مجلس الوزراء بين سجال دستورية الإنعقاد والقرارات.. مالك لـ “هنا لبنان”: المراسيم نافذة ولكنها عُرضة للطعن
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
توسع السجال الذي طال ميثاقية ودستورية جلسة مجلس الوزراء ليطال المراسيم التي تترجم قرارات الحكومة ومن يوقع نيابة عن رئيس الجمهورية في ظل وجود حكومة تصريف أعمال تسلمت صلاحيّات رئيس الجمهورية وتلتئم في ظلّ شغور رئاسي.
في وقت يرى المعارضون لانعقاد مجلس الوزراء في ظل حكومة تصريف أعمال أن “رئيس الجمهورية لا يجزأ، والصلاحيات اللصيقة بشخصه لا أحد يمارسها عنه والصلاحيات المرتبطة بتوقيعه يمارسها مكانه كل الوزراء كما حصل بين عامي 2014 و2016 “، يتجه التيار الوطني الحر إلى الطعن بالمراسيم التي ستصدر بتواقيع مختلفة عما كانت عليه الأمور في المراسيم التي صدرت عن حكومة الرئيس تمام سلام، واعتمدت توقيع كل أعضاء الحكومة في المكان المخصص لتوقيع رئيس الجمهورية. إذ أن المراسيم المتداولة اليوم تحمل تواقيع الوزراء المختصّين وتوقيع رئيس الحكومة مرّتين على المرسوم: مرّة بصفته رئيساً لمجلس الوزراء، ومرّة بصفته ممثّلاً عن مجلس الوزراء الذي أخذ قراراً بالإصدار بالوكالة عن رئيس الجمهورية.
في هذا الإطار أكد الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك لموقع “هنا لبنان” أنه “من الثابت أن القرارات التي صدرت عن مجلس الوزراء يجب أن تصدر بمراسيم، يوقعها رئيس الحكومة المستقيلة مع الوزير أو الوزراء المختصين لا غير، ولا حاجة لتوقيعها من جميع الوزراء إن كانوا حاضرين أو متغيبين.
تصدر هذه المراسيم وتنشر في الجريدة الرسمية وتصبح نافذة من تاريخ النشر. علماً أن هذه المراسيم تبقى عرضة للطعن أمام مجلس شورى الدولة بقانونيتها بحيث أنه يحق له إبطالها في حال تبين له أنها صدرت عن مرجع غير صالح، أي بمعنى آخر أن تكون الحكومة قد تجاوزت صلاحيات تصريف الأعمال بالمعنى الضيق وأن تكون قد ذهبت إلى بنود وقضايا ليست ملحة وليست طارئة ولا تتسم بالضرورة القصوى. وبالتالي يحق لمجلس شورى الدولة إبطال هذه القرارات في حال اعتبرها صادرة عن سلطة تجاوزت صلاحياتها. مع التأكيد أن المراسيم تصدر فقط بتوقيع رئيس الحكومة المستقيلة والوزير والوزراء المختصين فقط لا غير، وكل ذلك عملاً باجتهاد مجلس شورى الدولة”.
وشدد مالك على أنها “ليست المرة الأولى التي نكون فيها أمام واقع حكومة تتسلم مهام رئيس الجمهورية، فعندما انتهت ولاية الرئيس أمين الجميل في 22 أيلول 1988 كان يومها الجنرال ميشال عون قائداً للجيش، وقد تم تعيينه رئيس حكومة عسكرية، وتسلمت هذه الحكومة مقاليد الحكم بغياب رئيس الجمهورية. وكان هناك فراغ رئاسي أصدرت خلاله هذه الحكومة رزمة من القرارات والمراسيم وقعها حينها الجنرال ميشال عون بصفته رئيس حكومة انتقالية إضافة إلى تواقيع الوزير أو الوزراء المختصين. ثم تم تقديم طعون بهذه المراسيم أمام مجلس شورى الدولة حيث خلص إلى التأكيد أن هذه المراسيم تصدر فقط عن رئيس الحكومة والوزير أو الوزراء المختصين. وأهم هذه القرارات القرار 74/95 صادر عن مجلس شورى الدولة – مجلس القضايا .
