جلسة خامسة من دون مفاجآت وتلويح أوروبي بعقوبات جدية على معرقلي إنتخاب الرئيس
كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:
لن تختلف جلسة الخميس لإنتخاب رئيس للجمهورية عن سابقاتها لناحية إنتاج رئيس جديد للبلاد في ظل المناكفات السياسية وعدم إنضاج التوافق على ترشيح إسم أو جملة أسماء لسد الفراغ الرئاسي في أسرع وقت. فالرهانات كثيرة ولا تبشر بالخير والورقة البيضاء لا تزال الحاضر الأكبر إلا إذا إتخذ حزب الله قراره بتسمية أحد أو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية خلال إجتماع كتلة الوفاء للمقاومة قبل الجلسة مباشرة أو التوجه إلى المجلس النيابي لإعادة السيناريو نفسه بوضع الورقة البيضاء في صندوق الإقتراع وعدم حرق إسم مرشحه، أما حليف حزب الله الأساسي كتلة التنمية والتحرير فهي بدورها تلتزم بقرار الحزب في حال عقد النية.
وفي مقلب تكتل لبنان القوي الذي يرأسه جبران باسيل الساعي الدائم إلى رئاسة الجمهورية يبدو أن صورة ما سيقوم به لم تتوضح رغم ما صدر عن إجتماعه الثلاثاء، إذ أعلن “أن التكتل ليس من هواة الدخول في بازار حرق الأسماء وبالتالي فإن الكتل النيابية مدعوة لملاقاتنا في منتصف الطريق والإجابة على ورقة الأولويّات الرئاسية التي حملناها إليها وبالتالي تحديد أسماء المرشحين الذين يمكن أن يجسّدوا بشخصهم وسلوكهم وتاريخهم ما ننتظره ممّن نريدهم أن يتبّوأوا المركز الأوّل في الدول”.
مصادر متابعة لحركته تؤكد على إنقسام داخل التيار حيال الذهاب بإسم مرشح جدي إلى مجلس النواب لا يريد الكشف عن هويته لتجنب الإتهام الذي يطاله مسيحياً بتعطيل إنتخاب الرئيس أو البقاء على خيار الورقة البيضاء، إضافة إلى إحتمال المشاركة في نصاب الدورة الثانية. ووفق ذلك قد يضع الثنائي الشيعي أمام الأمر الواقع من أجل تسمية مرشح لا سيما أنه بات يعرف أن ورقته قد سقطت لدى حزب الله وتقدم إسم سليمان فرنجية الذي قد يستقطب أصواتاً من الكتل الأخرى وأبرزها الحزب التقدمي الإشتراكي.
فبعد أن صرح رئيس الحزب وليد جنبلاط بعدم تسمية فرنجية خلال منتدى الطائف وتمسكه بترشيح ميشال معوض قام بتصويب الأمور بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، كما إستقبل في دارته السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني. ووفق المعلومات ترك جنبلاط هامشاً يتعلق بإمكانية التصويت لفرنجية في حال إنضاج تسوية ما وفي حال ضمان فرنجية لما لا يقلّ عن 60 صوتاً ومن بينها أصوات كتلة الإعتدال الوطني. لكن فرنجية سيبقى مرفوضاً من قبل القوات والكتائب والأحرار وحركة التجدد وبعض التغييريين والمستقلين الذين سيسعون لرفع نسبة الأصوات لمرشحهم ميشال معوض بحسب مصادر هذه القوى. فيما سيبقى بعض التغييريين على موقفهم ليصوتوا لإسم الدكتور عصام خليفة.
وسط ذلك لا يزال الفراغ سيد الموقف إلا أن مواقف خارجية مهمة برزت تجاه الإستحقاق الرئاسي وضروة عدم إطالة الفراغ والشغور في سدة الرئاسة الأولى، تمثلت أولاً بالسعي الفرنسي الدائم لحصول خرق في جدار التعطيل الحاصل وقد تظهر ذلك خلال لقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في شرم الشيخ على هامش قمة المناخ، حيث تم البحث في المساعي الفرنسية لمعالجة الأوضاع اللبنانية، وقد أكد الرئيس الفرنسي أولوية إجراء الانتخابات الرئاسية اللبنانية لإنتظام عمل المؤسسات.
