تشكيل الحكومة متعثر ومرهون بشروط باسيل التعجيزية
كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:
بعد أن سلك ملف ترسيم الحدود طريقه ولم يتم التطرق خلال الإجتماع الرئاسي الثلاثي إلى ملف تشكيل الحكومة، تبقى هذه المسألة رهن الإتصالات والمشاورات الجارية على أكثر من خط لتبديد التباينات وتخفيف التشنج بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي يحاول بشتى الوسائل وضع العراقيل من أجل إكتساب مقاعد حكومية تلبي طموحاته في المرحلة المقبلة، ووضع شروط تعجيزية لن يرضخ لها رئيس الحكومة عبر فرض سلة تعيينات تبدأ من قيادة الجيش إلى حاكم مصرف لبنان والجامعة اللبنانية وصولاً إلى موضوع دورة عون في الجيش اللبناني ووظائف أساسية في مؤسسات الدولة.
مصادر مطلعة على الإتصالات الجارية أكدت لموقع “هنا لبنان” أن أحد الشروط الفاقعة التي طلبها باسيل وصلت إلى “الحد من تدخل رئيس مجلس النواب نبيه بري بالسلطة التنفيذية المتمثلة بعمل مجلس الوزراء وذلك بسبب النفور السياسي منذ وقت طويل بين الجانبين”.
هذا الشرط أزعج القريب قبل البعيد أي حليف التيار “حزب الله” وبدد تفاؤله بقرب التشكيل بحسب مصادر وزارية، على الرغم من أن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله أعطى دفعاً بإتجاه تشكيل الحكومة بأسرع وقت، مما يعني إهتمامه الإستثنائي بهذا الملف وهذا ما ظهر جلياً أيضاً في كافة مواقف وتصريحات المسؤولين في حزب الله في ظل الخطاب الهادئ تجاه ملف ترسيم الحدود البحرية ومسار عملية التنقيب عن النفط والغاز.
أما مسألة تبديل الوزراء فما تزال عالقة إذ أن التبديل لن يقتصر على وزير أو اثنين بل فتح البازار لتغيير جذري لمعظم الوزراء المسيحيين المحسوبين على رئيس الجمهورية والتيار الذين يطالب باسيل أن يكونوا من الصقور على طاولة مجلس الوزراء بعد انتهاء العهد للإمساك بزمام الأمور في الوزارات المهمة، وهذا بحسب المصادر ما كان طالب به باسيل في آخر جلسة لمجلس الوزراء عقدت في بعبدا، والتشديد على طرحه من خارج جدول الأعمال مما حدا بالرئيس ميقاتي إلى الخروج ممتعضاً إلى جانب بعض الوزراء الذين لوحوا آنذاك بالإستقالة. كما أن اسم الوزير الدرزي لا يزال مدار بحث مع رفض رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط بأن يستبدل الوزير عصام شرف الدين بالوزير السابق طلال أرسلان الذي رفض بدوره تسميه نجله لهذا المنصب.
وعلى الرغم من التفاؤل المفرط للبعض بقرب تشكيل الحكومة ووضعها على نار حامية فإن التعثر سيد الموقف، فالشياطين تكمن في التفاصيل دوماً وموضوع تبديل الوزراء لم يتقدم رغم الحديث عن ترابط هذه المسألة مع ملف الترسيم، كما لم تتقدم بشكل لافت المساعي والإتصالات التي يجريها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ولا تزال الشروط العالية السقف تتحكم بمسار عملية التأليف، إضافة إلى وجود أحزاب أخرى كحركة أمل والمردة يريدون تغيير الوزراء الذين يسمونهم للحكومة كوزير المالية ووزير الإتصالات.
وأكدت مصادر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنه لن يرضخ للشروط الموضوعة، وموقفه بأنه “ماضٍ في عملية تشكيل الحكومة الجديدة رغم كل العراقيل والشروط والإيحاءات التي تهدف إلى أمر واقع في أخطر مرحلة من تاريخنا” يؤكد أن الشروط التي وضعت أمام عملية التشكيل خطيرة وتهدد البلد.
وبدوره يرمي التيار الوطني الحر اتهامات العرقلة على الرئيس ميقاتي الذي يريد بحسب مصادر التيار التدخل في حصة الرئيس والتيار معاً للتحكم بمسار جلسات مجلس الوزراء، وإتخاذ قرارات مهمة في حال الشغور في سدة الرئاسة. ويبدو أن مسألة التنازلات من قبل الطرفين صعبة مما سيؤخر تشكيل الحكومة في الشهر الذي سيحسم ما إذا كان سينتخب رئيس جديد للجمهورية أم أن الفراغ سيكون سيد الموقف.
ومع ترقب تشكيل الحكومة تبقى العيون شاخصة على دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري لموعد جديد لجلسة إنتخاب رئيس الجمهورية منتصف الشهر الحالي، وإلا فإن الفراغ سيستمر وقد يطول بعد إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون بإنتظار تسوية ما أو إحتمال حصول خضات أمنية، ورجحت مصادر مطلعة لموقع “هنا لبنان” أن حظوظ قائد الجيش جوزيف عون لتبوّؤ سدة الرئاسة متقدمة في ظل الوضع القائم.