الكبتاغون يحاصر علاقات لبنان مع الخارج: “كافحوها”!
كتب مازن مجوز لـ”هنا لبنان”:
في الأول من الشهر الحالي أعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي إحباط محاولة تهريب كمية ضخمة من الكبتاغون قدرت بـ 5 ملايين و415 ألف حبة، مخبّأة في ألواح “فايبر”، كان من المفترض تهريبها إلى أبيدجان، ثم إلى السودان، عبر مرفأ بيروت.
محاولة التهريب هذه ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، في تجارة تدر المليارات على التجار والمصنعين العاملين فيها، بفضل “التفنن” في أساليب تهريبها إن عبر البر أو البحر، ويشير حجم عمليات التهريب التي أحبطت من قبل قوى الأمن اللبنانية أو تلك التي تم التفطن إليها من السلطات السعودية في الفترة الأخيرة إلى تطور هذه الظاهرة وتحولها إلى “صناعة” متكاملة.
وعلى رغم أن صناعة الكبتاغون ليست جديدة في لبنان وسوريا، إلا أنها باتت أكثر رواجاً، استخداماً وتصديراً، منذ اندلاع النزاع السوري في العام 2011 خصوصاً على الحدود السورية بقاعاً كما أسهمت الأوضاع الأمنية والإقتصادية في لبنان بازدهارها.
ويرى العميد المتقاعد عادل مشموشي (الرئيس السابق لشعبة التفتيش والتحقيق في قوى الأمن الداخلي) في حديث لـ “هنا لبنان”: “أخذت هذه الصناعة تنشط على نحو مخيف، فبعد أن كان لبنان يستعمل كممر لهذه المادة من تركيا إلى سوريا إلى لبنان ومن ثم إلى دول الخليج، أصبح دولة مصنعة بشراكة بين تجار لبنانيين وسوريين الذين نقلوا خبراتهم إلى اللبنانيين”، لافتاً إلى أنه وإثر الحرب الأهلية السورية ونتيجة تداخل الحدود بين البلدين، إنتقلت بعض المعامل والضالعين في تصنيع هذه المواد من سوريا إلى لبنان، وتحديداً إلى منطقة البقاع الشمالي إعتباراً من بعلبك وصولاً إلى القاع والهرمل” .
والملاحظ أنه وبعد أن كانت هذه المواد تخفى من خلال تهريبها إلى دول الخليج عبر المنتجات اللبنانية وخاصة الخضار والفواكه التي تصدر من لبنان إلى الخليج، وبعد أن اكتُشفت هذه المسالك أو المعابر عمد بعض التجار إلى تغيير وجهة استعمال هذه البضاعة، والشحنات المضبوطة في الأشهر الأخيرة تدل على أن التصدير بات من لبنان إلى بعض الدول الأفريقية مصر والسودان وغيرها وبعض الدول الأوروبية. ومن ثم يعيدون إدخالها إلى منطقة الخليج العربي وتحديداً إلى السعودية.
ويبدي مشموشي أسفه لضلوع التجار والمصنعين اللبنانيين في تصنيع مادة الكبتاغون وتهريبها، لأن ذلك يسيء أكثر إلى سمعة لبنان في إطار الجهود المبذولة في مكافحة المخدرات، “وأخشى أن يدرج لبنان في إطار الدول غير المتعاونة في مكافحة المخدرات، خاصة بعد رواج هذه الصناعات الممنوعة والإتجار بها، بالإضافة إلى زراعة الحشيشة والتي تصدر إلى دول عديدة بما في ذلك دول الخليج”.
وكما لكل نوع من المخدرات ميزاته، فإن رواج تجارة الكبتاغون جاء على حساب أنشطة مخدرات أخرى حتى إنتقل تجار مصنعي حشيشة الكيف من تصنيع الحشيش إلى تصنيع مادة الكبتاغون لسهولة إخفائها وتصنيعها وإنتاجها، وبالتالي تسويقها كون حجمها أصغر من حجم من مادة الحشيشة، ويؤكد مشموشي أنها تتمتع بمفعول منشط ومرغوبة لدى الفئات الشابة في دول الخليج.
ووفق مشموشي فإن القضاء اللبناني اليوم مطالب برفع سقف العقوبات، كما أنه ينبغي تعزيز أجهزة إنفاذ القانون وفي مقدمتها مكتب مكافحة المخدرات، لتفعيل أدائه وتوفير ما يلزم من إمكانات مادية ولوجستية وتقنية لكشف هذه الشبكات بشكل أكبر وأشمل.
ويشدد على أنه لا يكفي الإعلان عن ضبط شحنة من هنا أو من هناك، الأهم هو تفكيك هذه الشبكات من خلال تعزيز الإجراءات الأمنية المتخذة في منطقة بعلبك الهرمل، حيث توجد تلك المصانع لأن الضالعين في قضايا الاجرام المنظم إن كان زراعة أو الإتجار أو تصنيع المخدرات أو خطف الأشخاص مقابل فدية كل هذه المجموعات تسعى إلى تقويض هيبة الدولة، الأمر الذي ييسر لها أنشطتها غير المشروعة وعندما تنجح الدولة في فرض سيطرتها تخف كل هذه النشاطات.
وإذ يركز على أهمية التعاون ما بين الدول المعنية المصنعة أو المرور أو الاستهلاكية، يدعو إلى عقد مؤتمر دولي لدى كل أجهزة المكافحة المعنية بالتصدي لآفة المخدرات بين لبنان سوريا والأردن ودول الخليج العربي، وهذا التنسيق ضرروري ويفعل عملية المكافحة ويحقق نتائج ملحوظة. مع ضرورة تعزيز جميع منافذ العبور الرسمية بمكاتب فرعية لمكتب مكافحة المخدرات، كون عناصره تتمتع بالخبرات الكافية للشك وإكتشاف الشحنات المشبوهة، ولا نخفي ضرورة مراقبة كل الحدود البرية بشكل أكبر وأكثر فعالية مما هي عليه اليوم .
مواضيع مماثلة للكاتب:
“ابتكار لبناني”.. أملٌ واعد لفاقدي البصر! | بين القوننة والأنسنة.. هل تهدّد التكنولوجيا أطفالنا؟ | لبنان غنيّ بالمياه الجوفية العذبة.. ثروة مهدورة بلا استثمار! |