باسيل في زاوية فرنجية
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
بانتقاله من وضعية الغموض وعدم الإشهار عن الخيارات إلى وضعية التلميح بتبني سليمان فرنجية، يكون حزب الله قد بدأ عملياً بوضع جبران باسيل في زاوية سليمان فرنجية، ذلك على الرغم من أن الحزب لم يتخلَّ بعد عن التزامه بعدم السير بفرنجية ما دام باسيل على معارضته لهذا الانتخاب.
يحاول حزب الله لملمة بيته الداخلي وإفهام الحلفاء بأن معركة بعبدا باتت من أهم المعارك، وبأن التأخير في إعلان المرشح سيرتب الكثير من الخسائر لا سيما وأنّ الورقة البيضاء قد فقدت الحد الأدنى من مشروعية استعمالها، وباتت عبئاً على الحزب وحلفائه.
وعلى هذا فإن باسيل المحشور بخطوة حزب الله، بات في وضع دراسة الخيارات، منها ما هو معروض عليه لجهة الاتفاق مع فرنجية مع ما يتبع ذلك من الحفاظ على المكاسب التي نالها في عهد عمه ميشال عون، ومنها الاستمرار بمعارضة انتخاب فرنجية والعمل في الوقت نفسه على كسب الوقت لرفع العقوبات واستعادة القدرة على التأهل للاستحقاق الرئاسي، حتى ولو كلف ذلك أشهراً وسنوات من الانتظار، وذلك أسوة بما انتظر العماد ميشال عون قبل العام 2016 ليصبح رئيساً ببندقية المقاومة التي عطلت مجلس النواب لانتخابه أكثر من سنتين، مع كل ما أنتجه ذاك التعطيل من خراب اقتصادي وتعطل للمؤسسات وسيطرة للدويلة على ما تبقى من مؤسسات دستورية في الدولة التي عادت وانهارت خلال عهد عون.
عملياً بدأ حزب الله يتعامل مع ترشيح فرنجية كما تعامل مع ترشيح عون مع فارق أنه لم يخط إلى الإعلان عن الاسم والالتزام به، ولهذا الغموض مغزاه. القراءة المتأنية لموقف حزب الله تفيد أنه قرر في هذه المرحلة الإيحاء بتأييد فرنجية من دون المجاهرة بانتظار ترتيب وضع باسيل، وربما بانتظار التأكد من أنّه قادر على تأمين 65 صوتاً لفرنجية، وهو ما لا تشك به أية جهة مراقبة، فكما استطاع أن يؤمن 65 صوتاً لبري كذلك سيستطيع أن يؤمن العدد نفسه لفرنجية، لكن السؤال يبقى هل سيسعى الحزب لتأمين فوز فرنجية فعلاً، في حال لم ينل الأخير غطاء عربياً ودولياً، وماذا عن الخيارات الأخرى؟
يبقى هذا الأمر مشكوكاً به حتى إشعار آخر. فحزب الله يريد أن يكون انتخاب الرئيس الجديد مناسبة للإمساك بموقع الرئاسة الاولى، لكنه في الوقت نفسه يريد رئيساً قادراً على أن يحمل عنه جزءاً من مسؤولية الأزمة، لا أن يكون عبئاً إضافياً في ظل الانهيار المتوقع استمراره لسنوات مقبلة. لهذا فإن الحكم على رئاسة سليمان فرنجية، سيكون من زاوية قراءة مدى قدرته على الوصل مع العالم العربي، ومع العالم، ومدى قدرته على أن يلعب الدور الذي لعبه سعد الحريري لفترة معينة قبل أن يؤدي هذا الدور به إلى ما انتهى إليه.
ويبقى السؤال متى سيبدأ حزب الله المرحلة الثانية من خطته الرئاسية ومتى سينتقل الى التأييد العلني لفرنجية، إذ حينذاك سنكون أمام واقع جديد، ومعركة في الداخل والخارج، وسيناريوهات قد تبدأ في الشارع ولا تنتهي في مجلس النواب.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |