“صار الوقت” ليجاهر الحزب و”التيار” بعدائهما للطائف!
كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:
ما حصل ليل الخميس الماضي في قناة الـ “MTV”، خلال برنامج الزميل مارسيل غانم “صار الوقت”، يستحق التوقف عنده، ليس في ما جرى فحسب، وإنما لما تلاه من مواقف من حدث سياسي مهم، ألا وهو منتدى الطائف الذي رعاه سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري.
بالنسبة لما جرى في البرنامج، فقد تسنى لمتابعي البرنامج أن يدركوا أنّ “التيار الوطني الحر” وعن سابق تصوّر وتصميم، قرر الاعتداء على محطة “Mtv” وتعطيل برنامجها الأشهر. وبدا نائب “التيار” شربل مارون وكأنه قائد فرقة “التيار” الذي كان في عداد المشاركين في البرنامج قبل اندلاع الشغب، يوزع التعليمات ويصدر الأوامر. وقد إستشعر الزميل غانم ما كان يدبّر وحاول لفت الانتباه مباشرة إليه وعلى الهواء مباشرة.
كما تسنى لمتابعي البرنامج أن غزوة “التيار” بدأ الإعداد لها في الأسبوع ما قبل الأخير، عندما واكب عناصر “التيار” مشاركة نائب التيار، نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، في البرنامج كي يهتفوا له وخصوصاً عندما أشار إلى زر “التيار” الذي علقه على صدره ليعلن “فخره بالانتماء إلى التيار وبالرئيس ميشال عون”. وقد غمز غانم من قناة ضيفه ورد عليه بأنه يدرك ما يبيّت تحت ستار المشاركة في البرنامج.
والسؤال لما جرى على المستوى الإعلامي: هل عاد “التيار” إلى قواعد التوتير والشغب وصولاً إلى الفتنة كما كان حاله منذ كان مؤسسه رئيساً للحكومة العسكرية عام 1988 وما جرّه من ويلات على لبنان؟
ربما يكون الجواب وفق أحد المراقبين هو أن ما جرى هو كناية عن “زوبعة التيار في برنامج صار الوقت”. لكن هناك أكثر من مراقب يقول أنّ الرئيس ميشال عون الذي انتقل من قصر بعبدا في 30 تشرين الأول الماضي إلى قصره في الرابية، ليس ليصير رئيساً سابقاً للجمهورية، وإنما ليكون رئيسا مجدداً لـ “التيار” الذي لم يكن في يوم من الأيام منذ 34 عاماً فريقاً سياسياً عاملاً من أجل السلام والاستقرار في لبنان. بل كان ولا يزال يستمد قوته من الشغب والشعوبية التي تريد أن تصل وبأي ثمن إلى مبتغاه ألا وهو: عون ومن يرثه أو لا أحد إلى الأبد!”
ربما تشاء الصدف أن تكون مغادرة الجنرال عون قصر بعبدا عام 1990 بعد دخول اتفاق الطائف إلى لبنان. واليوم يكاد المشهد أن يتكرر من خلال خروج الرئيس عون من القصر الجمهوري مع إطلالة منتدى الطائف الذي رعته السعودية السبت الماضي في بيروت. لم يكتم “التيار” شعوره من هذا التماثل، علماً أن النائب سيزار أبي خليل جلس في الصف الأمامي في الأونيسكو ممثلاً النائب جبران باسيل. لكنه لم تمض سوى ساعات بعد المنتدى حتى أطل “التيار” قائلاً: “بعد ثلاثة وثلاثين عاماً على الطائف، لبنان بلا رئيس، ولا حكومة، ولا اقتصاد، ولا مال، ويكاد يكون بلا شعب بفعل هجرة اللبنانيين ونزوح السوريين وبقاء مأساة اللجوء الفلسطيني بلا حل”. ويضيف عبر قناته التلفزيونية “أو تي في” قائلاً: “بعد ثلاثة وثلاثين عاماً على الطائف، الميثاق في خطر دائم، والدستور لا يطبق، والثقة مفقودة بين مكونات الوطن، بعيداً من الإنشائيات والقصائد التي يتبارى على تلاوتها البعض، بمناسبة أو من دون. بعد ثلاثة وثلاثين عاماً على الطائف، علاقاتنا الإقليمية والدولية بلا توازن، والتدخلات الخارجية في شؤون لبنان باتت من اليوميات…”
وخلص إلى القول: “لا بد من التذكير، بموقف كبير من لبنان، لا تزال كلماته إلى اليوم عرضة للتشويه والتزوير. فهو وحده الذي حذر قبل ثلاثة وثلاثين عاماً من أن الطائف لن يؤدي إلى سحب القوات السورية من لبنان بعد سنتين، في وقت كان الآخرون يبشرون بالعكس… قبل ثلاثة وثلاثين عاماً، طالب العماد ميشال عون بفاصلة إضافية على الطائف كي يصير قابلاً للحياة. وبعد فاصلة زمنية من ثلاثة وثلاثين عاماً، لا يزال البعض يعاندون ويكابرون ولا يعترفون أن الرئيس العماد ميشال عون كان على حق”.
يقول وزير طائف شارك في صياغة اتفاق الطائف أن “الفاصلة” التي يتحدث عنها “التيار” اليوم، هي عبارة “لا للطائف” الذي لم يكن عون مؤيداً له في الأيام إلا إذا كان ثمن التأييد هو وصوله إلى رئاسة الجمهورية، وهذا ما حصل فعلاً عندما تحقق مبتغى عون قبل 6 أعوام فمشى بالطائف، وها هو اليوم يمشي من الطائف بعدما صار خارج قصر بعبدا.
الطرف الآخر الذي ما كان يوماً في الأيام مؤيداً لإتفاق الطائف والدستور المنبثق منه، هو “حزب الله”. وهو إنطلق في حملة شعواء ضد منتدى الطائف، عبّر عنها في الساعات الماضية عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق فهاجم ما أسماه “تدخلات مسمومة علنية من السعودية تريد أن تحرض اللبنانيين بعضهم على بعض، وتمنعهم من الحوار، فهل يحق للسعودية أن تتدخل في الشؤون اللبنانية؟” وقال: “أن “أحداً لم يطرح تغيير الطائف، ونرى أن استخدام هذه القضية، هو للتغطية على التدخلات…”
ويرد الوزير السابق على حجة قاووق لمهاجمة السعودية: “أين موقفه من إيران التي تملأ لبنان صخباً كل سنة في ذكرى تأسيس الدولة الإسلامية في إيران وتمجد سلاح حزب الله؟”
المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا، التي كانت من المتكلمين الرئيسيين في منتدى الطائف قالت إن قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 والصادر بعد حرب العام 2006 قد تبنى اتفاق الطائف. وهي أشارت بصورة غير مباشرة إلى أن هذا الاتفاق يتضمن نصاً صريحاً بنزع سلاح “حزب الله” الذي هو غير شرعي بصفته ميليشيا. ولعل ما قاله بعد المنتدى رئيس المجلس السياسي لـ “حزب الله” إبراهيم أمين السيد من “أننا لم نعد نحتاج إلى حرب من أجل الوصول إلى حقنا وأهدافنا، يكفي أن يكون معنا هذا السلاح والموقف الشجاع لاتخاذ القرار المناسب، وحققنا الانتصار دون استخدام هذا السلاح”.
في الخلاصة، ما يظهره فريقا “تفاهم مار مخايل” ويفعلاه منذ غزوة الـ “Mtv” إلى منتدى الأونيسكو، وكلاهما في الأسبوع الماضي، يعني “صار الوقت” كي يجاهر الحزب و”التيار” بعدائهما للطائف الذي هو في جوهره إتفاق السلام للبنان.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل بري وابتسامة لاريجاني | “مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران | تفليسة “تفاهم” مار مخايل في عملية البترون |