هزل العبثية


أخبار بارزة, خاص 23 كانون الأول, 2022

كتب راشد فايد لـ “هنا لبنان”:

كريم بن زيمة لاعب كرة قدم فرنسي يلعب مع نادي ريال مدريد في الدوري الإسباني ومنتخب فرنسا، يشتهر بقدراته الهوائية، ومعدل العمل العالي لديه، وصناعة الألعاب، وحسن الإنهاء ويُعتبر أحد أفضل المهاجمين في جيله.
وصل بن زيمة إلى مكانة بارزة في نادي ريال مدريد الإسباني وفاز بـ 22 لقبًا، بما في ذلك أربعة ألقاب في الدوري الإسباني، ولقبان في كأس الملك، وخمسة ألقاب في دوري أبطال أوروبا، ويحتل المرتبة الثانية كأكثر الهدافين في تاريخ النادي. بالإضافة إلى كونه أكثر من صنع أهدافًا في تاريخ النادي. أثناء وجوده في ريال مدريد، حصل بن زيمة أيضًا على جائزة أفضل لاعب فرنسي ثلاث مرات، وحاز هذا العام جائزة “الكرة الذهبية”.
لم يشارك بن زيمة مع منتخب بلاده في منافسات كأس العالم في قطر، بسبب تعرضه لإصابة قبيل بدئها، وسنداً إلى قرار اللجنة الطبية الخاصة بالفريق بأنه يحتاج إلى الراحة نحو شهر، خلافاً لرأي اللجنة الطبية في ناديه الإسباني، التي رأت أنه يحتاج إلى أسبوع، ورأى جمهور معجبيه أن هناك تواطؤاً بين المدرب الفرنسي ديدييه ديشان واللجنة الفرنسية، وزملاء في الفريق ينافسونه ويتفوق عليهم، خصوصاً أنه قد تعافى بعد خمسة أيام فقط من إصابته، ما يعني أنه كان من الممكن أن يكون جاهزًا لدعم صفوف منتخب فرنسا في أدوار خروج المغلوب أو ربما قبل ذلك بقليل.
رواية ما تقدم لا علاقة لها بالسياسة، بل هي مثال على تضخم الأنا ولو على حساب المصلحة الوطنية العليا، وهو ما يعيش اللبنانيون بسببه أزمات حياتية تمتد من الوعود العقيمة بـ “الإصلاح والتغيير” إلى إقفال كل الأبواب أمام كل الحلول التي اقتُرحت لإنهاء أزمة الكهرباء، والإمعان في سيطرة الأنا بالتمسك بمشاريع فاشلة كالسدود المائية.
الحال نفسها تتكرر بوجوه أخرى أكثر عبثية تستهدف الإخلال بالدستور منذ أن آل قصر بعبدا إلى العم، وأقام للصهر مقراً في “الحوش” الرئاسي، وابتدع المستشارون حق الرئيس في عقد مشاورات مع النواب لتشكيل الحكومات، وخضوعهم لـ”الإمتحان” لدى “سدنة البلاط” وإمامهم الصهر.
توج العبث الولّادي في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية العتيد، وما كان دستورياً تحول إلى مسخرة سياسية، من الأوراق البيض إلى تشظي الأسماء، بين اسم شخص واسم عائلته، وطرح أسماء متهمين بالفساد، ووازى ذلك رفض أعمى لانعقاد مجلس الوزراء، برغم انفجار الأزمات، وجوع البلاد وعتمتها، والإصرار على مراسيم جوّالة فرضها في السابق وضع أمني متفجر، ليس قائماً حالياً، واشتراط تواقيع الوزراء الـ 24 على ما قد يصدر منها، حتى يظل التيار العوني قادراً على عرقلة ما لا يستسيغه منها.
قمة الهزل في هذه العبثية، تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، ورفض اجتماع مجلس الوزراء، واشتراط الإجماع الوزاري على ما قد يقره ولو بالمراسلة. وقمة القمة أن المجتمع الدولي ينادي اللبنانيين أن ينتخبوا رئيساً، بينما أغلب قياداتهم تبحث عن مكاسبها السياسية، وغير السياسية، والانتفاع من أزماتهم، وحتى من حلولها الممكنة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us