“الكابيتال كونترول” المتأخّر: حلقةٌ جديدةٌ من خزعبلات السلطة!
كتب إيلي صرّوف لـ “هنا لبنان”:
أُقرّت يوم الثلاثاء الماضي المادّة الأولى من القانون الرّامي إلى وضع ضوابط استثنائيّةٍ ومؤقّتةٍ على التّحويلات المصرفيّة والسّحوبات النّقديّة، أو “الكابيتال كونترول”. حدثٌ لا يستأهل زغرودةَ ابتهاجٍ، بل دمعة حسرةٍ على المسار السّلحفاتي الّذي يسلكه القانون في أروقة المجلس النّيابي، وسط تأييدٍ من هنا وموجة اعتراضاتٍ من هناك.
منذ تشرين الأوّل 2019 وحتّى يومنا هذا، طَبعت الكثير من الأحداث المحليّة والإقليميّة والدّوليّة المشهد السّياسي العام، بين الانتخابات النّيابيّة اللّبنانيّة الّتي نحصد نتائجها، الأزمة الرّوسيّة- الأوكرانيّة الّتي غيّرت المعادلات، والحرب الباردة الّتي أطلّت برأسها بين الولايات المتّحدة الأميركيّة والصّين… غير أنّ مجلس النّواب لم يتمكّن من إقرار قانون “الكابيتال كونترول”، الّذي تأخّر أكثر من ثلاث سنواتٍ وبات “بلا طعمة”.
ويُجمع العديد من خبراء المال والاقتصاد على أنّ إقراره الآن سيكون سلبيًّا لا بل كارثيًّا.
هذا الموقف تؤيّده المستشارة القانونيّة والدّكتورة في القانون المصرفي سابين الكيك، الّتي تؤكّد لـ”هنا لبنان”، أنّ “هذا المشروع ليس كابيتال كونترول بالمفهوم الّذي يطلبه صندوق النّقد الدّولي ويطبّقه في العديد من الدّول. هذه المسودّة الّتي تدرسها الّلجان النّيابيّة المشتركة هي مسودّة مشوَّهة، الهدف منها تمرير الوقت”.
في موازاة إصرار بعض الكتل النّيابيّة على إقرار القانون، ومحاولة أخرى تلبية شروط صندوق النّقد بعد الاتّفاق على مستوى الموظّفين، يتخوّف كثرٌ من الأفخاخ الّتي جرى دسّها في مشروع القانون، وفي هذا السّياق، تشدّد الكيك على أنّ “إقرار الكابيتال كونترول الآن هو أسوأ ما يكون في الأزمة الحاليّة، لأنّ الأخيرة متشعّبة، كما أنّ هناك شغورًا في السّلطة التّنفيذيّة”. وترفض قول البعض إنّ “الكابيتال كونترول” ضروريٌّ اليوم قبل الغد، واصفةً ما يجري في هذا الإطار بـ “غسل الدّماغ”.
وتركّز على أنّ “الكابيتال كونترول ليس حلًّا”.
وترى أنّ “فرضه بعد أزمةٍ مصرفيّةٍ عمرها 3 سنوات، معناه أنّهم يُنهون أيّ نواة ثقة لا تزال موجودة بالقطاع المصرفي ويمكن إعادة البناء عليها مستقبَلًا”.
الرّئيسة التّنفيذيّة لمؤسّسة “Juriscale” توضح أنّ “الكابيتال كونترول يجب أن يأتي بعد سلسلة إجراءاتٍ بنيويّةٍ، وأن يكون من ضمن الخطوات الأخيرة لا الخطوات الأولى”، مؤكّدةً أنّه “لو أُقرّ القانون منذ أعوامٍ، لكان الوضع مختلفًا، لكنّه اليوم يُقَرّ في التّوقيت الخاطئ وفي التّراتبيّة الخاطئة بين الإجراءات”، ومبيّنةً أنّه “في ظلّ كلّ هذه المعمعة والحفرة العميقة الّتي وَضعونا فيها اقتصاديًّا وماليًّا، الكابيتال كونترول الآن يضرّ ولا ينفع”.
فجأةً، بات الكابيتال كونترول الهدف الأوّل والأسمى لمعظم النّواب والكتل، على الأقلّ إعلاميًّا، فهل ستشهد الجلسة الجديدة للّجان المشتركة يوم الإثنين المقبل إقرارًا له؟ أم مصيره السقوط؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
تحرير سعر ربطة الخبز… إلى 65 ألف ليرة سِر! | في سيناريوهات الحرب: مصير لبنان النّفطي معلّق بالممرّ البحري | جنود المستشفيات جاهزون للحرب… بشرط |