا لبنان” أن هذا الأمر “يتطلب عملاً ديبلوماسيّاً لحماية المهاجرين أينما توجهوا. وفي حال تهميشهم، يعيش المهاجر مأساة ثلاثيّة: إما العيش في جهنم الأرض، أو الموت غرقاً في البحر الذي هاجروا من خلاله بطريقة غير شرعيّة، أو استمرار المأساة في الدولة التي لجأوا إليها لأن هذه الدول لديها قوانينها ولا يجب إلقاء اللوم عليها بل يجب معالجة المسبّبات في بلدنا.”
وهذه المعالجة، بحسب الصائغ، “لا يمكن أن تكون أمنية وقانونية فقط بل اقتصادية – اجتماعية وتربويّة أيضاً، لأنّ في لبنان بات وجود الدولة معدوماً بل هناك سلطة ومنظومة تشارك وتعزز هذه الجريمة، ما يعني أنّ ثمّة مسؤوليّة على هيئات المجتمع المدنيّ والمرجعيّات الدّينيّة مع البلديّات وبرامج الأمم المتحدة للتعاون لبناء شبكة أمان مرحليّة تواجه هذه الظاهرة، بانتظار استرداد الدّولة من المنظومة المافيويّة التي تحكمها”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
ميقاتي وصفقة المليار يورو… على “ظهر اللبنانيين” | قنبلة الذوق الحراري: مواد كيميائية تنذر بكارثة جديدة في لبنان! | “دورة خفراء في الجمارك” تثير الجدل مجددًا… فهل يتم إقصاء المسيحيين من وظائف الدولة؟ |