الحزب لا يريد ولا يستطيع


أخبار بارزة, خاص 18 تشرين الثانى, 2022

كتب راشد فايد لـ”هنا لبنان”:

ما لم يقل عن جلسات مجلس النواب الانتخابية الست هو أن أولى مغازي انعقادها أنها برّأت رئيس مجلس النواب من أي شبهة إخلال، أو تعطيل، لانتخاب رئيس الجمهورية، ويظهر عبرها أن عدم التوافق بين القوى اللبنانية هو السبب الأساسي وراء عدم انتخاب رئيس، حتى الآن. وتؤكد الجلسة الأخيرة ما بيّنته سابقاتها، وهو أن ليس بإمكان أي تحالف أو تكتل أن يؤمن النصاب اللازم لإيصال مرشحه إلى رئاسة الجمهورية، في ضوء الانقسام الحاد داخل مجلس النواب اللبناني. وفيما كان انتخاب رئيس لبنان محكوماً دائماً بتوافقات خارجية في المقام الأول، فإن الأمر في الانتخابات الحالية لا يخرج عن هذا الإطار، بل يمكن القول إن انتخاب رئيس لبنان يتوقف بصورة كبيرة على نتائج بعض الملفات ذات الصبغة الإقليمية والدولية. حتى أن الاستعصاء الانتخابي الراهن يبدو كإشارة استحضار للخارج ليلعب دور المقرر في مصير كرسي رئاسة الجمهورية، بحيث يبدو كل كلام من السياسيين، تحديداً الفاعلين والمقررين، بالمقاييس المحلية، على رفض التدخل الخارجي في انتخاب رئيس الجمهورية الجديد أقرب إلى دخان تعمية على الوقائع الحقيقية المعروفة منذ إعلان الاستقلال ورفع الانتداب الفرنسي عن لبنان، وعنوانها أن رئيس جمهورية لبنان هو خلاصة صراع إقليمي – دولي يتكرر كل 6 سنوات، مع اختلاف في بعض أصحاب الأدوار فيه، على مختلف المستويات. وها هو جبران باسيل، رئيس التيار العوني يطرق أبواب باريس ليستجلي حظوظه ولو لما بعد 6 سنوات، ولا ينتقد حليف المسلح استدعاء الخارج إلى معركة الرئاسة.

لم ينكفئ هذا التدخل، المرذول لفظياً، سوى عند إحلال وصي خارجي مباشر على الحياة العامة في البلاد، والنموذج الأوضح كان الوصاية السورية “المباركة” دوليا وعربياً، ولترتيبات لا علاقة لها بأي قرار محلي، بل بالصراع العربي الإسرائيلي، حينها. وهو، إذ لا يتضح اليوم، فلأن المشهد الإقليمي والدولي لم يحسم بعد، ولا يزال المقامرون على طاولته يناورون من طهران إلى فيينا وواشنطن، ويترقبون مشهد الحرب الروسية على أوكرانيا، وأحوال النفط والقمح والمؤن الاستراتيجية. أي أن انتخاب رئيس لبنان يتوقف بصورة كبيرة على نتائج بعض الملفات ذات الصبغة الإقليمية والدولية.

لأن الظروف المحيطة بلبنان على هذه الحال، يتجنب “حزب الله” تكرار فعلته التي فرضت، بسلاحه، ميشال عون في سدة رئاسة الجمهورية، ويختار، بديلاً من ذلك، فرض مفهوم سياسي جديد على الحياة السياسية اللبنانية، مفاده أن ترشيح أي شخص من الفريق الآخر هو تحدٍ له، ويمتنع في الوقت نفسه عن تسمية مرشح صريح له.

إذاً، لا يرشح الحزب شخصاً من عنده، أي من حلفائه، ويجمّد أمور الرئاسة في ثلاجة الإنتظار، لأن الظروف إقليمياً وعربياً ودولياً غير مؤاتية، ولأن المراوحة في الفراغ الدستوري ستكون أنسب له، حسب تقديراته، حين تنجلي الأمور. بدل أن يدخل في مواجهة سياسية، وغير سياسية اليوم، يصعب عليه تقدير أكلافها، وارتداداتها غداً، برغم أنه الفريق الأكثر قدرة على تأمين أغلبية نيابية مع حلفائه.

الواقع أن الحزب يمكنه أن يحول دون وصول رئيس معارض لمشروعه، لكنه عاجز عن إيصال نسخة ثانية من ميشال عون أو أميل لحود، لذا يشن هجوماً استباقياً على خصومه، يعبر عنه أمينه العام ونائبه مفاده أن “من يريد انتخاب رئيس للبنان يجب أن يبتعد عن منطق التحدي وعن رؤساء ومرشحي التحدي، وكيف تبني بلداً مع رئيس تحدٍّ يريد تحدي جزء كبير من الشعب اللبناني المؤيد للمقاومة؟

سؤال للاثنين: وهل لا يزال لمن تسميانها مقاومة دور بعد “قواعد الإشتباك” و”الترسيم البحري”؟

وسؤال آخر: وماذا عن الجزء الكبير الآخر من اللبنانيين؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us