وأيضاً هناك دعوى قدمت من اللواء منير مرعي على الدولة اللبنانية، قرار رقمه 164/96 تاريخ 19/12/1996
ورأى مالك أن “هذه الزوبعة التي يحاول فريق سياسي معين إثارتها لتحقيق مكاسب ورفع السقوف لا تفيد على الصعيد القانوني والدستوري، إذ أن الموضوع واضح لرجال القانون وواضح للمطلعين منهم. إنما إذا أردنا تسييس الملف والذهاب نحو اعتبار أن عدم توقيع رئيس الجمهورية هو استهداف لفئة أو طائفة نكون قد أصبحنا نتعاطى سياسة وليس قانون.”
وعن سابقة توقيع الـ 24 وزيراً في حكومة الرئيس تمام سلام، لفت مالك إلى أن “الرئيس سلام ذهب الى٦ اعتماد كتلة الـ 24 وزيراً وكذلك فعل الرئيس فؤاد السنيورة حين تسلم المقاليد بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود. ولكن هذا لا يعني أن ما أقدموا عليه هو دستوري بل هو مخالف لأحكام الدستور لأنه تم إعطاء الوزراء أكثر من ما هو بالأساس لرئيس الجمهورية. مثلاً عندما يصدر قرار عن مجلس الوزراء في حال وجود رئيس الجمهورية وصدر مرسوم نتيجة هذا القرار، ما هي الحقوق التي تعطى لرئيس الجمهورية؟ هو لديه مهلة 15 يوماً إما أن يوقع المرسوم ويصدره ويطلب نشره وإما أن يطلب إعادة النظر به. وإذا أكد مجلس الوزراء على المرسوم يصبح نافذاً بالتالي ليس لرئيس الجمهورية صلاحيات أكثر من ذلك وبالتالي كيف نعطي الحق لوزير في الحكومة أن يصادر مرسوم لديه ولا يوقعه ويكون هذا الوزير قد أخذ أكثر من صلاحيات رئيس الدولة”.
وعن السجال حول المراسيم “الجوالة”، لفت مالك إلى أن هناك “نوعان من المراسيم: العادية وتلك التي تتخذ نتيجة قرارات تصدر عن مجلس الوزراء.
المراسيم الجوالة تنطبق فقط على المراسيم العادية. فإذا كان على جدول الأعمال بنود ممكن أن تبت بمراسيم جوالة، كان من الأفضل الذهاب إلى اعتمادها كونها مراسيم عادية، أما المرسوم الذي يحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء فعليه أن يجتمع، ولا يمكن أن يحل مكانه المرسوم الجوال. مثلاً موضوع المستحقات المالية يحتاج إلى اجتماع مجلس وزراء ولا يمكن أن يُحلّ بمرسوم جوال.”
وإذ شدد مالك على وجوب قراءة الدستور ككل متكامل، لفت إلى أن “البنود التي عالجها مجلس الوزراء في الجلسة الأخيرة هي بنود طارئة وملحة وضرورية، إلا أنه عندما تم تحديد جلسة بجدول أعمال يتضمن 65 بنداً كنت من الداعين إلى عدم تلبية الدعوة لأنها كانت تنسف الدستور لناحية تصريف الأعمال بالمعنى الضيق واعتبرت أن الرئيس ميقاتي حينها كان يخالف الدستور، أما الرأي حول توقيع المراسيم فلا مخالفة دستورية فيه”.
أمام هذا السجال المتكرر حول النصوص الدستورية، يبقى أن لا حل إلا بانتخاب رئيس للجمهورية، ويفتح يومها الباب أمام إمكانية توضيح بعض المواد الدستورية لعلنا ننتهي من هذا الجدل المتكرر.
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |