عون الثاني؟
كتب راشد فايد لـ”هنا لبنان”‘:
قد يكون العماد جوزيف عون خامس قائد جيش يدخل قصر بعبدا رئيساً للجمهورية، بعد الأمير اللواء فؤاد شهاب، والجنرال إميل لحود، والعماد ميشال سليمان، والجنرال ميشال عون الذي يختم الأحد المقبل عهده الفريد في النكد السياسي، والتصميم العنيد على تخريب “اتفاق الطائف” وعلاقات لبنان العربية، على حساب مصالح اللبنانيين وبلدهم، بما يتسق ومشروع الأقليات الأقليمي.
لكن الوصول إلى فتح طريق بعبدا أمام العماد عون الثاني سيعطي مؤشرات إلى أن الطبقة السياسية تفتقد في صفوفها خامة رئيس للجمهورية، وأنها ضلت الطريق إلى ما تعنيه الديموقراطية من أغلبية تحكم وأقلية تعارض، وذلك بتزوير الحزب المسلّح هذا المنطق تحت عنوان التوافق، الذي يغلف منطق التواطؤ الضمني الذي يرجوه بعد عجزه عن تكرار الإرغام الذي مارسه للإتيان بميشال عون رئيساً للجمهورية على محفة إشهار السلاح في الداخل، وتحويل حمله إلى مهمة ليست مقاومة إسرائيل عنواناً لها، بعد هدنة مثبتة معها سميت “قواعد الاشتباك”، عُززت بتفاني الحزب في احتضان هدنة إضافية هي ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل التي قال رئيس حكومتها المستقيلة أن الاتفاق الموارب معها يوفر لها استتباب الأمن على الحدود مع لبنان، كون الاتفاق يضمن السلام على هذه الحدود. بمعنى آخر أن إسرائيل لن تقلق من الحزب، بعد اليوم، لكنها لن تأمن له، ولذا حلق طيرانها الحربي في الأجواء اللبنانية للتذكير بأنها الطرف المسيطر في كل الحالات.
ما يجعل كلام لابيد قابلاً للتصديق، أن اللبنانيين لا يصدقون سياسييهم، وليس الحزب المسلح خارج هذا الإطار، وربما هذا ما حض أمينه العام على إلقاء خطاب بدا إبلاغاً لإسرائيل بالتزامه بما وقعه حليفه ميشال عون معها مواربة عن طريق الوسيط الأميركي. ولا يناقض ذلك الإستعراض الخطابي، والتلاعب بالأوتار الصوتية اللذين يبرع فيهما أمين عام الحزب.
إيصال القيادات العسكرية العليا إلى رئاسة الجمهورية كان إنهاء لأزمة وطنية ذات بعد إقليمي ودولي كما مع شهاب، وسليمان وعون “الأول” وبتحد من الوصاية السورية للقرار 1559 الأممي كما مع تعيين أميل لحود ثم تمديد ولايته.
لم تفرج الأزمة الرئاسية حتى اليوم عن وصولها إلى ذروتها، فالحزب لا يملك سوى المعاندة في فرض مرشح توافقي لا يسميه، ويشرح، بإبهام، مواصفاته التي تجعل منه ملحقاً به سياسياً. وفي المقابل يسجل لقوى السيادة والاستقلال أنها قدمت الرد بترشيح ميشال معوض، ولم تقفل الباب على المنافسة الديموقراطية التي لا يريدها خصمها.
يقارن اللبنانيون بين “حالات” الرؤساء العسكريين الأربعة السابقين وما يشهده لبنان اليوم، فيرجح قسم كبير منهم أن تزيد الأمور تعقيداً إلى حد اللجوء إلى إيصال العسكري الخامس إلى سدة الرئاسة، ويتخوفون من أن يصبح كل ماروني يدخل المدرسة الحربية ساعياً إلى بعبدا.
ما يُميّز العماد جوزيف عون اليوم أنه لم يبدر منه “شهوة” إلى الرئاسة، وأنه أعاد للمؤسسة العسكرية وصفها بأنها الصامت الأكبر الذي أضفاه عليها مؤسسها الأمير اللواء فؤاد شهاب، ولم يُركّب “ماكنة انتخابية”، همها ومهمتها الترويج له كمنقذ تغني له البلاد “جيت بوقتك فرفح قلبي”، بينما عسسه يلاحقون خصومه، من أصحاب القلم والفكر.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الجرموز | من سيسرق المليار؟ | قربة مثقوبة |