بكركي لم تبدِ حماسةً لطرح باسيل: الراعي يئس من الحوار الداخلي ويفضّل تدويل الأزمة
كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان”:
بعدما أدرك أنّ آماله بالوصول إلى سدّة الرّئاسة باتت معدومة، إن من حلفائه المقرّبين، أو من اللاعبين الخارجيين، حاول رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، رمي طابة الاستحقاق الرئاسي في ملعب البطريركية المارونية، من خلال الحجّ العونيّ إليها، إن من باسيل أو من رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، طالباً منها رعاية كنسية لحوار مسيحي – مسيحي، يطرح اسم شخصية أو مجموعة من الأسماء لخوض الانتخابات من رحم الإجماع الذي قد يتولد من هذا الحوار. وهو في ذلك يطلب تكرار تجربة اجتماع الأقطاب الموارنة في بكركي عام ٢٠١٤، عندما جمع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الزعماء المسيحيين الأربعة: الرئيس ميشال عون، الرئيس أمين الجميل، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية.
بكركي لم تبدِ حماسةً لهذا النوع من الحوارات وأعرب البطريرك صراحة أمام زوّاره عن موقفه أنّه ليس بوارد تكرار التجربة، فالأولوية اليوم حصراً هي للملف الرئاسي.
ووفق مصادر مقربة من بكركي لموقع “هنا لبنان” ففي الوقت الراهن لا إمكانية لعقد لقاء جديد للأقطاب الموارنة والأفضل الاستمرار في سياسة الاتصالات الفردية أو اللقاءات الثنائية، لأنّ أيّ لقاء لن يقدم ولن يؤخر في ظل تمسك الأطراف بمواقفهم.
وتضيف أنّ اللبنانيين اليوم أظهروا أنّهم عاجزون عن الجلوس على طاولة واحدة والتّفاهم فيما بينهم، وما يحصل خلال جلسات انتخاب رئيس الجمهورية أكبر دليل على ذلك، ومن هذا المنطلق، لا يتوقّع البطريرك أي نتيجة إيجابية ويفضّل بالتالي أن يلجأ إلى الحوارات الثنائية ويلتقي مع كل شخصية مسيحية بدل جمع كل القيادات في الصرح البطريركي، مؤكدةً أنه لن يكرر تجارب الحوار السابقة أو حتى تسمية مرشحين لرئاسة الجمهورية.
مصادر بكركي تشير إلى أن الظروف تغيرت بالكامل وبأنه من المتعذر حالياً جمع الأقطاب الموارنة في بكركي وهي تقارب استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية من موقع وطني ولطالما كانت من دعاة الحوار وتؤمن أن لا حلّ إلا بالحوار، وتذكر بوجود لجنة نيابية منبثقة عن الأحزاب المسيحية أنجزت الكثير من الأمور وقرّبت وجهات النظر.
وتستدرك المصادر بالقول إنّ غبطته يفضل هذه المرة مقاربة هذا الاستحقاق في المؤسسات الدستورية فهو يدرك أن الوضع متشنّج على المستوى المسيحي وعلى المستوى الوطني أيضاً، وهو يتريّث بالدعوة إلى الحوار العام، قبل ضمان نجاحه ونتيجته، والتأكد من تلبية الجميع للدعوة، خصوصاً أن بعض الأطراف أعلنت تريّثها ورفضها للحوار.
لا تنفي بكركي إدراكها أن القطبة المخفية في انتخاب رئيس للجمهورية ليست داخلية، وأنها في مكان ما خارج الحدود. ولا تخفي مصادر الصرح أنه بات معلوماً للجميع أن الحل والربط ليس في الداخل اللبناني بل يرتبط بحسابات إقليمية ودولية شائكة. وتدرك بكركي أيضاً أنّ أزمة لبنان لا تقتصر على المسيحيين فقط، بل إنّ الجميع شركاء فيها، لكنّ ذلك لا يُعفي المسيحيّين من مسؤولياتهم للولوج إلى تفاهمات لبنانية.
وتضيف المصادر لموقع “هنا لبنان” أن البطريرك لا يمانع من إطلاق الحوار ولكنّه يئِس من الحوار الداخلي لذلك أطلق دعوته إلى تدويل الأزمة، ولكنها توضح أن البطريرك الراعي لا يريد وصاية دولية جديدة إنما رعاية دولية لجلوس اللبنانيين مع بعضهم، على أن يجترح اللبنانيون الحلول وتساعد هذه الدول على تطبيقها.
وتشرح المصادر أن البطريرك لا يسعى من خلال دعوته هذه إلى تغيير اتفاق الطائف أو وضع دستور جديد، فالراعي يدرك أن المشكلة ليست بالدستور، إنّما بتطبيق الدستور، وأمام كل أزمة يقف اللبنانيون عاجزين عن حلّها ويخلقون أعرافاً جديدة.
إذاً، قالت بكركي كلمتها وردت باسيل خائباً، بإفشال محاولته بأنّه إن لم يكن رئيساً للجمهورية، قد يكون صانعاً للرؤساء خصوصاً بعدما برز رفض باقي الأطراف المسيحيين بملاقاته على طاولة حوار، وبعدما بلغ حدّ الخصومة بينه وبين الأقطاب المسيحيين، إن من القوات اللبنانية أو من تيّار المردة، حدود اللاعودة، وهم يقاربون أي تعاون أو حوار أو تسوية مع باسيل في المستقبل على قاعدة أنّ “المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
المحكمة العسكرية ضحية “الكيدية” | مسؤولون لبنانيون للوفود الديبلوماسية: الأولوية للترسيم البري بدل الالتهاء بالقرار 1701 | أونصات مزورة في السوق اللبناني… والقضاء يتحرك |