لطيّ صفحة الـ “1500” المعتمدة في تسعيرة الكهرباء… وأهلاً بالـ6 أصفار!

كتبت ريتا صالح لـ “هنا لبنان”:

في كل مرّة يغرق لبنان بالأزمات التي تسببها الدولة، تغيب السلطة الحاكمة أي المنظومة الفاسدة عن الإتيان بأي حلّ مستدام للمشكلة الراهنة. وكأنّ الحكّام في البلد يجتهدون بالتخريب والتعطيل ويرسبون بإيجاد الحلول النهائية الشاملة والكاملة.

بعد أزمة الكهرباء التي بات لبنان يعاني منها منذ سنوات، أتت حكومة تصريف الأعمال بقرار رفع تعرفة الكهرباء. وكما بات معلوماً، فإنّ الزيادات التي ستلحظها التسعيرة الجديدة ستكون على الشكل التالي: 10 سنتات لأوّل 100 كيلوواط في الساعة، 27 سنتاً أميركياً لكل استهلاك يزيد عن 100 كيلوواط في الساعة، وتعرفة شهرية ثابتة وهي 21 سنتاً أميركياً لكلّ أمبير، و4,3 دولارات بدل تأهيل، كما وتحتسب التعرفة بالليرة اللبنانية وفق سعر صيرفة وترتبط بمؤشر سعر النفط العالمي.

وبالتالي، فإن المواطن أصبح واقعاً بين شقين، الأول، كيفية ثمن استهلاكه للكهرباء التي كان ينتظرها يومياً ساعة واحدة، وذلك لتشغيل الغسالة، المكواة، الهوفر، المياه الساخنة، وغيرها، وعندها، كان يوفّر ساعة من استهلاك المولد الكهربائي الذي يدفع ثمن استخدامها بالملايين. والثاني، هو أهمية الوعي لعدم تخطي الكيلوواط المناسب مع قدرته المالية.

أمّا اليوم، وبعد قرار رفع التعرفة، فهل استوعب المواطن كيف ستصبح تسعيرة فاتورة الكهرباء لديه؟ وهل فهم مضمون القرار الجديد وكيفية تطبيقه؟؟

في معلومات خاصة لـ “هنا لبنان” أنه يجري البحث في خفض 27 سنتاً لكل استهلاك يزيد عن 100 كيلوواط في الساعة إلى 17 سنتاً أمريكياً.

وفي هذا الإطار، أوضح أحد موظفي شركة كهرباء لبنان لـ “هنا لبنان” أن فاتورة الكهرباء ستختلف حسب مصروف استهلاك كل منزل، شارحاً أنه ليس من الصعب استهلاك أقل من 100 كيلوواط، خصوصاً أن الكهرباء لا تأتي كثيراً. وإذا تم اقتصاد استهلاك الكهرباء يمكن للفرد أن يصرف أقل من 100 كيلوواط. كما ولفت إلى أنه إذا أتت الكهرباء من ثلاثة إلى أربعة ساعات في النهار، وإلتزمت الشقق الصغيرة بعدم استهلاك الكهرباء عشوائياً وضبطت مصروفها، ستأتي الفاتورة نحو 20 إلى 25 دولاراً أمريكياً أي حوالي 600- 700 ألف ليرة لبنانية حسب سعر صيرفة كحد أقصى. وتابع، أنه إذا استمر وضع الكهرباء على ما هو عليه اليوم أي إعطاء الكهرباء ساعة في اليوم، وتم رفع التعرفة، فالفاتورة ستأتي بسيطة. وأوضح في حديثه أن الدولة تعمد على رفع التعرفة لشراء الفيول لإضاءة المعامل الكهربائية كلها ولتزيد من نسبة ساعات الكهرباء في النهار، وفي هذه الحال على المواطن ضبط استهلاكه لعدم دفع رقم كبير لفاتورة الكهرباء. وأكد أم كل من سيلتزم بتسعيرة الـ 10 سنتات لن تكون فاتورته أكثر من 700 ألف ليرة، ومن سيزيد عن الـ 100 أي تقريباً 160 كيلوواط ستكون فاتورته حوالي الـ1800 ألف ليرة. وشدد على أن كل العملية تقتصر على مدى إلتزام الناس باستهلاكهم للكهرباء. وقال أنه إذا تم مقارنة استهلاك كهرباء الدولة واستهلاك المولد الكهربائي سيكتشف المواطن حينها أنه رغم رفع التعرفة أن فاتورة المولد أعلى بكثير من فاتورة كهرباء الدولة.

وكشف الموظف في شركة الكهرباء لـ “هنا لبنان” أن كل هذه العملية لن تجني للدولة اللبنانية أي ربح، بل ستغطي لها مصاريفها، لأن الفيول المستورد عبر الشركات الخاصة سعره مرتفع جداً.

ورأى أنه بالرغم من رفع التعرفة، أن استهلاك كهرباء لبنان أقل بكثير من استهلاك المولد الكهربائي، شارحاً بمثل بسيط أن المواطن باستهلاكه أول كيلوواط من المولد يدفع 20 ألف ليرة، أمّا أول كيلوواط من استهلاك كهرباء الدولة فهو يدفع 3 ألف ليرة. وأوضح أن استهلاك كهرباء الدولة للمواطن الفقير أو ذو الدخل المحدود أرحم بكثير من المولد. كما وأشار إلى أن قبض الفواتير على التعرفة الجديدة سيبدأ في شباط المقبل.

وبعدما أجرى “هنا لبنان” أحاديث مع المواطنين، تبيّن أن قسماً منهم لا يدري أبعاد هذا القرار، حيث لا يزال يستهلك الكهرباء كما في السابق، وكأنه يعيش على “الألف وخمسة”. أمّا القسم الأكبر من الناس، أدركوا قرار رفع التعرفة، وباتوا أكثر تيقظاً واستيعاباً لوضع الكهرباء.

ولكن، وبالرغم من كل تلك التغييرات على صعيد الكهرباء، إن غالبية المواطنين ومنهم من وضع “الطاقة الشمسية” لا يستطيعون التخلي عن استهلاك كهرباء لبنان ولو بشكل ضئيل.

ختاماً، الغلاء الفاحش أصبح سيّد الموقف في لبنان، وبدل أن تكون فاتورة المولد ضخمة ومرتفعة، سيكتشف المواطن قريباً أن فاتورة الكهرباء التي كان يهلّل كلّما حلّ نورها على المنازل تضاعفت، وأصبحت تنافس فاتورة المولد، إذا لم يضبط المواطن استهلاكه للكهرباء.

لعلّ وعسى أن تنفذ خطة مستدامة لحلّ أزمة الكهرباء، ونتوقف عن شراء الفيول واستيراد البواخر، ولإيجاد حلّ شامل للكهرباء في لبنان…

مواضيع مماثلة للكاتب:

الصحة الإنجابية في خطرٍ كبير… لبنان كالصين: ولد واحد لكل عائلة!

القطاع التعليمي في لبنان عالق بين “الردّين” و”المفاوضات”

أحداث الجنوب تربك اللبنانيين.. إلغاء رحلات ورفع للأسعار!