وأكدت مصادر فرنسية مطلعة على الملف اللبناني لموقع “هنا لبنان” أن فرنسا لا تقف موقف المتفرج حيال ما يحصل في مجلس النواب بل تعمل ما بوسعها عبر تكثيف إتصالاتها من أجل تقليص فترة الفراغ وإنتخاب رئيس للجمهورية وعبر حث جميع الأفرقاء اللبنانيين على إنتهاز هذه الفرصة المؤاتية في ظل تلهي الدول الإقليمية بمشاكلها. ووفق المصادر فإن الرئيس ماكرون حاول أكثر من مرة لا سيما في الأردن وفي شرم الشيخ لجمع الدول الفاعلة والمؤثرة في الملف اللبناني كالسعودية وإيران وتركيا وحثها للقيام بتحركات ضاغطة مع جميع القوى اللبنانية للحؤول دون إدخال لبنان في المحظور.
وتشير المصادر إلى حرص فرنسا على بقاء عملية انتخاب الرئيس بإرادة لبنانية وعدم التدخل مباشرة في ذلك وقد ظهرت المساعي الفرنسية في الأيام القليلة الماضية من خلال لقاء السفيرة الفرنسية آن غريو مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل حيث جرى البحث في الملفات ذات الاهتمام المشترك، لا سيما الإستحقاق الرئاسي والوضع الحكومي إذ حرص باسيل على التحريض على حكومة تصريف الأعمال وقوله بأن ذلك يؤدي بصورة متعمدة إلى الفراغ الرئاسي.
معظم الرؤساء والمسؤولين لا سيما الذين التقاهم الرئيس ميقاتي في شرم الشيخ أكدوا على ضرورة إنجاز الإستحقاق الرئاسي قبل أي شيء. وكان لافتاً ما صدر عن اجتماع الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس مع ميقاتي حول إذا ما كان بإمكان الأمم المتحدة القيام بمسعى لدفع عملية انتخاب رئيس جديد للبنان.
الإتحاد الأوروبي ليس بعيداً أيضاً، إذ أكد مصدر رفيع في الإتحاد لموقع “هنا لبنان” أنه إذا كان هناك إرادة لدى القوى اللبنانية لا يمكن لأي عامل خارجي أن يمنع انتخاب رئيس للجمهورية ويمكن تمرير هذا الاستحقاق لبنانياً، كاشفاً عن عقوبات جدية قد تطال معرقلي هذا الإستحقاق المهم على غرار ما حصل قبل الإنتخابات النيابية، وأشار إلى أن العقوبات قد تطال ممتلكات المعرقلين من السياسيين وصولاً إلى منعهم من السفر إلى دول الإتحاد، لافتاً إلى أن هذه العقوبات قد توضع بشكل تدريجي.
وكان الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل قد أكد مؤخراً “أن العقوبات التي يتبّناها الاتحاد الأوروبي هي دائماً عقوبات تستهدف السياسيين الذين نعتبرهم مسؤولين عن سلوكيات معيّنة يجب معاقبتها”.
العيون ستبقى شاخصةً على مجلس النواب خلال الأيام المقبلة إذ أن الرئيس نبيه بري سيدعو إلى جلسات متتالية لإنتخاب رئيس للجمهورية بعد أن فشل الحوار الذي دعا إليه، كما يترقب الجميع موقف حزب الله، في الوقت الذي لن تغيب فيه عيون المجتمع الدولي عن لبنان وسيبقى سيف العقوبات مسلطاً على المعرقلين الذين لم يتعظ بعضهم مما ناله سابقاً من عقوبات أطاحت بآماله وأحلامه الرئاسية.