بعد كورونا والكوليرا.. الحصبة: تهديد جديد للبنان؟
كتبت ليا سعد لـ” هنا لبنان”:
شهد العالم في السنوات الماضية، انتشار عدة أوبئة، أهمها الكورونا الذي طبع العالم بتغيرات كثيرة سترافق البشرية في العقود المقبلة.
انتشار الكورونا وانشغال العالم في كيفية محاربته، أسقط أهمية التصدي للأوبئة الأخرى الموجودة حول العالم مثل مرض “الحصبة”، الذي يعد من أسرع الفيروسات انتشاراً حول العالم.
ومع عودة تفشي كورونا في لبنان، هل سقطت أهمية تلقي لقاحات الأمراض الأخرى؟ ما هي الحصبة؟ وما الخطوات الوقائية للحد من انتشارها؟
شرح البروفيسور في علم الجراثيم والأمراض المعدية الدكتور محمود حلبلب لـ “هنا لبنان”، أن الحصبة هو فيروس سريع الانتقال وينتشر بسرعة لدى الأشخاص الذين لم يكونوا مناعة ضده. وأضاف حلبلب أن كل شخص مصاب يمكنه نقل العدوى من 10 إلى 12 شخص. وتتمثل عوارضه بالحمى والسعال، وعوارض حادة بالجهاز التنفسي، عوارض زكام وتورم الأذنين. وتتطور العوارض لتتحول إلى طفح جلدي في الجزء العلوي من جسم بعد حوالي 14 يوماً من التعرض للفيروس، ويمكن انتقاله إلى القسم السفلي.
وأضاف حلبلب أن المصاب بالفيروس يمكنه نقل العدوى بفترة تتراوح من 4 أيام قبل ظهور الطفح الجلدي لـ 4 أيام بعد ظهوره. ويمكن أن تتطور العوارض لتصبح خطيرة جداً، فكل حالة من ألف يمكن أن تصاب بالتهاب في الدماغ خاصة لدى الأطفال، ومن 1 إلى 3 أشخاص من أصل ألف تتطور العوارض ليصبح هناك تلف في الجهاز العصبي. وتنتقل العدوى من خلال الرذاذ الذي يخرج لدى السعال، ويمكن أن يعيش الفيروس في الهواء لمدة ساعتين.
وقسّم حلبلب الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالعدوى الى 4 أقسام وهي: حديثي الولادة، البالغين (أكثر من 20 عاماً)، النساء الحوامل والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة تضعف جهاز المناعة.
للتصدي لانتقال العدوى، قال د. حلبلب أن الحل الوحيد والفعال هو اللقاح الذي أصدر عام 1953، والمناعة المكتسبة منه يمكن أن تستمر مدى الحياة. والجرعة الواحدة يمكن أن تعطي مناعة بنسبة 93% والجرعة الثانية بنسبة 96%.
وأضاف أن عزل المريض لأربعة أيام بعد ظهور الطفح الجلدي مهم جداً، وعلى الجهاز الطبي المشرف على المريض أن يكون محصناً جيداً لعدم التقاطه العدوى.
أما عن فرضية أن تصبح الحصبة وباء عالمياً، قال د. حلبلب أنها فرضية بعيدة جداً، لأن معظم الناس ملقحون، ولكن هذا لا يمنع ظهور أعداد مصابين كبير في بلاد معينة. فمثلاً في الولايات المتحدة الأميركية، ارتفعت أعداد المصابين به، وكانت غالبية الحالات من الوافدين عبر المطار ومن غير الملقحين.
أما في لبنان، لا خطر كبير لانتشار الحصبة بسبب تلقي غالبية الأطفال لقاح الحصبة منذ الصغر، بل هناك تخوف من انتشاره في مخيمات النازحين، لأن أعداد الملقحين منهم غير دقيقة. والأزمة الإقتصادية في لبنان ستؤثر على أعداد الملقحين في الفترة المقبلة لعدم توفر الماديات لشراء اللقاح لدى عدد كبير من العائلات اللبنانية.
وختم حلبلب، أن أزمة كورونا أثرت على انتشار لقاح الحصبة ليس فقط في لبنان بل في كل أنحاء العالم. ولم تؤثر فقط على لقاح الحصبة، بل على لقاح شلل الأطفال الذي كان من المفروض أن يكون ثاني فيروس تم القضاء عليه بعد الجدري في العالم، ولكن انتشار وباء كورونا أخر القضاء عليه.
وتجدر الإشارة أن منظمة الصحة العالمية كانت قد أعلنت بالإضافة إلى وكالة أميركية معنية بالصحة العامة إن الحصبة أصبحت الآن تشكل تهديداً وشيكاً بانتشارها في مناطق مختلفة على مستوى العالم، إذ تسبب وباء كوفيد-19 في تراجع مستمر في عمليات التطعيم وإضعاف مراقبة المرض.
وقالت منظمة الصحة العالمية والمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها في تقرير مشترك، إن عدداً قياسياً بلغ زهاء 40 مليون طفل فاتتهم جرعة التطعيم ضد الحصبة عام 2021 بسبب العقبات التي سببها وباء كورونا. وأضافت أنها سجلت زيادة كبيرة في الإصابات منذ بداية عام 2022، حيث ارتفعت من 19 إلى 30 تقريباً بحلول سبتمبر أيلول، مضيفاً أنه يشعر بالقلق بشكل خاص بشأن أجزاء من منطقة أفريقيا جنوب الصحراء.
إذاً، لا تهديد حقيقي للحصبة على لبنان حتى الساعة، ولكن لا تهملوا تلقي اللقاح ضده، وخذوا الحيطة والحذر في حال ظهرت عليكم أو على المقربين منكم أحد عوارضه.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الأدوية المنتهية الصلاحية.. خطر كبير يهدد مرضى السرطان! | مهنة صيد الأسماك مهددة بالتوقف… والكوليرا أحد الأسباب؟ | بالأرقام: الكوليرا وتلوث نهر الليطاني… كارثة حقيقية تهدد لبنان! |