أسئلة لحقبة ما بعد الترسيم!


أخبار بارزة, خاص 4 تشرين الأول, 2022

كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:

بقدر ما يشكل إنجاز اتفاق ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان والإحتلال الإسرائيلي بارقة أمل يتيمة في ظل السواد الكالح الذي تعيشه البلاد في إرهاصات الأيّام الأخيرة من العهد؛ بقدر ما يُشكل تحديّاً كبيراً بالنسبة إلى لبنان الذي سوف ينضم إلى نادي الدول المنتجة للنفط، وهو حلم راود اللبنانيين منذ سنواتٍ طويلة.

وأن يتمكن لبنان من اجتياز هذا التحدي بمباركة دوليّة توفر غطاء للسير في قطاع حيوي جداً، ألا وهو النفط، وفي لحظة حساسة جداً نتيجة الحرب الروسيّة على أوكرانيا؛ فهذا يعني أن لبنان قد يتمكن من التقاط اللحظة التاريخيّة وتوظيفها لمصلحته المباشرة بما يتيح بناء مخارج جديّة لمآزقه المتوالدة يوماً بعد يوم وفي مختلف الاتجاهات.

ولكن، في الوقت ذاته، يحق للبنانيين أن يقلقوا من سوء إدارة محتملة لهذا القطاع الذي شهد ركوداً وارتباكاً في الحقبة الماضية تمثلت بعض تجلياتها بتعرية هيئة إدارة قطاع النفط وتفريغها من صلاحياتها ودورها ومهامها بسبب طغيان وزارة الطاقة والمياه على دورها، ولا تزال ماثلة صورة إجتماع أحد الوزراء بأعضاء الهيئة فور تشكيلها وقد منعهم من التصريح والتحدث إلى وسائل الإعلام. طبعاً، تم تجاوز هذا الأمر لاحقاً لعدم منطقيته وصحته.

السؤال الجوهري اليوم يتصل بحقبة ما بعد توقيع إتفاقيّات الترسيم. وتتزاحم الأسئلة المرتبطة بها: كيفيّة التنقيب ومواعيده وسبل الإشراف عليه وصولاً إلى مرحلة الاستخراج الفعلي وبدء تدفق الواردات الماليّة من هذا القطاع وسبل إدارتها بشفافيّة والحفاظ عليها وتحديد وجهة استعمالها واستثمارها. ماذا عن دور الهيئة وحصانتها إزاء التدخلات السياسيّة وقدرتها الحقيقيّة على القيام بالأدوار المنوطة بها فعلاً؟ ماذا عن الصندوق السيادي والتشريعات المطلوبة لضمان حسن إدارة القطاع النفطي عموماً؟

إذا كانت الحكومات المتعاقبة لم توفق في إقناع فريق سياسي بتشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، ولم تنجح في البدء بتنفيذ أية خطة كهربائيّة نتيجة تعنت الفريق إياه وإصراره على إقامة معمل سلعاتا دون جدوى، فكيف سيكون الحال في قطاع النفط الذي هو بمثابة الثروة الحقيقيّة للبنان في ظل أقسى أزمة معيشيّة وإقتصاديّة حادة يمر بها في تاريخه؟

هذه المستجدات الهامة المتصلة بتوقيع إتفاقيّة الترسيم والبدء بإستخراج النفط من قعر البحر تؤكد مجدداً على أهميّة إنتخاب رئيس جديد للجمهوريّة في المهل الدستوريّة المحددة، وأن يكون شخصيّة تحظى بالثقة وتتولى الإشراف على عمليّات التنقيب وتضمن حسن مساراتها خصوصاً من النواحي الماليّة التي لا تحتمل أي تلاعب.

إن إهدار المداخيل المحققة من هذا القطاع الواعد من شأنه أن يقضي جديّاً على أية إمكانيّة لبناء لبنان الجديد الذي ينتظره اللبنانيون وهم فعلاً يستحقونه، كما يستحقون رئيساً عاقلاً ومسؤولاً يملك القدرة على العبور بلبنان نحو الاستقرار والحداثة والنمو.

إن غداً لناظره قريب.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us