مفاعيل الترسيم اقتصرت على الحدود والداخل يتخبط
كتب بسام أبو زيد لـ “هنا لبنان”:
يعد اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل من أبرز علامات الاهتمام الدولي بلبنان، رغم أن هذا الاتفاق كان الدافع الأساسي له هو أزمة الطاقة في العالم وحاجة أوروبا بالتحديد للمزيد من الغاز.
إسرائيل التي ستشهد انتخابات نيابية مطلع الشهر المقبل لم تعطل الخلافات السياسية فيها مسار الاتفاق ولم تعطل استخراج الغاز من حقل كاريش، وإن استمر لابيد في الحكم أو حل مكانه نتنياهو فإن تل أبيب ستبقى ملتزمة بهذا الاتفاق.
أما في لبنان فإن هذا الاتفاق التاريخي لم تنسحب مفاعيله على الوضع السياسي الداخلي ما يؤشر إلى أن تطبيق هذا الاتفاق ولا سيما لجهة استفادة اللبنانيين فعلياً من عائدات النفط والغاز وتوظيفها لمستقبل أفضل هو محط شكوك، لأن من يمسكون السلطة لم يغيروا من نهج التعاطي في إدارة البلد وعناوينه المحاصصة وتقاسم المغانم والتعطيل.
إن الدليل على ما سبق هو أن بعض القوى السياسية في لبنان وفي مقدمها حزب الله والدائرون في فلكه ما زالوا يعرقلون انتخاب رئيس للجمهورية ينقل لبنان من مرحلة الانهيار لمرحلة النهوض، وهم لا يريدون هكذا رئيس لأنه سيكون رمزاً لبداية تحرر الدولة واستعادة قرارها وقوتها، فانتخاب هكذا رئيس يفترض أن يستتبع بتكليف شخصية تشبهه لتشكيل حكومة لا تحمل شعار “الوحدة الوطنية” المزيف.
المفارقة في ما حصل وفي ما سيحصل في لبنان، أن مفاعيل الاتفاق ستطبق بدقة عند الحدود البحرية الجنوبية وستنعم تلك الحدود بالاستقرار ولن تكون طريقاً لتحرير فلسطين، كما ستعمل شركات استكشاف واستخراج النفط والغاز بصورة طبيعية ووفق ما نصَّ عليه الاتفاق، في حين أن مفاعيل الاتفاق في الداخل ستكون معطلة من قبل الفريق ذاته الذي لن يمارس التعطيل عند الحدود ليستعيض عنه بتعطيل في الداخل.
إتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل ليس الأول بين الجانبين، فاتفاقية الهدنة أسقطها إتفاق القاهرة الذي أباح جنوب لبنان أمام المنظمات الفلسطينية، واتفاق ١٧ أيار أسقطه تقاطع مصالح بين أطراف إقليمية ودولية، وتفاهم نيسان الذي أنجزه الرئيس الشهيد رفيق الحريري استمرت مفاعيله إلى ما بعد الانسحاب الإسرائيلي في أيار من العام ألفين وسقطت هذه المفاعيل مع حرب تموز ٢٠٠٦، والسؤال اليوم إلى متى ستدوم مفاعيل اتفاق الترسيم وهل سيكون لدى أي طرف من هنا أو من هناك الجرأة على إسقاطها؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
في لبنان ما يستحق الحياة | تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل |