هنا لبنان "المأزق" كلمة لا تفي بالمطلوب في توصيف استحقاق رئاسة الجمهورية

أخبار بارزة, خاص 17 كانون الأول, 2022

كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:

يعكس تقريرٌ أعدَّه دبلوماسي أجنبي، خبير في الشؤون اللبنانية، وعمِل في بعثة بلاده في أكثر من عاصمة، ومنها بيروت، وعاصر أكثر من انتخابات رئاسية، تشاؤمًا كبيرًا في ما يختص باستحقاق انتخابات الرئاسة في لبنان.

ومما يورِد في تقريره أن ملف انتخابات الرئاسة في لبنان موضوع في ثلاجة الإنتظار للأسباب أو الاعتبارات الآتية:

السبب الأول أميركي، وهو أن الأدارة الأميركية مهتمة بما بعد الإنتخابات النصفية وبتثبيت وضع الديموقراطيين، تمهيدًا لإعادة ترشيح الرئيس جو بايدن لولاية ثانية.

السبب الثاني فرنسي، وهو أن الفرنسيين يدركون محدودية دورهم، خصوصًا بعد تردي العلاقات بينهم وبين إيران على خلفية استقبال الإليزيه لوفد نسائي من المعارضة الإيرانية، ما استدعى استياء لدى النظام الإيراني وتخفيفًا لمستوى الاتصالات بين طهران وباريس.

السبب الثالث هو الانهماك الدولي والانغماس في الحرب الروسية الأوكرانية.

السبب الرابع أن الاتفاق النووي بين الغرب وإيران مازال معلقًا.

انطلاقًا من هذه المعطيات مجتمعة، فإن الاستحقاق الرئاسي اللبناني لا يظهر على شاشات عواصم القرار، وما هو ظاهر يقتصر على الملفات الآنفة الذِكر.

يُستخلص مما تقدَّم أن ما جرى منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق العماد ميشال عون، ليس سوى ملء الفراغ بالوقت الضائع، وأن الجلسات العشر التي انعقدت في مجلس النواب بهدف “انتخاب” رئيس جديد للجمهورية، ليست سوى سيناريو معدّ بإتقان، وقد كلّف “السيناريست” النيابي الرئيس نبيه بري بإعداد كلمات الفيلم وحواراته تحقيقًا للوصول إلى ما وصل إليه من نتيجة وهي: “صِفر”.

من هنا إلى أين؟

لا أحد يجرؤ على القول إنه يملك الجواب، فحتى الساعة، لا أحد من المرشحين الجديين أعلن ترشيحه، والسبب في ذلك عائد إلى أن كل مرشح من هؤلاء المرشحين لديه نقطة أو نقاط ضعف بحاجة إلى معالجتها، هذا إذا نجح في المعالجة، قبل الإقدام على الجهر بالترشيح رسميًا. فعلى سبيل المثال لا الحصر، رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه لديه “نقطة ضعف” تتمثل في ضعف التأييد المسيحي والغطاء المسيحي له، وإنْ كان يشكِّل “العين الثانية” بعد الرئيس السابق ميشال عون، لدى حزب الله.

رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل نقطة ضعفه أنه معاقب أميركيًا وأنه بات يشكِّل “نقزةً” لحزب الله بعد الكلام “الجارح” الذي قاله في حق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وحتى “مقابلة الإعتذار” لم تنجح في محو الإساءة، وتكشف معلومات أن باسيل لا يتمتَّع بالمقبولية لدى حزب الله وأنه تبلَّغ رسالةً مفادها أن الحزب لا يمكنه السير به لأنه مرشح تحدٍّ.

قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي لم يَطرح يومًا أنه مرشح، يقول البعض أنّ انتخابه يحتاج إلى تعديل دستوري، علمًا أنه إذا انتُخِب بأكثرية الثلثين فإن الطعن بانتخابه لا يستقيم لأنه لا يعود بالإمكان توفير ثلث لتقديم الطعن.

لكن كل هذه المعطيات هي ما قبل “رفع الستارة” الرئاسية، أما متى تُرفَع الستارة فليس في القريب العاجل، لأن المسرح لم يُجهَّز بعد. وفي الإنتظار فإن التقرير الديبلوماسي يخلص إلى توصية تقول: “راقبوا حركة الرئيس بري، فهو أحد القلائل الذين يملكون قطعةً من البازل الرئاسي، بالنيابة عن حزب الله أو بالتفاهم معه”.