أمن إسرائيل ومصالحها الإقتصادية أولوية… فهل يهدد فوز نتنياهو مستقبل اتفاق ترسيم الحدود البحرية؟
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
مع فوز التكتل الذي يقوده رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو في الإنتخابات البرلمانية الإسرائيلية بأغلبية 64 مقعداً في الكنيست المؤلف من 120 مقعداً، كثرت التساؤلات حول مصير اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بعد أن كان قد أعلن أنه سيتعامل مع هذه الاتفاقية كما تعامل مع “اتفاقية أوسلو للسلام” في حال عاد إلى رئاسة الحكومة. وللتذكير فإن نتنياهو وعلى رغم معارضته الشديدة لاتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية الموقعة عام 1993 فإنه لم يُلغِ الاتفاق لكنه لم يطبّقه على أرض الواقع.
فكيف سيتعامل نتنياهو اليوم مع اتفاقية الترسيم التي كان قد عارضها قبل توقيعها من قبل حكومة يائير لابيد واصفاً اياها٨ بالاستسلام لتهديدات “حزب الله”؟
الثابت أن واشنطن هي العراب الأساسي لهذه الاتفاقية التي جرى توقيعها في 27 تشرين الأول ومن الصعوبة على أي رئيس حكومة إسرائيلي أن يصطدم مع مطلق أي إدارة أميركية. فإذا أراد نتنياهو الانسحاب من الاتفاقية فإنه ينسحب بذلك من اتفاقية مع الولايات المتحدة، لأن الاتفاقية وقعت بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة وبين لبنان والولايات المتحدة من جهة أخرى.
وقد أعطيت ضمانات أميركية للبنان بحماية الإتفاقية التي أصبحت في عهدة الأمم المتحدة ولبنان أكد التزامه بها. يُضاف إلى ذلك أن اسرائيل بدأت الإستفادة من الإتفاقية ببدء سحب الغاز من حقل “كاريش”، أما لبنان فلا يزال ينتظر إنجاز الإجراءات والمعاملات الإدارية للبدء في العمل.
في هذا الإطار، استبعد أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية الدكتور حسن جوني لموقع “هنا لبنان”، أن يكون باستطاعة نتنياهو إلغاء الاتفاقية واضعاً تهديداته بإلغاء الاتفاقية في سياق الكلام الإنتخابي لا أكثر ولا أقل، وهذا أمر معتاد يندرج في إطار الحملات الانتخابية وكلام ما قبل الانتخابات يختلف عن الأفعال بعد انتهائها.
ولكن لماذا من الصعوبة بمكان على نتنياهو إلغاء الإتفاقية؟
جوني تحدث عن سلسلة من الأسباب الكفيلة بالتأثير على قرار نتنياهو وجعله غير قادر على إلغاء الاتفاقية أو عدم تطبيقها:
أولاً – لقد لعبت الولايات المتحدة الاميركية دور الوسيط في هذه الاتفاقية وهي بالتالي الضامنة لها. انطلاقاً من العلاقة الوطيدة التي تربط إسرائيل بها خصوصاً أنها دولة فاعلة في أي قرار إسرائيلي يُتخذ. ما يجعل من الضمانة الأميركية أمراً أساسياً لعدم إلغاء الإتفاقية.
ثانياً – يلعب الجيش الاسرائيلي دوراً أساسيّاً في اتخاذ القرارات الاستراتيجية. وهو يعلم أن أي خطأ يحصل في المنطقة سيؤدي حتماً إلى حرب. لذلك إنّ الضمانة الرئيسية للاتفاقية في إسرائيل تأتي من جانب الجيش والأجهزة الأمنية المعنية. وهو يعلم أنه لا يتحمل أي مغامرة ينتج عنها حرب في المنطقة.
ثالثاً – ما سرّع في الاتفاق أيضاً هو معادلة قانا-كاريش. وهذا ما تحدث عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عندما قال أنه إذا مُنع لبنان من استخراج النفط والغاز فلن يستطيع أحد استخراج النفط والغاز، وهذا هو عنوان المرحلة المقبلة. وبالتالي إذا ألغى نتنياهو الاتفاق نعود إلى هذه المعادلة ولن يكون باستطاعة إسرائيل استخراج النفط أو الغاز من كاريش.
رابعاً- هناك مصلحة للدول الأوروبية في هذه الاتفاقية يُضاف إليها مصلحة الشركات خصوصاً في ظل ارتفاع الأسعار. وحقل كاريش جاهز لاستخراج الغاز مباشرة وهذا ما حصل.
لكل هذه الأسباب، رأى جوني أنّ نتنياهو سيجد نفسه أمام ضغوطات تمنعه من تنفيذ وعوده الإنتخابية. وهو يعلم أنه إذا ألغى الاتفاق فلن تستطيع إسرائيل استخراج النفط والغاز ليس فقط في كاريش ولكن إلى ما بعد بعد كاريش أي على امتداد الشاطئ الفلسطيني وإلا ستندلع حرب كبرى لا مصلحة لأحد فيها اليوم.
ولفت جوني إلى أن هذا كله ولبنان متأخر عن استخراج النفط لأسباب خارجة عن إرادة اللبنانيين بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية في ظل حكومات كانت بأغلبها حكومات تصريف أعمال والتأخير في إجراء الانتخابات الرئاسية السابقة وأزمة النظام اللبناني ككل.
أمام هذا المشهد، وإن صعّد نتنياهو كلامياً في ما يتعلق بالترسيم فإنه يعلم أن الاتفاقية مفيدة لإسرائيل وأن إلغاءها يضر بأمن إسرائيل ومصالحها الاقتصادية ومستقبل التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط.
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |